الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٢ مساءً

ثورة العراق الكبرى ستلهم العالم

ناجي حسين
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
لقد إستطاعت الأنتفاضة الشعبية لشباب المصرية أن تُعيد لمصر عنفوانها وكرامتها وحريتها، بعد أن فشلت كل الدكاكين الحزبية المصرية المحنطة، وتلك الطبقة من السياسيين والمثقفين والثورجيين الذين يملؤون الصحف والقنوات الفضائية ضجيجاً وصراخاً عن تحقيق أي شيء يُذكر. لقد إستطاع جيل الإنترنت والفيسبوك والتويتر أن يُحدث التغيير الذي يبحث عنه الطامحون والطامعون على حد سواء.
محمد بو عزيزي، هذا الشاب التونسي الذي لم يتجاوز الـ 26عاماً، ماذا فعل منطقتنا ؟. يبدو أنه لم يحرق نفسه فقط، بل أشعل هذه المنطقة العربية بأكملها، وها هي ناره تمتد لتحرق الكثير من النظم والسياسات والثقافات والعادات والمسلمات التي إستوطنت الإرادة العربية لعقود طويلة. لم تعد ثورة الياسمين التونسية ملكاً للثوار التونسيين، بل هي لكل أحرار العالم، وهي تُنتج كل يوم ثورات للغضب والرحيل والتغيير والإصلاح والحرية والأمل. إن كرة الثلج التي قذفتها ثورة الياسمين تُكمل الآن تدحرجها المبارك لتجتاح كل من يسرق الخبز والحرية.
البعض ينظر لهذه الثورات على أنها ضد البطالة فقط وأنها ثورة عاطلين عن العمل ولكن الحقيقة أنها ثورة كرامة وحرية وحتى لو أن البطالة ستشكل تحدي كبير لهذه الثورات إلا أنها تكون قد حصلت على الأهم وهو الحرية .
الكل شاهد من على شاشات الفضائيات ما قامت به مرتزقة من (قيادة الفرقة الثانية) التي أنشأت وتدربت على أيادي قوات دولة الإحتلال الإرهابي بساحة الأحرار في محافظة نينوى وساحة الحرية بغداد ، وعصابات الكردية المتصهينة في ساحة الحرية في محافظة السليمانية، ساحات إتخذها أبناء شعبنا العراقي للإحتجاج تمثل الحدود الدنيا لحقوق الإنسان وحاجاته الأساسية بالحياة، وتطالب بحرية الشعب والوطن وسيادته . وقد برهنت مرة آخرى حقيقة تلك العقلية الدكتاتورية القمعية الذي مارسته الأجهزة البوليسية لحكومات الإحتلال في العراق ، من منع وقمع بوسائل تعسفية وهمجية وإجرامية تحت سمع وصمت من قبل دولة الإحتلال الرئيسية أمريكا ودول الغربية وشركائها الكيان الصهيوني ونظام الإيراني الفارسي الدكتاتوري بإدعاءات حول نشر الديمقراطية المستوردة بمخالب النازية ، حيث خرجت الجماهير صارخة تطالب بتوفير الخدمات وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء من السجون السرية والعلنية لدى عملاء الإحتلال، تريد إسقاط النظام المنبثق من رحم الأحتلال الأمريكي الإيراني ومشروعه السياسي. التي عمت جميع مدن وأقضيه العراق، والتي دقت المسمار الأخير في نعش العملية السياسية المخابراتية ، التي لم تتشكل بصيغتها النهائية منذ سنة ، ولم تقدم الخدمات الأساسية والضرورية للمواطن الذي وصل إلى حافة الأنفجار، ونزل إلى الشارع يستصرخ ضمائر ميتة في الحكومة العميلة، يطالب منها أدنى مستلزمات العيش كالتعيينات وتوفير مفردات البطاقة التموينية وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، وهم بمئات الألوف، والذين يتعرضون إلى أبشع صنوف التعذيب الوحشي ، على يد حثالات يدعون بأنهم عراقيون وما تعرضه بعض القنوات من صور تعذيب المعتقلين، وصمة عار يندى لها جبين الإنسانية ، في هذا المشهد الدموي القاتل والإحباط الجماهيري بفقدانه الثقة بحكومة عملاء الإحتلال ومجلسه الدواب ، وفي ظل صراع أقطاب الطائفي العرقي التحاصصي ، لمناصب أمنية وغير أمنية تفرض فيها عملاء الإحتلال ومرشحيها من الأبناء والأقارب ومنتسبي أحزابها ، يتعقد الوضع الراهن ويذهب نحو المجهول ، المجهول دائما هو قاع الخراب والفساد ، الذي كشفه شعبنا بالعودة إلى ( المربع الأول )، وهذا ما تريده إدارة دولة الإحتلال الإرهابية، التي تدعم وتقوي جهة على حساب جهة أخرى ، وما تصريحات وزير الدفاع لويلات المتحدة الأمريكية روبرت غيتس عن رغبة إدارة إوباما ، بالبقاء في العراق لفترة 100 سنة وبوجود قواعد عسكرية أمريكية ، إلا دليل على رغبة الأمريكان في إبقاء عملاء الإحتلال في سدة الحكم من أجل تنفيذ مصالحها في العراق والمنطقة الشرق الأوسط . وعلينا أن نقول بكل صراحة ، إن نظام الحكم العربي هو المسؤول الأول عن هذه الأوضاع وهو الذي يتحمل مسؤولية الإنتكاسات والإخفاقات العربية. وحيث لن تكتفي هذه الحكومات عند هذا التراجع ، بل وقفت ضد الحريات والتنمية وضد بناء موقف عربي من القضايا العربية الراهنة وضد الحداثة والتغيير، وفشلت في بناء موقف وطني من الإحتلال الإسرائيلي يخدم القضية الفلسطينية، وفشلت في بناء موقف وطني من الإحتلال الصهيو الأمريكي الإيراني للعراق وهي تمتلك عوامل الضغط على إسرائيل وعلى الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي. الأمر نؤكد عليه ان 'العراق الجديد' يختلف عن جميع البلدان العربية الأخرى. لسبب بسيط وأساسي وهو خضوعه للأحتلال الأمريكي الإيراني ، ووجود أكثر من خمسين ألف جندي أمريكي مع شركات أمنية أجنبية على أراضيه، وداخل قواعد عسكرية محصنة، ولكن هناك قواسم مشتركة عديدة يتصدرها سجون السرية والعلنية والدمار والفساد والبطالة والأرامل والأيتام والقائمة قد تطول.
لكن زيارة السرية لوزير الدفاع لويلات المتحدة الأمريكية روبرت غيتس الأخيرة تم أتفاق مع عملاء الإحتلال بإبقاء 16 ألف عسكري أمريكي و10 آلاف آخرين على الحدود الكويتية . إضافة إلى آلاف العناصر الأمنية التابعين لشركات غالبيتها أميركية لحماية طاقم السفارة والمقاولين والمهندسين والمستثمرين الأميركيين.
يوما بعد يوم يؤكد القابعين في المزبلة الغبراء بحماية ودعم عصابات الباسيح والبسطال الأمريكية مدى الخوف الذي يعتريه من رجال وشباب ونساء من الإصرار بالخروج في التظاهرات رغم تحذيرات عملاء الإحتلال بسحق أي تظاهرة وفي أي ساحة من مدن العراق . وقد قدم الشباب شهداء منذ انطلاقة التظاهرة يوم 25-2-2011 ولحد الآن .. واصلو حمل شعاراتهم ولأفتاتهم ورددو هتافات ( كذاب ... كذاب ... نوري المالكي ) و"الشعب يريد إسقاط حكومة الإحتلال". إذ تقوم القوات الأمنية العميلة بإغلاق الجسور والطرق الؤدية إلى الساحة كما جرت العادة منذ أنطلاقة الأنتفاضة الشباب العراقي ، بل المضحك بالأمر أن عميل الإحتلال نوري الهالكي أمر بالتظاهرات في ملعبي الشعب والكشافة وملعب الزوراء بدلاً من ساحتي الفردوس والتحرير ، وكأن حصر المتظاهرين في الملاعب من أجل تشجيع وتصفيق لمبارات كرة القدم ، ظنا منهم أن ذلك سوف يضعف من همم المعتصمين ويبعدهم عن إنتباه وأهتمام المواطنين ووسائل الإعلام.
وها هي الأنبار بشيوخها ورجال عشائرها ذوي الشهامة والنخوة ، وقد أقاموا صروحا لأنطلاقة الصرخة المدوية في أن الأنبار ستبقى قلعة ورمح العرب ، إن يعيدوا صوت العروبة كالموج الهادر يتفجر ينابيعا لحرية والكرامة لكل العراقيين تفخر بهم كل عشائر العراق من أقصاه إلى أقصاه ، فكان العراقيون الصوت الهادر من شماله حتى جنوبه سيوفا مجربة في التلاحم ، ومقارعة قوات الإحتلال وعملائه الجبناء ، هؤلاء هم أهل الأنبار عنوان الشرف والعزة والكبرياء .
طوبى لأهل الأنبار، وقفتهم تضامنا مع وقفات أهلونا في جميع مدن العراق ، في ساحة التحرير، بل ساحة العزة والكرامة والكبرياء والتحدي ، هم الذين أذاقوا قوات الإحتلال وفرق وميليشيات ومرتزقة عملاء الإحتلال دروسا قاسية لا تنسى سجلت في سجل التاريخ البطولي .
بعد مرور ثماني سنوات على الإحتلال ، قد تكشفت نوايا أمريكا ظهرت على حقيقتها ، جرائمها وأنتهاكاتها للقيم وحقوق الإنسان صارت واضحة للعالم ، ذاق شعبنا طعم ديمقراطية أمريكا النازية .. وذاق نكهة الحرية التي جلبها الإحتلال وعملائه لنا حرية مغموس بالدم تماما كما يفعل سمك القرش حين تلتقط حواسه رائحة الدم.
والدمار وفضائح سجن أبو غريب ونصف الشعب الآن أمي لا يقرأ ولا يكتب ونصف الشعب بين الأرامل والأيتام والتهجير.
للأسبوع الثالث على التوالي يتواصل وبكل صمود وثبات وشجاعة وإصرار إعتصام أبناء الرمادي، مطالبين برحيل الاحتلال وبايقاف التدخل الايراني في الشأن العراقي وبالأفراج عن المعتقلين وإسقاط حكومة عملاء الإحتلال ورغم المحاولات الكثيرة التي وضعها عملاء الإحتلال من خلال أجهزتها الأمنية لقمع وإعاقة مثل هذا الإعتصام إلا أنهم لم يتوقفوا يوما واحدا عن الإعتصام معتصمون بعزيمتهم وتخطيطهم الواعي من تحويل هذه الساحة إلى ملتقى شعبي يجتمع فيه كل أطياف الشعب العراقي.
ينبغي لنا أن لا ننسى جريمة غزو العراق، وإبادة أكثر من مليوني عراقي، على يد الويلات المتحدة وحلفائها وعرب أمريكا وإسرائيل، مثلما لا يمكن أن ننسى ما تعرض له فلسطين وأفغانستان من مجازر وإبادة على يد الكيان الصهيوني بأسلحة أمريكية وغربية، ودعم من الدمى العربية الحاكمة آنذاك.
لقد خرج القاموس الجديد منتصرا من خضم ثورتي تونس ومصر.. وما ستليها من ثورات شعبية أخرى، حيث ستتخلص اللغة وقاموسها دفعة واحدة من الحمولات الإستبدادية المزروعة في صلب الكلمات، فاللغة ليست بريئة، كما يقول علماء السيميولوجيا، وعاشت الثورة.
العيش تحت خط الفقر والمزابل، هذا هو العراق التي يعرفه العالم بأسره كأعظم وأقدم حضارة في التاريخ. يقوم شبانها وفتياتها بابتكار الثورة بطريقة خلاقة، ويتحلون بأخلاق رفيعة المستوى وبخبرة الثورات القديمة والحديثة.
ويبقى ان الدرس التونسي والمصري البليغان سيكونان مفيداً لما تبقى من عصابات عملاء الإحتلال في العراق تعيث فسادا وظلما فيها منذ أكثر من ثمان سنوات.
فهل بقي هناك ما يمنع الشعب العراقي من ممارسة حقه في التظاهر والمقاومة.
كم عائلة بريئة قتلت وهي جالسة تحت سقف بيتها..
كم زوج أو أبن فقد بسبب التفجيرات والقتل على الهوية ..
كم عراقي بريء مات تحت التعذيب في السجون عملاء الإحتلال ..
كم طفلاً فقد والده ووالدته وبقى بلا مآوى ..
كم أمهات وزوجات لا يعرفن مصير أبنائهم وأزواجهم مغيبين في سجون السرية والعلنية ..
كم زج من الشباب والرجال والنساء بكل من تفوه بكلمة حق في غياهب السجون..
لو رفع الشعب صوته منذ الأيام الأولى للإحتلال وأنضم إلى جانب القوى الوطنية المناهضة للإحتلال وذراعها العسكري المتمثلة بالمقاومة الوطنية العراقية الباسلة.. لقللنا خسائر بالأرواح ، وقللنا حجم الدمار والخراب ونهب ثروات العراق، لكنا تحررنا منذ أسابيع الأولى للإحتلال العراق.
أن أمريكا تخدع العالم لبقائها في العراق وتتدعي أن عملاء الإحتلال هم الشعب العراقي .
وكل الإعلام الأمريكي والغربي يصب في خدمة هؤلاء العصابات القذرة الذين يؤيدونها في مخططاتها وقراراتها.
الشعب العراقي والشعب العربي وأحرار العالم أدركوا أن فئة قليلة هي من حثالات المجتمع وحاصلة على الجنسية العراقية لا يستحقونها أيدت مشروع العدواني الكوني الإستعماري الإحتلالي .
بعد إجرائم من قبل عملاء الإحتلال بحق المتظاهرين ..وأرتفع سقف مطالب الشعب نحو "إسقاط حكومة الإحتلال" وطرد جميع المحتلين.
لذلك وجوب علينا أن نثبت أولا بالإعتصام والتظاهر والعصيان وبكل الوسائل أن نقول للعالم هؤلاء لا يمثلون الشعب العراقي.
لذلك علينا الأستمرار بالخروج في كل جمعة و"جمعات" وتحويل المظاهرات إلى إعتصامات مفتوحة والمبيت في الخيام في كل مدن العراق لكي نسقط هؤلاء الخونة والعملاء والجواسيس واللصوص وندفن قوات دولة الإحتلال الإرهابي في مزبلة التاريخ .
كفى مذلة وكفى ضياع وكفى قتل وتدمير وفساد.. والقائمة قد تطول..
كنا نسمع أبيات أبي القاسم الشابي الخالدة : إذا الشعب يوما أراد الحياة والتحرير فلا بد أن يستجيب القدر.
إسقاط عملاء الإحتلال وإسترجاع العراق هويته كوطن الأنبياء ومهد الحضارات يزخر بورود الحرية التي سنكنسها إلى غير رجعة ورود الإحتلال وعملائه البلاستيكية التي لا عطر ولا طعم للحرية فيها .
أنا هنا والآن، أنحني لشباب وشيوخ العشائر في مدن العراق العظيم.. أناديكم، وأشد على أياديكم.. أبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم
ونشد على أياديكم أيها الثوار الأبطال ونبوس الأرض تحت نعالكم ونعال كل عراقي حر ونقول نفديكم.