الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٧ مساءً

جمعة كرامة المغتربين

د. علي مهيوب العسلي
الاربعاء ، ٠٢ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
يهل علينا عيد العمال يوم غدٍ الموافق الواحد من مايو من كل عام الذي بموجبه أعلنت وزارة الخدمة اليمنية عن إجازة رسمية تقديراً وتكريماً لِعرَقِ العمال اليمنيين الذين يكافحون لكي يعيشوا بكرامة وهذا مقدّر ومحسوب للحكومة إذا كانت تدرك الدلالات العميقة لهذا اليوم!

لكن هناك سؤال مثير للدهشة والاستغراب وهو كيف تتهيأ الحكومة الوفاقية للاحتفال بهذا اليوم العظيم ،وهي خرساء صماء لا تحرك ساكناً أمام التجاوزات الخرقاء لأنظمة الحكم الديكتاتورية ؟ ؛ التي تعتقل أبناء اليمن بالمئات بل بالآلاف وتقوم بتعذيبهم الممنهج دون بيان استنكار من الحكومة كما جرت الأعراف الدبلوماسية ،أو حتى طلب تحقيق أو في الحد الأدنى طلب توضيح ،لما تناقلته وسائل الإعلام وللأسف الوسائل التلفزيونية الرسمية ليست من ضمنها عن وفاة المواطن اليمني سلطان الدعيس في السجون السعودية ،ويُعتقد أن حادث الوفاة ناتج جراء استخدام وسائل تعذيب همجية تمارس دائما باستخفاف بدم وكرامة الإنسان اليمني .وقد أعلن الخبر عن وفاة الشهيد الدعيس من قبل السلطات السعودية لذوي الضحية ، وقد جاء في الخبر المتناقل أن الوفاة كانت بسبب التهاب رئوي حسب زعمها .وهي الآن تساوم أسرة الشهيد في دفنه في البقاع المقدسة (في مكة أو المدينة) وترفض تسليم جثة الضحية لأسرته "حسب ما جاء في مأرب برس على لسان نجم الدين شقيق المجني " ، وغالب الظن أن هذه المساومات والإغراءات مع أسرة الشهيد هو استخفاف آخر بحكومة الوفاق الوطني لأنه كما يبدوا تَم تجاهلها ولم تبلغ. إن حكو
متنا وهي تحتفل يوم غدٍ وكل الخطباء والفصحاء يكتبون الكلمات التي ستلقى بهذه المناسبة وسَتُذكر فيها مناقب العمال وانجازاتهم ، وان الحكومة تقف بكل إجلال لهم وتُقبل الأرض التي يسيرون عليها عمال اليمن ، "وهي بالتأكيد قد نسيت أو تناست عمال البلدية عندما أضربوا ليطالبوا بمستحقاتهم كيف صارت شوارع صنعاء وغيرها من المدن اليمنية" ، ولربما تذرف بعض الدموع إكراماً لهم.وكون أبناء اليمن عاطفيين سترق قلوبهم ويجذبهم المشهد وسينسون الذي يستحق هذا العام التكريم ،إنه العامل الأول الشهيد الدعيس ورفاقه في كل بقعة من بقاع الأرض الذين قضوا نحبهم أو في طريقهم لها سواء في جونتيناموا أو في سوريا أو في باكستان أو في أي بقعة من بقاع العالم حيث وأنظمتنا المتعاقبة طاردة للسكان!

كيف لا وحكومتنا منشغلة هذه الأيام بالحوار الوطني ولا يوجد لديها وقت في التفكير بموت أي يمني وفي أي ظرف مات هذا اليمني!

إن هذا الصمت المخزي لحكومتنا التوافقية يجعلنا نضرب أخماس في أسداس للتحليل ، وبينما نحن نقلب الاحتمالات والاستنتاجات ندرك سريعاً أن هذا الصمت لا يحتاج إلى بذل عناء للتوصل إلى كُنه هذا الخضوع للحكومة، لأن المسألة ببساطة شديدة أن الحكومة هي نتاج المبادرة الخليجية والمبادرة الخليجية هي صناعة سعودية في الدرجة الأولى .إذن فلا داعي لاستكمال التحليل ، ولذلك فسؤالي المثار سلفاً لا محل له ولا منطق عقلاني يجعل المرء يسأل مثل هذا السؤال ؟!!

دعوني أحاول مرة أخرى و لكن السؤال المثير للدهشة والاستغراب حقاً هو لماذا هذا الصمت من قبل شباب الثورة وهم الرافضون للمبادرة الخليجية وصنّاعها ؟؛ وبخاصة وان من دواعي الثورة التي تداعوا لها الشباب وخرجوا وضحوا بأرواحهم ، هو من اجل إعادة كرامة الإنسان اليمني الذي هدره صالح وأعوانه وجعل كرامة الإنسان اليمني لا قيمة لها بالعالم !

جاءت ثورة الشباب لتنجز صفحة اليمن البيضاء الحقيقية وأدهشت العالم في توهجها ،وأن في اليمن شعب مسلح لكنه مدني وحضاري ، نعم لقد حققت الثورة كل ذلك ، إلى أن جاءت المبادرة الخليجية ،فجعلت الشباب يتكاسلون ،على عكس نظراءهم المصريين الذين لم يسمحوا لأحدٍ أن يُهين مصرياً وخرجوا بمسيرات . أتدرون لماذا أيها الشباب هم يفعلون ذلك ؟! ،لأنهم لم يسمحوا لأحدٍ التدخل في مسار ثورتهم ،بل أصروا عندما جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية إلى ساحة التحرير لتبارك لهم انتصارهم الكبير على فرعون مصر فرفضوا مقابلتها بكل اعتزاز وبكل شموخ هذا هو الفرق!!

أما انتم أيها الشباب فقد ركنتم على غيركم في تحقيق بقية أهدافكم وفرطتم في شهداءكم ومعتقليكم ،وجزأتم أهدافكم،وتخليتم عن قيادة ثورتكم لغيركم ،وتركتم السياسيون يسرحون ويمرحون ،ويتفقون ويوقعون ـبل ويحكمون وهاهم اليوم قد يفرطون بكرامة مواطنيكم. نعم لقد اتبعتم ما يمليه عليكم سياسيوكم المجربون فعلا والذين لا فائدة منهم سوى العويل والضجيج،بل وأصبحت عمالتهم واضحة، ولم تعد تعنيهم السيادة الوطنية بشيء. نراهم قد تجاوزوا العهد القديم الذي كان يكذب ويدعي انه يشن غارات جوية على القاعدة إلى أن تم فضحه عبر وثائق ويكلكس الشهيرة ،أما حكامنا الجدد فقوات الجوية الأحرار كانوا مضربين لتغيير فرعونهم والضربات الجوية كانت في أوجها وهم لا يخجلون من نشر أخبار الضربات الجوية الأمريكية على مواطنينا واختراق أجوائنا .وهاهم الحوثيون يشكون ويرصدون صباحا ومساءً الانتهاكات التي تمارسها السعودية في حدودنا وكأن الحكومة لا يعنيها ذلك بل يبدوا أنها ستكرر نفس المواقف السابقة بالاستعانة بالشقيقة الكبرى لتأديب من تختلف معهم سياسياً.

ما هكذا تدار الأمور يا حكومة الوفاق وانتم ترون السعودية والأمريكان الذين يفترض أنهم حلفاؤكم في التخلص من صالح وأعوانه ، وإذا بهم يحرجونكم بقصف شعبكم دون حسيب ولا رقيب وصالح مازال يشاغلكم فيداركم ولم يغادر بعد أن منحتموه حصانتكم، فلا تحاولوا تفريغ ثورة شبابكم أيها السياسيون من محتواها لأنكم حتما ستفشلون! لقد أصبحنا نلاحظ في شاشة التلفاز أن من يحل المشكلات هم من الخارج وهكذا المُخرجين جعلونا نعتقد أن مسئولينا هم دُماً بيد اللاعبين الحقيقيين الذين صاروا معروفين لكل الشعب اليمني.

ولكي لا أُفرط في التشاؤم فقد استبشر اليمانيون خيراً عندما سمعوا في وسائل الإعلام أن الرئيس اليمني الجديد وفي اليمن الجديد اشترط على حضور اليمن قمة بغداد الأخيرة إطلاق السلطات العراقية للمعتقلين اليمنيين وطالب الأمريكان بتسليم اليمنيين المعتقلين لديها واستجابت الدولتين لمثل هذه المطالب ووعدت بدراسة الموضوع وأدركت تلك الدول أن هناك في اليمن مسئولين يَرعون مصالح الشعب ولا يفرطون ،واستفاق الشعب اليمني من مهانته التي مورست عليه من قبل نظامه السابق ،وبدأت الأصوات تعلوا وتقول أن الرئيس هادي يشبه تماما السلال المشهور بوقوفه في قضايا المغتربين ، بل أن الكثيرين شبهوا هادي بالشهيد إبراهيم الحمدي وقالوا وهذا الكلام على لسان كثير من عامة الناس أن الرئيس الحمدي كان غير معروفاً قبل طلوعه الحكم لدى عامة الناس لكنهم عند أول خطاب له أدركوا اليمانيين بطبيعتهم وحساسيتهم تجاه من يحكمهم، ويمتلكون فراسة قل نظيرها في العالم فتوجهوا مع الشهيد الحمدي للبناء فكان لهم سندا وعونا ودافع عن المغتربين وبخاصة في الشقيقة الكبرى وجعل أجر العامل اليمني أغلى اجر من نظرائه من الدول الأخرى ، بالرغم من الفارق الكبير في جانب المهارات لصالح العمال ال
آخرين. نعم لقد جعل هذه الطاقة الخلاقة أكبر عائد لليمن فتواردت العملات الصعبة لليمن وانتهى الاختلال في ميزان المدفوعات ـبل وأصبحت اليمن مقرضة للبنك الدولي ,كل ذلك من عائدات المغتربين العاملين ،وليس من التسّول وانتظار المساعدات والصدقات.

وما أشبه اليوم بالبارحة فها هوا هذا الشعب العظيم هبّ في يوم الواحد والعشرين من مارس الماضي وصوت لهادي (أنا لست منهم) بفراسته التي تعودتاها منه .

فهل تعملها يا سيادة الرئيس وتستدعي السفير السعودي وتطالب بالتحقيق وتعيد جثة الشهيد الدعيس إلى ذويه وتحقق حسن ظن شعبك بك، نتمنى أن تفعلها!!

أما انتم أيها الشباب بكم أبدأ وبكم أختم ،لأنكم انتم الأمل الوحيد الذي يعوّل عليه الشعب اليمني والذي التف حولكم عندما خرجتم من أجله وأوُلاها كرامة الإنسان اليمني وعدم إهانته بعد أن خرجتم بثورة سلمية !

فهل ستنتصرون لمعتقليكم ولأنين عذاباتهم وتسيرون المسيرات لتعبروا عن غضبكم؟!

وهل يستحق المعتقلين والمعذبين في الشقيقة الكبرى وغيرها من الدول تسمية جمعتكم القادمة انتصارا لهم ولثورتكم ،ولتثبتوا للعالم أن ثورتكم ليست للمزاد وليست رهينة لأحد في هذا العالم ؟!

أتمنى أن تصغوا هذه المرة لمقترحنا وان تجعلوه موضع التنفيذ لتؤكدوا لحكومتكم انه لا يجوز بعد الآن بقاء أي يمني في السجون سواء في الداخل أ و في الخارج لان الحكومة يبدوا أنها أذعنت للشقيقة الكبرى ولم تحتج على موت موطنها في السجن السعودي لأنها عاجزة عن الوفاء لكم بتحرير معتقليكم الثوار فليكن شعاركم إما تحرير المعتقلين من السجون الصالحية ، وإما الرحيل لحكومة الوفاق الباسندوية ...منتظرين أفعالكم أيها الثوار الأحرار....