الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٨ صباحاً

حفيد سيف بن ذي يزن يلجأ الى الحبشة !!

صالح السندي
الخميس ، ٠٣ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
مصادفة غريبة وعجيبة يسوقها التأريخ هذه المرة , وطالما كثرت التكهنات عن مصير الرئيس اليمني السابق , توالت الاخبار هذه المره وباسهاب شديد ووتيرة عالية وربما مؤكدة جدا عن المنفى الاختياري وعن ذهاب الرئيس اليمني السابق الى اثيوبيا للإقامة الدائمة و ربما لإقامة طويلة الامد , وربما تكون بمثابة محطة انتقال الى بلد خليجي او اجنبي آخر , ولا تغفل الأذن بمجرد سماع اسم الدولة المضيفة اثيوبيا حتى تشخص بالعقل الى ذلك التأريخ الممتد والضارب في جذور التاريخ بين اليمن ممثلة بحضارة مملكة سبأ وملوك حمير والحبشة بلاد الاحباش التي كانت قديما امتدادا جغرافيا وحيويا طبيعيا لحضارة مملكة سبأ , وكانت تحت سيطرة الملكة بلقيس والملوك الحميريين , وهي ذات البلاد البعيدة التى وطأتها اقدام سيف بن ذي يزن يوما ما و احتلها انتقاما لاستعمار الاحباش قديما لمملكة سبأ واليمن , وذاق اهل اليمن حينها من شر الاحباش العذاب والجوع والظلم والحرمان .

اذن بمجرد سماع اسم اثيوبيا حديثا او الحبشة قديما له وقع موسيقي خاص على الآذان و تطرب له الافئدة لذلك التأريخ الممتد والمؤثر بين الحضارتين القديمتين , ولارتباط اسم الحبشة بالتأريخ الإسلامي والتأريخ القديم , وما تم تناقله هذه الفترة وهذه الايام على وجة الخصوص من عزم الرئيس السابق للذهاب الى الحبشة يعتبر صدمة تأريخية كبيره, وعميقة المفهوم والدلالات , لما تحمل من التناقض التأريخي العجيب والمفارقة التأريخية التي قد لا تتكرر عبر الأزمان , هنا الرئيس يذهب بصورة لاجئ او مقيم او ضيف بغض النظر عن التسميات العديدة لطريق الرحلة الحارة المتجهة شرقا , ولكن في كل الاحوال الرحلة الانتقالية المرتقبة تعتبر بمثابة هروب من جحيم الضغط الدولي بحجة ترك المرحلة الانتقالية والامور الداخلية في الوطن اليمني تأخذ مجراها بعيدا عن ضغوط الاسرة الحاكمة وتدخلات الرئيس السابق وتأثيرة المفرط على مراكز صنع القرار , بما يعتبر في نظر الكثيرين حجر عثرة امام تقدم المسيرة الوطنية التي تقودها حكومة الوفاق الوطني والرئيس هادي .

وتتمثل المصادفة والمفارقة التأريخية العجيبة عن سر اختيار اثيوبيا بالذات كمنفى اختياري لحفيد سيف بن ذي يزن – او هكذا كان يحلو للرئيس السابق تسمية نفسه مفاخرا - , بعد ان تسربت انباء عن حمل وزير الخارجية ابو بكر القربي رسالة بخصوص هذا الشأن الى رئيس الوزراء الاثيوبي ميلس زيناوى وقبول الأخير والموافقة على طلب قدوم الرئيس اليمني السابق الى ارضي الدولة الاثيوبية , يجرنا سير الأحداث التأريخيه قديما الى أواسط القرن الخامس الميلادي عندما عاث الاحباش فسادا في اليمن وانتشر الظلم و الفساد والحرمان , مما حذا بسيف بن ذي يزن اللجوء الى ’’كسرى انوشروان ’’ ملك الفرس والاستنجاد به طالبا الغوث من ظلم الاحباش , فأرسل المساجين والقتلة ومن عليهم احكام وجرائم قتل للتخلص منهم في ارض اليمن بقيادة ’’وهرز ’’ والذي قاتل مع سيف بن ذي يزن ضد جيش الاحباش بقيادة مسروق بن ابرهه فهزمة هزيمة نكراء و طهر اليمن من حكم الاحباش , بل وذهب فاتحا الى الحبشة لتصبح بعدها جزءا من مملكة سبأ خاضعه لملوك حمير , لن ندخل هنا ونتعمق اكثر في تفاصيل التأريخ وأحداثة , ولكن للعظة والعبرة وسوق الأدلة والبراهين على عظمة التأريخ اليمني القديم , وطالما تفاخر الرئيس السابق في مقايله ودواوينه ومجالسه الخاصة مفاخرا بانه حفيد سيف بن ذي يزن وانه حفيد ملوك مملكة حمير واصفا نفسة بسهيل اليمن, وكم تغنى له الشعراء والفنانون بهذا اللقب عبر قصائد مطولة وغنائيات عديدة.

هنا التأريخ يرد الصاع بقوة وعلى الباغي تدور الدوائر , ولعل عظات ودروس الحكم وظلم الحكام لم تنته او تتوقف عند هذا الحد , فاذا كان المنفي اختياريا جدلا , فقراءة التأريخ واستلهام الاحداث والروايات والمقارنة التأريخيه بعظة وتأمل تعتبر ملاذا اجباريا للباحثين عن الحقيقه ودعوة للتأمل والمقارنه , الحبشة دخلها يوما ما سيف بن ذي يزن فاتحا حاكما عزيزا قويا , واليوم يذهب اليها الرئيس السابق وهو الذي يدعي انه من احفاد المجد والحضارة شريدا مهانا , بالأمس البعيد سطر سيف بن ذي يزن اسمة في التأريخ باحرف من ذهب و صار علما من اعلام التاريخ تتناقلة الاجيال وتكتب له المجلدات العظام و يروي التأريخ عنه ويستلهم منه الشجاعة والنجدة والمجد , وحرر البلاد والعباد ووحد الاوطان تحت راية مملكة واحدة .

اما الرئيس التائه في مغبات الضياع شرد الوطن واذاق البلاد والعباد ويلات الحروب والدمار وفرّق بين الاخوة وبث دواعي التمزق والتفرق بين أبناء الوطن الواحد , التأريخ قديما دوّن وسطر لسيف بن ذي يزن مجدا عظيما وتأريخا يقرأ و يدرس حتى الان , بينما على عبدالله صالح سطر له التاريخ قائمة سوداء وملحمة دموية من الخزي والعار الابدي الذي ستظل تلاحقة حتى آخر يوم في عمرة , وما ترك بيتا في الوطن الكبير الا وبه شهيد او مظلوم طاله من الديكتاتورية والظلم الشئ الكثير , وان كان سيف بن ذي يزن ملأ الفضاء عدلا ورحمة وتذكرة الاجيال بخير وذكرى عبقة , فالرئيس السابق امعن في الظلم ونهب الاموال والفساد ولم يجعل له اية ذكرى او محاسن تكفّر عن خطاياه لدى شعبة.

تضاف هذه المقارنة التأريخية الى الامتهان الحاصل والتنازل في المبادئ والثوابت الوطنية , وجزاء عادل لمن فرط في الأمانة والمسؤولية الوطنية الكبيرة , وترددت الأنباء عن الرفض الدولي الكبير لاستضافة الرئيس السابق سواءً إلى دولة الإمارات او روسيا او غيرها من الدول , يضع باب اثيوبيا مفتوحا امام الزعامة الراحلة لتحط الرحال في الصحراء الاثيوبية و لتسطر للتأريخ بابا آخر لزعيم يمني دخل التأريخ من بوابتة الخلفية وعلى حين غرة من التأريخ وخرج مكرها مرغما ليلاقي مصيرة في هوامش التأريخ وابجدياته المنفية ومعانية المنسية , فهل رحيل الرئيس السابق يكفي ام يجب ان ترحل جميع اقطاب الاسرة الحاكمة وتسافر الى غير رجعة وينهار نظامة كليا حتى تصفو الأجواء السياسية و يستعيد الوطن عافيته وسلامتة , وتنتصر الثورة الانتصار الحقيقي بتحقق مبدأ الرحيل , ولكن هل سيعود بالرغم من المزاعم المتتالية ان سفره مؤقت خلال الفترة الانتقالية .؟؟ هذا ما ستكشفة الايام القادمة وتفصح عنه الاحداث في مسيرة الوطن ..