الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٣ صباحاً

المؤتمر يتكلم

محمد الحاج
الاربعاء ، ١٨ ابريل ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
المؤتمر الشعبي العام حزب سياسي أسس في عام 1982م فنشأ وترعرع في حضن السلطة ومنذ نعومة أظافره مارس السلطة بكل أشكالها فألفَ السلطة وألفته , ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن , وهذا الكيان يحكم ويتحكم في مقدرات البلد , و في كل شاردة ووارده , فتعيين مدراء المدارس , وعقال الحارات , وسدنة المساجد , و مسؤلي فرز الباصات , وحتى المصيحين في الفرزه , يخضعوا جميعاً لاختبار الولاء الوطني للحزب طبعاً , ومن خلال هذا النظام الشمولي نستطيع القول أن هذا الحزب أصبح هو الوطن , فالوطن والمؤتمر وجهان لعملة واحده , وهذا ما ظهر جلياً أثناء قيام ثورة الشباب الشعبية السلمية, فشعار بالروح بالدم نفديك يا وطن , تحول الى ..... نفديك يا علي , ونتيجة لهذه التصرفات الغير مسئوله , تفرد الحزب في كل مقدرات البلد , وأصبح الحاكم بأمر الله , مما نتج عن ذلك خللاً كبيراً في مفهوم السلطة والمعارضة , وأصبح الكثير يبحث عن مَصالحه في إطار الحزب الفرد , ولا يمكن أن أنسى عند تقدمي لنيل الوظيفة العامة , التي هي من حقي ومن حق كل مواطن يحمل الجنسية اليمنية, ووفقاً للمعايير المطلوبة , وعند تقدمي لتلك الوظيفة , طُلب مني بعض المعلومات ومن ضمنها الانتماء السياسي , فذكرت ضمن هذه الخانة (الانتماء السياسي) حزباً آخر غير الحزب الفرد , فاستغرب مدير عام شئون الموظفين وخاطبني بقوله : تشته تتوظف ولست مؤتمري , فأجبت عليه أن الحزب الذي أنتمي له معترف به , ويعمل في إطار القانون , والوظيفة العامة حق لكل يمني , المهم في هذه الحادثة أن هذه التصرفات أرغمت الكثير من الناس على تغيير قناعاتهم وأفكارهم ولو شكلاً , مما نتج عنه خللاً واضحاً في الإنتماء للأحزاب , وربما الإنتماء للوطن , والبحث عن متنفسات خارج إطار الحزب الفرد , وربما جنح البعض للبحث عن خلفيات وتصورات خارج إطار الوطن , وهو ما نراه جلياً من ظهور لبعض التيارات والحركات المرتهنة للخارج .

لقد عمد المؤتمر الشعبي العام طيلة فترة ثلاثة عقود , على طمس كل ما هو جميل , أرضاً وإنسان , فمن تشويه الإنسان اليمني وأنه مجرد إنسان غجري لا يفهم سوى العنف والتطرف , إلى بيع مقدرات البلد في البر والبحر والجو .

إن ذاكرة الشعوب لا تُمحى ولا تَنسى , فلن ينسى الشعب اليمني أن أغلبية المؤتمر هي التي شرعت لصفقة الغاز وميناء عدن والجرع المتلاحقة التي قصمت الظهور قبل الجيوب , كما أن الشعب لن ينسى لهذا الحزب صمته المريب في أحلك الظروف , لقد صمت المؤتمر في أوقات الكلام , وكان شعاره إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب , لقد صمت أثناء أحداث أبين وتعز وأرحب وصعدة وجمعة الكرامة وأخيراً قرر الصمت في أحداث الشغب والتمرد الأخيرة في مطار صنعاء , ولكن بالمقابل تكلم كثيراً ولا ننكر ذلك , فقد شكل لجنة للتحقيق والتحري حول مضرابة حدثت في حي الجامعة , لان هذه القضية تمس الأمن والسلم الإجتماعي , لقد وقف المؤتمر ووقف معه كل أعضاء مجلس النواب ضد رفع سعر مادة الديزل , وفي حالة فريدة لم تحدث طيلة عمر المجلس , مع أن هذا المجلس ذو الأغلبية المؤتمرية وافق على كل ما من شأنه إلحاق الأذى بهذا الشعب الذي منحه ثقة مطلقه , مع قناعتي بأن هذا الموقف في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب , كما أن هذا الحزب أكد في إحدى اجتماعاته على ضرورة توجيه المساعدات السعودية إلى التنمية ،داعياً حكومة الوفاق إلى استغلال تلك المساعدات بعيداً عن المعالجات الوقتية ، وألا تذهب
إلى قربة مثقوبة كما يقول المثل الشعبي .وشدد على توجيه المساعدات إلى التنمية والحد من الفقر والبطالة وتحسين معيشة المواطن اليمني .

نعم إنها القربة المثقوبة التي سكت عنها المؤتمر طويلاً , وهو الآن يتكلم عنها , ويا ريت يتكلم أين ذهبت خيرات البلد من خلال هذه القربة المشؤمة .