السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣١ مساءً

الكوتا النسائية

مروان المنصوب
الخميس ، ١٩ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
وصلت المرأة اليمنية الى البرلمان ومراكز القرار العليا فيما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ويعود ذلك الى الحزب الاشتراكي الذي أوصل المرأة الى أول برلمان منتخب "مجلس الشعب الأعلى المؤقت1971- 1978" بان ضم الى عضوية كلا من عائدة على سعيد و رجاء احمد سعيد و خولة أحمد شرف وفوزية محمد جعفر بعدد(4 امرأة من 101عضوا) وفي انتخاب مجلس الشعب الأعلى"1978 – 1986" وصلت الى عضوية المجلس كل من عائدة على سعيد و فتحية محمد عبدالله و جميلة علي محسن وأسيا محمد سالم و فاطمة محمد بلحمر و ملكي عبد الله حسن ونعيمة سويد سالم أي بعدد(7 امرأة من 110 عضوا) وفي انتخاب مجلس الشعب الأعلى"1986 – 1990" وصلت الى عضوية المجلس عائدة على سعيد و فتحية محمد عبدالله و جميلة علي محسن وأسيا محمد سالم و فاطمة محمد بلحمر و ملكي عبد الله حسن وحسنة سالم علي و حسنية محسن عبيد و مزنة مرشد احمد و منى باشراحيل ونادية محمد سالم أي بعدد (11 امرأة من 110 عضوا) بعد الوحدة ضم اعضاء مجلس الشعب الأعلى مع أعضاء مجلس الشورى وكون "مجلس النواب1990- 1993" دخلت هذا المجلس كل من عائدة على سعيد و فتحية محمد عبدالله و جميلة علي محسن وأسيا محمد سالم و فاطمة محمد بلحمر و ملكي عبد الله حسن وحسنة سالم علي و حسنية محسن عبيد و مزنة مرشد احمد و منى باشراحيل أي بعدد(11 امرأة من 301 عضوا) وستمر الحزب الاشتراكي بدعم المرأة ففي انتخاب "مجلس النواب 1993 – 1997" أوصل الى مجلس النواب كل من خولة احمد شرف ومنى باشراحيل، وفي انتخابات "مجلس النواب 1997 – 2006" والتي قاطعها الحزب الاشتراكي دعم المؤتمر الشعبي العام مرشحة واحدة هي أوراس سلطان ناجي والتي حالفها الحظ بسبب ترشيح نفسها بمحافظة عدن فوصلت الى مجلس النواب ولم يرشح أي حزب سياسي أي امرأة بعد ذلك.(1)

حجم تمثيل النساء في البرلمان و مواقع صنع القرار العليا في جميع الدول، بما فيها الديمقراطيات العريقة، لا يتناسب مع حقيقة أنهن يشكلن نصف أي مجتمع و يضاهين الرجال علما و كفاءة - حيث تبلغ نسبتهن إلى إجمالي عدد البرلمانيين في العالم 15% فقط ، وتعكس هذه النسبة حالة صارخة من الظلم و عدم المساواة.(2)

وعند تفكيك المشهد نجد تفاوتا رقميا من بلد إلى آخر، تقف على احد طرفيه دولة مثل السويد التي استطاعت نسائها الاقتراب كثيرا من كسر حاجز نسبة ال(50%) بحصولهن على( 45.3 %) من مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2002، بينما تقف على الطرف الآخر دولة مثل الجمهورية اليمنية التي يضم برلمانها المنتخب في العام 2006 امرأة واحدة بتراجع يعادل 100% عن أول برلمان لها شكل في العام1990.

وإذا كان سبب تدني التمثيل النسوي في الدول المتقدمة يعود أساسا إلى المرأة نفسها بسبب عدم اكتراثها بالعمل السياسي بصفة عامة طالما أن جنس النائب أو المشرع في تلك المجتمعات لا يعني الكثير، فانه في مجتمعات العالم الثالث يعزى ذلك إلى وجود سطوة ذكورية و حواجز اجتماعية وثقافية و دينية لا يمكن للمرأة تخطيها بسهولة ومنافسة الرجل للوصول الى مواقع القرار العليا - وهذا يعني ببساطة اختلال الموازين بصورة مؤكدة لصالح الرجل في أية انتخابات، مما يستدعي البحث عن آليات قانونية تضمن للنساء مقاعد تمثيلية و بالتالي المشاركة في التشريع وان بنسب غير متطابقة مع نسبتهن إلى إجمالي عدد السكان - ويفرض الموضوع نفسه من زاوية أخرى هي أن للنساء استحقاقات و أوضاع لا يتوقع من النواب الذكور حمل لوائها، و بالتالي فهن أدرى بها و بما يلائمها من تشريعات - وإذا كان الواقع الاجتماعي بموروثه الثقافي وتراكماته التاريخية.. إضافة إلى ضعف اهتمام المرأة بالعمل السياسي إجمالا؛ لا يسمح للمرأة بتحقيق المساواة الفعلية؛ رغم عطائها في مختلف المجالات العلمية والعملية؛ ورغم الضوابط القانونية التي تؤكد على حقوقها في هذا الشأن؛ فإن عددا من الدول ابتدعت سبلا وشروطا قا
نونية مرحلية؛ حاولت من خلالها تجاوز هذه الإكراهات والمعيقات للانتقال من المساواة القانونية الشكلية إلى المساواة الواقعية الفعلية؛ ومن تكافؤ الفرص إلى تكافؤ النتائج.

ويندرج نظام الحصص أو الكوتا ضمن هذا الإطار؛ وهي تقنية تنحو إلى توفير فرص لعدد من الفئات الأقل حظا داخل المجتمعات، من قبيل النساء.. وهي تتنوع بين عدة أصناف: فهناك نظام الحصص المحدث بموجب الدستور؛ ونظام الحصص المحدث بمقتضى القانون الانتخابي؛ وهما معا يسمحان بتنافس النساء على عدد أو نسبة من المقاعد المخصصة؛ ثم نظام الحصص الحزبي الذي يقضي بترشيح نسب محددة من النساء في اللوائح الانتخابية المحلية و/أو البرلمانية؛ ويمكن لهذا الأخير أن يكون اختياريا في سياق توافقي؛ أو إجباريا بموجب نص قانوني.

وإذا كانت العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية والدستور والتشريعات الوطنية قد أكدت على حق المساواة في المشاركة السياسية..؛ فإن المقومات الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية في اليمن؛ لا تسمح بتكريس مشاركة فعالة للنساء من خلال مدخل الممارسة الديموقراطية المبنية على تكافؤ الفرص والتباري بصفة مباشرة مع الرجل؛ مما تظل معه العديد من الفعاليات النسائية في مختلف الميادين والمجالات؛ مبعدة ومقصيه من المساهمة في تعزيز المشهد السياسي والتأثير في القرارات الحيوية.

ولذلك تظل المرأة بحاجة إلى تحفيز ودعم قانوني استثنائي مرحلي يسمح بتطوير الثقافة السياسية وتذليل العقبات أمام مشاركتها؛ بما يؤهلها لتعزيز حضورها في المؤسسات التشريعية وتحقيق المساواة الواقعية؛ في أفق توفير الأجواء النفسية والسياسية التي تسمح بانخراطها في تنافس ندي مبني على الكفاءة إلى جانب الرجل مستقبلا - هذه التقنية(الكوتا)؛ هي وسيلة لتجاوز مختلف الحواجز والمعيقات العلني منها والخفي، باتجاه تحسين أوضاع النساء الاقتصادية والاجتماعية..؛ كمدخل للانتقال من الصيغة النظرية لتكافؤ الفرص إلى واقع ملموس ولإنعاش المشاركة السياسية بشكل عام؛ وتجاوز ضعف التمثيلية السياسية للمرأة في البرلمان والمجالس المحلية بشكل خاص؛ حيث ولا يعتبر هذا تمييزا ضد الرجل بل تعويضا للمرأة عن التمييز السياسي الذي يطالها؛ والذي يجسده ضعف أو انعدام حضورها في المشهد السياسي بشكل عام وإعمالا لمبدأ العدالة الذي يحتم تمثيل نصف المجتمع في المجالس النيابية على كافة مستوياتها، ومنطق تمثيل المصالح؛ مادام النظام السياسي يضم جماعات ذات مصالح متباينة؛ واعتبارا للقيمة التي يمكن أن يضفيها هذا التمثيل بما يضمن صيانة وتعزيز كرامة المرأة؛ زيادة على كونه يقدم نمو
ذجا للمشاركة السياسية جديرا بالاقتداء والتحفيز بالنسبة للنساء.

فالكوتا تعد إجراء مرحليا لتصحيح ذلك الخلل الحاصل في تمثيلية المرأة، ولا يتنافى مع مبدأ المساواة بين المواطنين ولا يتناقض مع مبدأ تكافؤ الفرص؛ ولن يؤثر اعتماد هذه التقنية سلبا على نضال المرأة باتجاه التحسين الجذري لأحوالها وتعزيز مشاركتها السياسية في المستقبل، باعتبار إن المشاركة السياسية للمرأة تظل مطلبا ملحا؛ ذلك أن تعزيز الخيار الديموقراطي والتنمية الحقيقية التي تركز على الإنسان باعتباره وسيلة وهدفا؛ لا يمكن أن تتحقق دون الالتفات لنصف المجتمع الذي تشكله المرأة.

وإذا كانت المرأة تتحمل قسطا من المسؤولية في ضعف مشاركتها في هذا الصدد؛ نتيجة عدم مبالاتها بالشأن السياسي.. فإن هنالك أيضا مجموعة من العوامل الأخرى؛ التي تتحملها الدولة والمجتمع وتسهم في تفشي هذه الظاهرة؛ من قبيل تعرضها للعنف بجميع مظاهره والفقر والأمية.. كما أن الأحزاب لا تتيح فرصا كافية لتعزيز مكانتها في الحقل السياسي بشكل عام وفي التمثيل البرلماني على وجه الخصوص.. والجدير بالذكر أن تعزيز مشاركة النساء وإدماجهن؛ لا يرتبط فقط بفتح باب المشاركة السياسية وولوج البرلمانات والمجالس المحلية.. بقدر ما يرتبط بتمكينها على طريق المساهمة الفعالة في اتخاذ القرارات الحيوية؛ ضمن مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..، ولقد أكد الدستور اليمني مادة (43) على أن: الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية، وهو حق كفل للمرأة؛ غير أن واقع الحال أثبت بأن هذه المساواة تم اختزالها ميدانيا في حق التصويت؛ بينما ظلت تمثيلية المرأة محدودة وهزيلة؛ ذلك أن المرأة في الجمهورية اليمنية لم تتمكن من ولوج المؤسسة البرلمانية في أخر انتخابات برلمانية العام2006إلا من خلال نائبة واحدة فقط؛ فيما ظل حضورها ضمن مراكز القرار بمختلف
الأحزاب ضعيفا - ففي الوقت الذي تشير فيه بعض الإحصائيات إلى أن النساء يشكلن في اليمن حوالي 50,1 % من مجموع السكان؛ وتمثلن ثلث السكان الناشطين.. يبدو أن تمثيلها في مختلف المؤسسات السياسية متخلفا عن هذه المعطيات وعن حجم عطائها في مختلف المجالات.

وبالإضافة إلى العوامل الثقافية والاجتماعية التي تطرقنا إليها في السابق؛ فقد أثبتت القوانين الانتخابية السابقة عقمها على مستوى تطوير هذه التمثيلية؛ ومن منطلق محدودية حضور المرأة في الهياكل التنظيمية المركزية للأحزاب؛ فإن هناك أيضا علاقة وطيدة بين ندرة حضور النساء داخل البرلمان؛ وشحة الترشيحات الحزبية للنساء.

وأمام النضالات التي قادتها مختلف الفعاليات النسائية؛ وتزايد الاهتمام الدولي بهذا الشأن؛ بالإضافة إلى ماشهدتة اليمن مؤخرا من أحداث أفضت الى التوقيع على مبادة إقليمية وألية تنفيذية أممية .. والمتضمنة مرحلة انتقالية يقود خلالها رئيس الجمهورية مؤتمر للحوار الوطني يفترض فيه جمع كل الفرقاء والفعاليات لمناقشة كل القضايا اليمنية، وإعادة كتابة الدستور الذي يفترض أن ينص على ضمان وحماية الحقوق والحريات بنصوص واضحة دون أن يحيل ذلك الى القوانين كما يفترض أن يحدد طبيعة النظام السياسي بالبرلماني، رأسي وشكل الدولة اتحادية، فدرالية والنظام الانتخابي بنظام القائمة أو الدائرة الفردية وكل ذلك قبيل إجراء الانتخابات التشريعية في العام 2014م.

ولمواجهة تلك الاستحقاقات لابد من العمل على تكوين جماعات مناصرة ولوبي من أجل أن يتضمن الدستور الجديد نصوص تكفل دون لبس نظام حصص خاص بتمثيلية المرأة في البرلمان؛ كما يتبنى أسلوب الاقتراع بالتمثيل النسبي عن طريق اللائحة وهي تقنية تساهم بشكل ملحوظ في الرفع من التمثيلية السياسية للنساء وتعزز التنافس بين البرامج بدل التنافس بين الأشخاص؛ وبخاصة إذا ما اقترنت بنزاهة الانتخابات أو أن يعمل ذلك اللوبي الى الوصول الى توافق بين مختلف الفرقاء والفاعلين الحزبيين في إطار التزام سياسي؛ على تخصيص لائحة وطنية لفائدة النساء؛ انسجاما مع التوجهات الإصلاحية للدولة؛ ورغبة في الرفع من مستوى تواجدهن في المؤسسة البرلمانية - وتقوم اللائحة بموجب هذا التوافق على اختيار كل حزب لعدد من النساء؛ ووضعها ضمن لائحة خاصة؛ تعرض على الناخبين قصد التصويت عليها وطنيا على مستوى الدوائر؛ وبناء على النتائج التي سيحصل عليها كل حزب، سيستفيد في ضوء ذلك من النسبة التي يستحقها من مقاعد اللائحة الوطنية، وذلك لا يكفي دون تدابير وإجراءات موازية تسمح بتفعيله بأن ينص قانون الأحزاب على مسألة الكوتا النسائية داخل الأحزاب.

على الحركة النسائية اليمنية التكثيف من تحركاتها لرفع مستوى الوعي الحقوقي لدى النساء وبخاصة في الأوساط القروية؛ والتواصل مع وسائل الإعلام المرئية ومنظمات المجتمع المدني وقوى التحديث للقيام بواجباتها في هذا الشأن؛ أو تتحدث عن مسؤولية جماعية تتقاسمها الدولة والمجتمع والأحزاب وهيئات المجتمع المدني..؛ فإن المسؤولية الرئيسية في دعم التمثيل السياسي للمرأة في البرلمان تتحملها الأحزاب بشكل حاسم؛ وجدير بالذكر أن هذه المهمة لا ترتبط بعمل اختياري؛ بل هي واجب يستمد روحه من الدستور الذي يؤكد على أن: الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعــات المحلية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم ..ومما لا شك فيه أن تحرك الأحزاب في هذا الاتجاه هو مؤشر يترجم مدى جدية المحاولات الرامية لتأهيل المرأة سياسيا في اليمن؛ ويقنع الحركات النسائية والمجتمع بشكل عام بمدى توافر إرادة حقيقية في هذا الإطار؛ أو أن الأمر لا يعدو أن يكون إجراء للتسويق الخارجي.

(1) موقع الشورى في اليمن الإلكتروني.
(2) د. عبد الله المدني*باحث أكاديمي وخبير في الشئون الآسيوية.