الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٢ مساءً

حوار من أجل اليمن

خليل بن عبدالله الباشا
الجمعة ، ٢٧ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ صباحاً
المتأمل في الواقع الحواري اليمني يجد مجموعة من المتناقضات تبتدئ بسعي الحكومة الحثيث لاستجداء الحوثيين للدخول في الحوار ومروراً برفض الحكومة الحوار مع القاعدة وتحفيزاً لكل القوى السياسية للمشاركة الفاعلة في الحوار ومطالبة الحكومة للشباب بالدخول في الحوار وفق رؤية السياسيين وابتعاداً عن عقليات الثوريين وانتهاءً باشتراطات هذا وذاك لشروط ومطالب قد تصيب وقد تخيب.

سنأخذها نقطة نقطة, فنبدأ بالحوثيين الذين يعلنون قبولهم بدخولهم الحوار ثم ما يلبثون إلا أن ينقضونها – كعادتهم – بعد ساعة, وليس ذلك بغريب عليهم ولكن الغريب وما نعجب منه هو أن الحكومة ما زالت تستجديهم وتطلب منهم العقلانية!!

أي استجداء وأي عقلانية لمن قاد تمرداً شاملاً لأهداف طائفية وأغراض دنيئة تقوم على التفرقة والقتل والنهب والتمييز الطائفي, ألم يقتل أكثر من أربعين ألف يمني بسبب فتنة الحوثية ألم تدمر البيوت على ساكنيها ألم تقطع الطرق وتنهب الممتلكات ويقضى على مقدرات المنطقة بل تسبب ذلك في كدر العيش للمواطن اليمني في أرجاء الوطن.

ثم عودوا بنا قليلاً للوراء وراجعوا ما مضى ستجدوا معاهدات وحوارات ووساطات تمت بين الدولة وبين الحوثية حتى تدخلت دولة قطر الجارة الشقيقة ولكن لا للعهد أوفوا ولا للدم تركوا, ولكم في فتنهم في الساحات عبرة ومثلاً.

أما رفض الحكومة للحوار مع القاعدة فلا مبرر له وليس بحل لمشكلة القاعدة بل إنما يزيد المشكلة اشتعالاً, فلك أخي الكريم أن تضع نفسك في هذا الموقف (طائرات تقصِف – دبابات تضرب – وجيش يهجم ) ثم بعد هذا كله ترفض الدولة الحوار فهذا يعد استباحة لدماء القاعدة مما يجعلهم يقاتلون حتى أخر قطرة من دمائهم.

لا أجد مبرراً واضحاً لعدم حوار الحكومة الرشيدة مع القاعدة في حين أن الولايات المتحدة تدعو للحوار مع طالبان والمملكة السعودية لديها أكبر مركز للمناصحة في المنطقة وهو مركز الأمير محمد بن نايف ولكن الحكومة اليمنية ترفض الحوار بأي طريقة سوى الحرب المعلنة والشاملة على القاعدة ومن سكن سكناهم ومن أقام في قراهم.

ولا ننسى أن النظام البائد كان قد تحاور مع القاعدة لزمن وأنتج ذلك الحوار عودة الكثير من المغرر بهم إلى جادة الصواب, فإذا كان هذا قد حدث في عهد الفساد أفلا نطمح أن يحدث هذا في عهد التنوير.

لا يوجد أي مبرر للقتل أو لهتك مقدرات البلد ولكن بنفس الوقت لا يوجد ما يمنع أن نتحاور مع الجميع خصوصاً أن هناك جماعات مسلحة تخريبية خطرها أشد من القاعدة كالحوثيين في الشمال وفصائل من الحراكيين في الجنوب والشرق.

أما حوار السياسيين فنأمل أن نخرج من دوامة ( حجر وسيري سايرة ) وأن نخرج من الحوارات الجوفاء التي استمرت لأعوام خصوصاً في أواخر عهد المخلوع.

وحوار الشباب أتمنى أن يكونوا على ثقة من موقفهم وأن يحاوروا بلغة الثورة قبل لغة السياسة فلم تصل اليمن إلى ما هي عليه الآن سوى بالثورة ومن ركب موجتها من الساسة المحنكين الذين قادوا الموجة لصالح الشعب, وعلى الشباب عدم التخلي عن الساحات مهما كلفهم ذلك حتى يتم الانتهاء من الحوار ووضع الدستور ورسم خطة المستقبل القريب وأن يكونوا على استعداد لإنقاذ الثورة في حال حدث لها أي طارئ.

ومما يخيف الجميع ويعيق الحوار هو الاشتراطات التعجيزية من هذا الطرف أو ذاك التي يضعها البعض ليختبر مدى قدرة الحكومة على التنفيذ وقيادة الدفة ولكن هذا بالأصل يعيق مسار الحوار ويمنع سبل التفاهم والتواصل.

إن على الحكومة والقادة السياسيين والشباب الثوري أن يعمل جاهداً من أجل مصلحة الشعب وأن يقدم الجميع التنازلات فيما لا يضر بالمصلحة الكبرى للوطن وأن يعي الجميع أن اليمن ليست بحاجة للمراهنات والمزايدات بل بحاجة للتعاون ومد اليد للأخر وتقديم التنازلات وكذلك تقديم مصلحة الوطن على الحزب والجماعة..

نسأل الله أن يخرج اليمن مما هي فيه وأن يعين كل مخلص لما فيه صلاح البلاد والعباد..