الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤٧ مساءً

معا من أجل الاصلاح .. لا للعن الواقع والتنظير البائس للمستقبل

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
د. حسين حاصل
كاتب يمني مقيم حاليا بالقاهرة
[email protected]



تفاؤل الكثير من أبناء اليمن بنجاح مؤتمر المانحين الذي عقد قبل أيام بلندن وكان
التفاؤل في مكانه الصحيح ضد من دعا بالنذور وقال بأنه لم يلعن الظلام بل أشعل شمعا اسود
لا لهب فيه رغبة منه في التفاؤل وهو يقول بان هذا المؤتمر فاشل قبل انطلاقه، إضافة إلى
أن الكثير من الأحزاب السياسية أو ممن يمثلونها حكموا عليه بالفشل مقدما واعتبره البعض
تسولا سواء نجح أم لم ينجح ليترك كلا منهم أمامه مجالا واسعا للحديث ففي حالة الفشل
ربما سيُقال أن السبب في ذلك هو الرئيس وسياسته أو إدارته للازمة الحالية التي استدعت
إقامة هذا المؤتمر وسيكملون بالقول بان هناك نقصا كبيرا في التحضيرات، إما إن حالفه
النجاح - كما حصل- فهم قد قالوا كلمتهم بان ذلك هو عبارة عن تسول !! .. حقيقة لا أدري
كيف سيكون الإصلاح في ظل هذه الأوضاع التي تضع الكثير في احد اتجاهين إما مهاجم أو
مدافع ولا وجود لقانون الوسط هنا لان الصراع القائم غير المتذوق لأي شيء من الجهة
الأخرى يلزمك بأحد اتجاهين كمخارج تحددها أضواء تسلط عليها من قبل من يتولون إدارة دفة
الحوار والمقال إما بالخفاء أو العلن، ومن الإحداث التي سبقت انعقاد المؤتمر نجد أنفسنا
بعد ذلك الحديث والمهاترات التي كانت قائمة في الأيام القليلة قبل وأثناء انعقاد
المؤتمر نخلص إلى التالي:

- هناك حكومة جديدة – ملزمون بمختلف توجهاتنا بأن نسميها جديدة "على الأقل توجهاً"
لأن الناخب اليمني حدد توجهاته المستقبلية في اختيار من يمثله ومن يقود البلد إلى
المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية لسبعة أعوام قادمة وهذا أمر مفروغ منه - وهي
تقوم حاليا حسب ما أعلنته بخطوات جدية للإصلاح بمفهومه العام بداية من الإعلان عن
محاربة الفساد بأشكاله المالية والإدارية المختلفة ونهاية في محاولة اتخاذ خطوات من
شأنها تسريع موجة التنمية الشاملة، من ضمنها كان النجاح الكبير الذي حققه مؤتمر
المانحين المنعقد مؤخرا بلندن ولمسنا جميعا ما قامت به الحكومة من تحضيرات له حققت معها
النجاح ، ونحن هنا كأبناء شعب كل ما يهمنا هو رقي اليمن وتحسن أوضاعه ليشعر بها ومعها
كل فرد يمني ، نقول - دون المشي وراء ظل معين يحدده اتجاه سياسي ضيق الأفق- ما قامت به
الحكومة خلال هذه الفترات القليلة السابقة وعقب الانتخابات الرئاسية والمحلية كان يعلن
بوضوح أن هناك توجهات جديدة وجدية ومتسارعة للإصلاح ونحن سنكون وراءها وسنهتف لها إلى
ما لا نهاية مادامت تحقق لأبناء هذا الشعب ما يتمناه من خطوات جدية لأجل يمنٍ أفضل،
فوضع اليمن اقتصاديا لا يسمح له بالانتظار لأعوام قادمة لمن يظن انه سيأتي على جواد
ابيض محمل بكل خيرات الدنيا لانتشال الأوضاع حسب بعض التصورات التي ربما لا يقلقها أن
تزيد الأوضاع سوءا ، فبدلا من المشاركة الفاعلة في الإصلاح يكتفي البعض باللعن
والتنظير.

- هناك المعارضة التي تمثلت بأغلبية في تكتل (أحزاب اللقاء المشترك) والتي لم يستطع
الكثير تقبل هذا التحالف المتناقض فكريا وأيدلوجيا إلاّ أن الحديث عنه الآن كموجود فاعل
على الساحة السياسية وبالتالي تجاوزا لذلك.. شعر الكثير أن مواقف بعض هذه الأحزاب
المعارضة كان سلبيا إلى أقصى الحدود إما في النظرة التشاؤمية أو بوصف محاولة جذب
الاستثمارات والتمويل المالي إلى اليمن هو عبارة عن تسول وأن فيه إذلال أو ما شابه
لكرامة الإنسان اليمني الذي كان بانياً للحضارة - وما يزال-، وهذا واضح من خلال
الأحاديث الصحفية أو بعض المواقع الإخبارية بالدرجة الأساس، ولا ادري بالفعل من أين حق
لهم وصف هذا بالتسول، أيعني جلب ما يقارب "ميزانية" هو تسول؟!!، ما البديل الذي من
الممكن أن يوجده من وصف هذا بالتسول وبأي عقلية يفكر، يقولون إصلاح الأوضاع هو ما
يغنينا عن الذهاب الى هنا وهناك، نقول لهم إن العقل يقول إن إصلاح الأوضاع خلال أشهر
وسنوات قادمة سيتطلب إنفاقا وتحسن الوضع الاقتصادي يتطلب تمويلا كبيرا فوق قدرة خزينة
الدولة المعروفة لدى الجميع، إضافة إلى أن محاربة الفساد يتطلب أيضا حكمة وصرامة ووقت
في نفس الوقت لاتخاذ القرار وهنا أجد المثل القديم حاضراً (الحرب على المتفرج دلي –
بمعنى سهل-)، وبالتالي فان ميزانية الدولة حاليا لا تستطيع أن تقوم بكل هذا معا، إيجاد
استثمار محلي قوي أو تبني مشاريع استراتيجية وفي نفس الوقت القيام بإصلاحات إدارية
ومالية، فإذا كنتم تملكون بديلا حقيقيا لما أسميتموه بالتسول وبهذا توجودون قرابة
الخمسة مليار دولار لإنعاش الاقتصاد والقيام بالمشاريع المستقبلية دون الذهاب إلى لندن
أو عقد التحضيرات في صنعاء - وأظن الحكومة هنا ستكون شاكرة جداً- فلماذا لا يُعرض على
الساحة وأمام الشعب حتى يقرر هذا الأخير من بالفعل يستطيع أن يحسن الوضع الاقتصادي
اليمني مستقبلا؟؟!!! ، أما إذا كان كلاما على ورق لا وزن له على ارض الواقع الغرض منه
النشوية ومحاربة أي شيء صادر من جهة مُنكرة مسبقاً حسب بعض الرؤى فهذا ما أظنه مرفوض من
قبل الجميع نهاية بالمواطن البسيط لأنه وبكل بساطة لن يحقق أي عائد فعلي على الأرض.

- وهناك القراء الذين ما يهمهم بالفعل هو من يقدم لهم الرؤية الصحيحة والوضع الحقيقي
وبصفتي واحد منهم أجد كل التناقض العجيب والغريب لمن يقولون أن هم يتمنون لبلدهم أن
يكون في وضع أحسن لان اغلب صحف المعارضة ترسم كل السواد على الحيطان وان أرادت أن تكتب
شيئا يتحدث عن إصلاحات فهي تكتبه بالطبشور الأسود وإذا أرادت رسم بعض الايجابيات لجأت
إلى الطلاء الأسود أيضا كلون محبب قريب إلى بعض القلوب، فما ذنب القارئ لكي يعيش كل هذا
السواد والإحباط التام دون أن يرى ضوء حقيقي يتكلم عن بعض الإصلاحات الواقعية ؟1، لماذا
لا نجد من يصف السلبيات وينظر لها بالكثير، يكتب أيضا عن الايجابيات ويوضحها حتى لا
يفقد المصدر المصداقية التي يبحث عنها الكثير ممن لا يهمهم الانتماءات قبل الحقائق،
والدليل على ذلك ما حدث مؤخرا في الحديث عن مؤتمر لندن بإمكانك أن تطوف قليلا لتكتشف أن
بعض الصحف امتلأت بمقالات تتحدث عن التسول وأخرى تقول بعدم النجاح الخ ، بالرغم من أن
بعض الصحف العربية تحدثت عن نجاحات سيحققها المؤتمر وعن إصلاحات اقتصاديه فعلية على
الأرض إضافة إلى توجهات تهدف إلى إحداث طفرة في النمو الاقتصادي فهل هم مهتمون بنا على
نحو أفضل من اهتمامنا بأنفسنا ؟؟! هذا كمثال طازج فقط ولك أن تقيس على ذلك الكثير من
الأحداث.

أخيرًا.. رؤية عالماشي :
.. لنحرص جميعا كيمنيين - قبل أن يحددنا ويكتفنا اتجاه سياسي معين نصور له الأحداث كما
يشاء ونرسم له القراءات حسب الرؤية العامة المحددة وبالتالي نظلم الايجابيات - على ما
يحقق لليمن مستقبل أفضل برؤية جديدة وسننتظر على أحر من الجمر تسارع العملية التنموية
واندفاع عجلة الإصلاح الاقتصادي وسننظر لذلك على أمل النجاح أيضاً و في حالة انعدام
وجود هذه الخطوات المعلنة للإصلاح سنكون مع المعارضة قلبا وقالبا إذا تبين عدم جدية هذه
الخطوات، وعلى هذا أقول ليكن اسم اليمن هو الأهم والأجمل - قبل أي حساب لمصالح - هو ما
نعمل ونزرع ونكتب من أجله رغبة في هطول أمطار الايجابيات وانحسار رياح السلبيات في جميع
المجالات وهذا لن يكون إلا بتكاتف الجميع و بوصف دقيق يكتب عن الحسن مثل ما يكتب عن
السيئ ويتناول الحدث بحيادية ترسم في مجملها الخير الذي نتمناه جميعا لهذا الوطن ما دام
الأمر يشير إلى ذلك.. فالكثير من أبناء اليمن كأفراد لا يهمهم وليست لديهم أي مصالح
اقتصادية أو سياسية من هذا أو ذاك وكل ما يهمهم هو واقع يمشي بخطاً ثابتة نحو مستقبلٍ
أفضل تحت ظل قيادة حكيمة تضمن له الأمن والأمان وحماية مصالح ومكتسبات الثورة والوحدة
المباركة وسيادة الوطن.