الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٠ صباحاً

جرعة زائدة من السياسة تفقدك الرؤية

وائل محمد شايف
الاربعاء ، ٢٥ ابريل ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
في ابسط تعريف لها، السياسة هي فن الممكن. ورغم قصر التعرف الا انه لا ينتقص من اهمية ما تحمله من مضمون شيء باعتبارها الاطار النظري و التطبيقي الذي يحدد طبيعة وملامح الحياة السياسية وممارساتها داخل النظام الاجتماعي القائم. واهمية جوهر دور السياسة في تحقيق تناغم اداء الأطر والأنساق المختلفة داخل النظام الأجتماعي عبر إيجاد الصيغ التوافقية لسلسة من المصالح المتشعبة دائماً والمتعارضة والمتناقضة غالباً.

غير ان المبالغة في تسييس كل ما له علاقة بالحياة بمجملها يعد بمثابة جرعة زائدة من السياسة يكاد يكون الضرر الناتج عنها سبباً في فقدان الرؤية .. الرؤية لحقيقة ما يحدث حاضراً وما قد يحدث مستقبلاً.

ان تجاهل اهمية التأثير المباشر - على الفرد والمجتمع – لــلأطر الأخرى كالإدارة والفكر والثقافة وثقافة العيش المشترك يدفع الى الكثير من الاعتقادات الخاطئة عند من ينشد التغيير الى الأفضل. والأكثر من ذلك الى ممارسات خاطئة ونتائج سلبية يصعب تداركها.

فالتأثير المباشر للإدارة واعمالها على الفرد على سبيل المثال – سلباً او ايجاباً - يتجاوز بمراحل التأثيرات الناتجة عن السياسات والجوانب السياسية ذات الطابع العام. وذلك بسبب طبيعة الاعمال الادارية ونشاطات الإدارة اللصيق بالفرد منذ ولادته والى آخر يوم من حياته. فحياة الانسان تبدأ بعمل اداري يتمثل في اصدار شهادة الميلاد وتنتهي بأصدار الإدارة لشهادة وفاته وما بين الولادة والوفاة يقف عدد غير محدود من الاعمال الادارية التي ترافق الفرد خلال كافة مراحل حياته المختلفة.

ومن هنا فإان الأفراط في تسييس كل شيء – حتى لعب الأطفال – من شأنه أهمال أطر أخرى من شأنها تحقيق أهداف الثورة الحقيقية والنقية المرتبطة بالتغيير الى الأفضل واعادة ترتيب المهام والأولويات انطلاقاً من منظور واقعي وعملي ورؤية لا تفتقد الى البصر اوالبصيرة.