الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٤ مساءً

أما سجناء اليمن في المملكة .. فلابواكي لهم !!

صالح السندي
الأحد ، ٢٩ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٥٠ مساءً
تناقلت الأخبار و بشدّة وبحمّية عالية عن وضع المساجين اليمنيين في المملكة العربية السعودية , تعددت الأسباب والسجن واحد , وكانت الأكثرية والأغلب تهمتة الوحيدة انه يمني ’’يماني’’ , فهنا تختلف النظرة وعدم الإكتراث في ضوابط التعامل والنظر لوضعية المسجونين اليمنيين في المملكة , ناهيك عن القوانين المجحفة و الظالمة ضد كلما هو يمني مرورا من نظام الكفيل و المعاملات التجارية والاجتماعية وانتهاءا الى اقسام الشرطة و السجن والاعتقال بلا اسباب ودواع قانونية , واليوم نطالع بدهشه وغرابة شديدة حادثة تعذيب سجين يمني في إحدى سجون المملكة حتى الموت تحت اقدام سجانية ومعذبية , بطريقه وحشية ولا انسانية تتنافي مع القيم الإسلامية السمحة و معاملة حسن الجوار و احترام العلاقات الدولية في التعامل مع الأيدي العاملة و الضيوف و المقيمين و السياح و الزوار .

ومع الوقت تم الفصح عن ارقام مهولة لأعداد غفيرة من اليمنيين يقبعون في سجون المملكة لاعوام طويلة و دون احكام وتحقيقات عادلة و اجراءات قضائية منصفة ونزيهة , مخالفة بذلك قوانين المملكة ودساتيرها الشرعية في المدة التي يجب ان يقضيها السجين في السجن حتى يتم محاكمتة ولا تتعدى الستة أشهر, و طغت الاخبار عن اليمنيين اما بتشوية الصورة الانسانية والحضارية للانسان اليمني , او بتصويرة للغير انه الهمجي المتخلف و الدعوة للإبتعاد عنه , وهذه الصورة المنقولة ليست نابعة من خيال الكاتب بل مستوحاه من وحي الواقع وقراءة الشهود و المغتربين اليمنيين في المملكة الذين يشكون دائما من المعاملة القاسية بكل انواعها والظلم و الإستغلال المادي في رحاب الجارة الكبرى , في ظل غياب كامل للجهات المسؤولة اليمنية وعدم المتابعه والتحري والسؤال عن احوال المغتربين اليمنيين وظروف حياتهم و اوضاعهم المعيشية والحياتية الخاصة في المملكة .

وقبل فترة ليست بالبعيدة طالعتنا قناة اليمن عن مغترب يمني يدعو المواطنين اليمنيين للتبرع لإعتاق رقبته من السيف بعد الحكم عليه ظلما في قضية قتل دفاعا عن شرفه وعرضة , وبعد انقضاء 12 عشر عاما من السجن يتم الصلح مؤخرا بشرط تعجيزي لدفع مبلغ 5 مليون ريال سعودى , وتم نشر قضيته والواقعه المأساوية في اكثر المواقع الالكترونية والاخبارية والاستجداء باهل العون والتجارة للوقوف معه في محنتة واعتاق رقبته, المواطن والمغترب اليمني في المملكة يعاني الامرّين من الهروب من جحيم الاوضاع في اليمن والفقر المدقع الى نار المملكة وجحيم المعاملة اللاانسانية وانتهاك حقوق الانسان , في غياب دور السفارة والقنصلية و وزارة شؤون المغتربين في متابعة حالات السجن والقضاء وبحث الحلول المجدية وتعيين محاميين مقتدرين للدفاع عن الكمّ الهائل من ابناء اليمن في الاراضي السعودية .

ويمر بنا شريط الاحداث ومقاطع الفيديو واليوتيوب المسّربة عن جرائم النظام السعودي ضد ابناء اليمن بدءا من الحدود بدعوى التهريب والتسلل الى اراضي المملكة , وعن تلك المعاملة الهمجية والعنترية ضد ابناء اليمن , وان كنا ضد التسلل والسفر بطرق غير قانونية , ولكن هناك قوانين دولية ملزمة تعالج مثل هذه الحالات , وتتحكم في سير العملية القانونية بطرق انسانية واخلاقية عالية , وحادثة خميس مشيط التي تم احراق 25 شابا يمنيا ليست ببعيدة عن الاذهان , وتم اسدال الستار عليها دون محاكمة او قصاص وضاعت في رحى المجاملات السياسية والصمت المطبق .

سؤالنا لحكومة الوفاق والقائمين على الحكم في اليمن , الى متى التغاضي المفرط وغض الطرف عن حقوق المغتربين اليمنيين , و الى متى السكوت على الانتهاكات السعودية الصارخة لحسن الجوار , و الى متى سيظل التعامل مع ملفات اليمنيين في السعودية بفتور ومجاملات سياسيه عقيمة ثمنها الكرامة والعزة الوطنية , واذا كانت الاموال الطائلة تذهب من الخزينة العامة لبناء الجوامع كان الأحرى بها بذهاب جزءا بسيطا منها لاعتاق رقبة مصطفي العماري من السيف مثلا , و ذهاب جزءا بسيطا منها لمعالجة قضايا اليمنيين المسجونين على ذمة ديون مالية في السعودية , إن احترام السعودية لأبناء اليمن لن ينبع الا من احترام الدولة اليمنية لأبناءها واكرامهم و متابعة قضاياهم , والرفع من الهامة اليمنية المناظلة لأجل لقمة العيش الشريفة .

وكانت من نتائج الثورة المصرية مؤخرا تبني سياسة التعامل بالمثل والحزم مع المملكة السعودية بعد ان وصلت الانتهاكات الصارخة والمعاملة بالمواطن المصري في المملكة الى ارذل العيش واسوء درجات التعامل من الاعتداءات والعنصرية المقيته و السجن و الاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة في المرافق العامة , فجوبهت بحملات اعلامية وقانونية وشعبيه مصريه جماهيريه عظيمة لتوقف السعودية عند حدودها الادبية والانسانية في التعامل مع المواطن المصري بصورة حضارية مشرّفة , واصبحت اراضي المملكة وسياساتها ضد المواطنين المصريين تحت المجهر الوطني المصري والشبابي , فلا تخف خافية وإن كانت حادثة بسيطة حتى تثور مصر عن بكرة ابيها مطالبة بالعدالة و اعادة الكرامة المسلوبة للمواطن المصري سواء في السعودية او في الخليج بشكل عام , وما حدث مؤخرا من قضية المحامي المصري أحمد الجيزاوي الذي حكم عليه بالسجن لمدة عام وعشرين جلدة بدعوى ’’اهانة الذات الملكية’’ ليست ببعيدة عن الأضواء الاعلامية والصحفية التي ضجت بها الساحة المصرية مطالبة بالنصر وتحرير السجين المصري , فلماذا لا تحذو اليمن حذو الثورة و الدولة المصريه في المناداه والمطالبه العاجلة بفك أسر المسجونين ظلما وبهتانا في سجون الذل في المملكة , ولماذا لا يتم تشكيل لجان حقوقية وقانونية للسفر الى المملكة ومتابعة قضاياهم الشائكة ومعالجة اوضاع المغترب اليمني في السعودية , قناعات السعودية السياسية نابعه من هيبة واحترام الدولة اليمنية الجارة , فلو كانت تملك السعودية لليمن ذلك القدر الكبير من الود والاحترام المتبادل لعاملت ابناء اليمن المعاملة الراقية التي تليق بمكانة الدولتين والشعبين والمواطنة المتساوية .

لن نتطرق هنا عن الدور السياسي السعودي السلبي في اليمن , وعن عدم انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي , وعن خفايا الامور السياسية الاخرى , كل ما يهمنا الآن هو المواطن و المغترب اليمني في الاراضي السعودية , ولن نتحدث عن شبكات المافيا والتهريب والمخدرات والاتجار بالاطفال عبر الحدود اليمنية السعودية , والتي غالبا ما تدار بأيدي واموال سعوديه خالصة , نحن هنا مطالبين بوقفه جادة وصريحة امام هذه القضايا برؤية وطنية خالصة , وعمل حملات وطنية واعلامية شعبية كبيرة , لانعتاق المارد اليمني من سطوة وتسلط الجار السعودي , مع احترامنا الكبير للشعب السعودي حسب ما تملية علينا العلاقات العربية والاسلامية وحسن الجوار , الا اننا بحاجة لنهضة يمنية كبرى في المجال الحقوقي والاعلامي , والمطالبه بحل ومتابعة جميع قضايا المغتربين المسجونين في السعودية , وسرعة ايجاد الحلول الناجعة والقوية لها , وحفظ هيبة وكرامة المواطن اليمني , لان المغترب اليمني يعبر عن كرامة وحضارة وطن باكملة .

اختتم هذه الإطلاله بمقتطفات من شعر البردوني عن الغربه في قصيدتة الشهيرة المعنونة ’’ أسير غربة ’’

ورحت من سفـر مضـن إلـى سفـر= أضنـى لأن طريـق الراحـة التـعـب
لكن أنا راحـل فـي غيـر مـا سفـر = رحلي دمي... وطريقي الجمر والحطـب
إذا امتطيـت ركابـاً للـنـوى فـأنـا = في داخلي... أمتطـي نـاري واغتـرب
قبري ومأسـاة ميـلادي علـى كتفـي = وحولـي العـدم المنفـوخ والصخـب
»حبيب« هـذا صـداك اليـوم أنشـده = لكـن لمـاذا تـرى وجهـي وتكتئـب؟
ماذا؟ أتعجب من شيبي على صغـري؟= إني ولـدت عجـوزاً.. كيـف تعتجـب؟