الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٠ صباحاً

باسم الشعب ننتخب مجلسنا الموقر!

احمد عبدالله الذبحاني
الثلاثاء ، ١٧ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
في خضم المعركة التي يقودها رجال القضاء سعيا منهم لإقرار استقلال سلطتهم, والحيرة من تأرجح بعض الحاملين لواء الاستقلال في موقفهم الصريح بذريعة ان النصوص الدستورية المقرره للاستقلال ربطت امره بالقانون كمسوغ لتبرير الاحجام والتردد في تلبية دعوتنا بفتح المحاكم والنيابات لنظر قضايا المواطن بالتزامن مع اعلان المنتدى موعدا لعقد مؤتمر عام للقضاة ينتخبون فيه قيادتهم بمجلس القضاء باعتباره المعبر عن الاستقلال الحقيقي .

واستغرابا لتصريح رئيس مجلس القضاء الحالي لوكالة سبأ من" ان استقلال القضاء يتطلب تعديل قانون السلطة القضائية بما يتفق مع الدستور باعتباره صادر قبل الدستور الذي ينص على استقلال القضاء ماليا وإداريا وقضائيا ".(1)

و من بين ركام هذه الافكار وتباينها واستخفافها بالعقل والمنطق حاولت مرارا ابحث عن مبرر منطقي يساند هذه التصريحات وتلك المخاوف المسببه لتقاعس القضاة في الانتقال لخطوة متقدمه تحقق الاستقلال المنشود فكانت المبادئ اكثر شراسة في دحض ذرائعهم وتقف في صف ما نذهب اليه من ضرورة انعقاد الجمعية العممية للقضاة لانتخاب اعضاء مجلس القضاء .

فمن ناحية الواقع هل كان بمقدور القضاة وبهذه الجراءة ان يطالبوا نيل الاستقلال الحقيقي ان لم تكن قد سبقتها ثورة شعب اعتبرت الاستقلال القضائي احد اهدافها ؟ وخصص الثوار اسبوعا بأكمله للمناداة بهذا الاستقلال؟

فمن عليه تلبية دعوة الشعب وعلى عاتقه تقع مسؤولية انجاز هذا الاستحقاق ؟

ومن الناحية القانونيه فالكثير منا يمر على نص الماده(369) اجراءات التي اوجبت ان تستهل احكام القضاء بالبسملة وباسم الشعب

دون ان ندرك الغاية منها وما الذي يمكن استنتاجه اذا ما قراءت مع نص الماده الرابعة من الدستور التي اقرت ان الشعب مالك السلطة مع نصوص المواد 149-154من الدستور الخاصة باستقلال القضاء ؟

وبتتبع المصادر التاريخيه التي استلهم منها الدستور اليمني اغلب احكامه خصوصا الدساتير المصرية المتعاقبة نجد الغاية التي نبحث عنها جلية بما قالته محكمة النقض في احكام لها " بان الغاية من ايراد المشرع عبارة باسم الشعب كانت لتأكيد استقلال القضاة باعتبارهم يستمدون حكمهم من مصدر السلطات في الدولة والذي هو الشعب"

اما المذكرة الإيضاحية لقانون استقلال القضاء المصري رقم لسنة1943م فكانت اكثر ايضاحا لبيان معاني النصوص الدستورية المقرره للاستقلال ومن خلالها نفند ما ذهب اليه قاضي قضاة اليمن بتصريحه سابق الذكر

فقد نصت ((بأن الدستور بهذه النصوص أبرز حقيقة استقلال القضاء ولم يخلقــــــــــــها, فمن طبيعة القضاء يكون مستقلا والأصل فيه أن يكون كذلك, وكل مساس بهذا الأصل من شأنه أن يعبث بجلال القضاء, وكل تدخل في عمل القضاء من جانب أية سلطة من السلطتين الأخريين يخل بميزان العدل, ويقوض دعائم الحكم, فالعدل كما قيل قديما أساس الملك- وأردفت المذكرة إن الضمانات التي كفلتها نصوص ذلك القانون لا تعدو أن تكون خطوة يجب أن تتبعها خطوات, ومن ثم ناطت بالقضاء أنفسهم واجب متابعة السعي دوما لإستكمال أسباب استقلالهم,)).
(2)

ومن ثم إذا كان استقلال القضاء هو أولي الضمانات التي يجب ان نؤمن بها كدولة مؤسسيه فلاريب ان هذا الاستقلال لا يتحقق بداهة إلا إذا عاد إلي القضاء حقه الكامل في إدارة جميع شئونه بمعرفة رجاله وحدهم

وفي ظل عدم استيعاب الكثير ما تحمله دلالات المبدأ وعدم قيام وسائل الاعلام بالدور المنوط بها لدعم المطلب كان من اللازم قبل مخاطبة القضاة مخاطبة ضمير الشعب لادراك اهمية ما نصبوا اليه من استقلال متجسد بقيام القاضي بأداء وظيفته حرًا مستقلاً، مطمئنًا علي كرسيه آمنًا علي مصيره باعتباره أكبر ضمانة لحماية الحقوق العامة والخاصة.
أليس هو الأمين علي الأرواح والأنفس والحريات؟ أو ليس من حق الناس أن يطمئنوا إلي أن كل ما هو عزيز عليهم يجد من كفالة القضاء أمنع حمي وأعز ملجأ؟ أو ليس من حق الضعيف إذا دناه ضيم أو حاق به ظلم أن يطمئن إلي أنه أمام قضاء قوي بحقه، عزيز بنفسه مهما كان خصمه قويا بماله أو بنفوذه وسلطانه؟ فمن الحق أن يتساوى أمام قدس القضاء أصغر شخص في الدولة بأكبر حاكم فيها وأن ترعي الجميع عين العدالة.(3)

كما انه من اللازم مخاطبة القضاة ايضا لبيان المنهل الذي تستمد منه هذه المبادئ أصولها ليدركوا انها نابعه من طبيعة القضاء نفسه، ومن أعماق نفوس القضاة، فخير ضمانة للقاضي هي ما يستمدها من قرارة نفسه وخير حصن يلجأ إليه هو ضميره، فقبل أن تفتش عن ضمانات القاضي فتش عن الرجل تحت وسام الدولة، فلن يصنع الوسام منه قاضيا إن لم يكن بين جنبيه نفس القاضي وعزة وكرامة القاضي لسلطانه واستقلاله..

وعليه فان الاضراب الذي شهدته المحاكم والنيابات حتى اليوم قد حصد العديد من الاهداف المرجوة واتى اكله الى حد الان وبات من اللازم الانتقال الى مرحلة اكثر تقدما في سبيل الاستقلال المنشود والا فانه سينعكس سلبا على الهدف المراد منه عبر تسويق ثوره مضادة يروجها اصحاب المشاريع الشخصية لتشويه القضاء ورجاله بتقزيم الهدف بكونه مطلب مالي وبعدم مبالاتهم بأمر المواطنين وفي ظل اصرار بعض القيادات التشبث بمناصبها ولو على حساب مصلحة الوطن التي يتبناها القضاة اليوم وطالما لم تدرك تلك الشخصيات بخطورة الموقف واستمرئت التطويل في المعاناة ليمل الشارع والمتقاضين من الوضع الراهن فيكون مناخ خصب للضغط على القضاة قبول الامر الواقع كرها وتفتيت عزيمة رجاله وخلخلة الثقه بقيادة المنتديات فقد بات لزاما التصدي لهذه الخزعبلات وتفويت الفرصه على المزايدين باعتبار رجال القضاة من يعوا اكثر من غيرهم ما سيجنيه الوطن عند وجود قضاء مستقل

مايقتضي عليهم الاسراع في اقرار الالية بعمل ايجابي تقتضيه المرحله وليس من المنطق ان تقف الحياة وتشل العدالة لاستجداء الاستقلال في الوقت الذي أنيط بالقضاء أنفسهم واجب متابعة السعي دوما لاستكمال أسباب استقلالهم

ولا يستقيم الحال بان يكون الطالب والمطلوب واحد فالمطالب سادتي القضاة انتم في الوقت الذي ينتظر الجميع ان تلبوا هذا الطلب بالاستناد الى سلطان الشعب وشرعيته والاعتماد عليه في انتخاب مجلسكم وفقا للتوصيات التي خلصنا اليها في مقال سابق

1-وكالة سباء للانباء
2- المذكرة الإيضاحية لقانون السلطة القضائية رقم 66 لسنة 19433- استقلال القضاء مقال للمستشار محمد الجابري نائب رئيس محكمة النقض المصرية