الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣١ مساءً

الاسلاميون التقليديون ومحاولة تدويرهم

عبدالفتاح علوة
الخميس ، ٢٦ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
ظهرت مؤخرا كتابات ودعوات تنادي بتجريب الإسلاميين وإعطائهم فرصة للحكم، وفي هذه السطور سنناقش خطورة ذلك من عدة جوانب، بداية من حيث اللفظ فعندما نطلق عليهم إسلاميين فإننا في نفس الوقت نكون قد حجبنا الإسلام والإسلامية عن غيرهم واحتكرناها بهم وبجماعاتهم وأحزابهم وهذا غير صحيح فكل الأحزاب الموجودة على الساحة تستمد منطلقاتها الفكرية والعقيدية والفلسفية من الدين الإسلامي الحنيف والاختلاف هو فقط في تباين النقطة التي يقف فيها كل طرف منهم ، الأمر الذي يؤدي إلى تغير الزاوية التي ينظر من خلالها هذا أو ذاك للإسلام وكيف يتم تفسير وإدراك مقاصد الدين، فلكل منهم طريقته التي يراها الصحيحة بتفسير النصوص ....فلفظ الإسلاميون التقليديون هو الأكثر تجانسا مع هذه الجماعات ولا أظنني مجحفا بحقهم إذا ما قارنا ذلك بسلب الصبغة الإسلامية عن غيرهم.

من جهة أخرى فيما يخص تلك الدعوة، فاعتقد أننا جربناهم – خاصة في اليمن- فبغض النظر عن علاقتهم الحميمة والمشبوهة في نفس الوقت مع النظام السابق فليس هذا مجال نقاشنا الذي يجب أن يكون مكرسا حول الثقافة التي حكمنا بها، فهي ثقافة ذات مرجعية تقليدية ولا تختلف كثيرا عن تلك التي استعبدت الشعوب خلال قرون من الزمن مضت. وتتطابق بشكل كبير مع ثقافة ما نطلق عليهم جزافا الإسلاميين، فالدعوة لتجربتهم تعني جزافا أيضا أننا قد حكمنا بثقافة مدنية ثبت فشلها وان القوى التقليدية وهديها البديل الأمثل الذي سيحقق أحلامنا ببناء الدولة الحديثة وهذا بالطبع غير منطقي على الإطلاق، فنحن إذن أمام نخب وكتاب عقولهم وأهوائهم متخمة بتلك الأوهام الرجعية محاولين بقصد أو بدون قصد الاستفادة من التصحر الفكري الذي ورثه المجتمع كتركة حتمية عن النظام أو العصابة السابقة، ويبذلون جهودا كبيرة لإيقاف عجلة الزمن وإعادة إنتاج تلك المرجعيات والخلفيات وان بطرق مختلفة نسبيا عن أدوات مرشديهم من الرعيل الأول تناسبا مع المرحلة والظرف الآنيين، وهم يظنون جنونا أنهم قادرون على ذلك، غير مدركين أن عهد الخلفيات والعمل من خلف الكواليس قد أفل وانتهى, وأننا نعيش عصر الانترنت وثورة المعلومات التي من شانها مساعدة المهتم إدراك حقائق الأمور وتفسير تعقيداتها ومعرفة أهواء وأطماع الوصوليين وغيرهم.

فنحن مورطون بمهمة تاريخية لإيقاف زحف مئات من السنين مضت محملة بفكر اجتماعي وثقافي متخم بالفوضى واستعباد وإذلال الشعوب مغيرا مقاصد الدين الجنيف من قيم تنشد الحرية والمساواة إلى سوط لسلب الحريات والحقوق، و مما يجعل مهمتنا أكثر صعوبة ويزيدها تعقيدا أننا نعمل لخلق تحول في أسلوب وطريقة تفكير الناس واستعادة المقاصد الأساسية للدين التي انتهكت وحرفت عن مسارها خلال الفترات التاريخية السالفة، تماشيا مع رغبات ونزوات الحكام، لنفتح بذلك لوحة تاريخية جديدة نرسم ملامحها ونصيغ صفحاتها بقيم الحرية والعدالة والمساواة.