الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٣ مساءً

الثورة الشبابية بين الإدمان والإنتاج

عبدالرحمن صادق الوحش
السبت ، ٠٥ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
ضيف حل باليمن السعيد إستبشر به أهلها أملين بإنتهاء الأوضاع المأساوية والمضنية التي نغصت عليهم معايشهم بحلول هذا الضيف وأن البركة التي نزعت من هذه الأرض ، والسعادة التي تلاشت من على وجوه اليمنيين لزمنٍ طويل ليست إلا حمى أصابت وطننا الحبيب وسببت له غيبوبة بسيطة وها قد آن أوان الإستفاقة..

ثورة فبراير 2011 المباركة .. تفجرت ينابيعها من دماء الشهداء والجرحى ومن دموع الأيتام واهآت الثكالى واستبشر الوطن بما ستنتجه الدماء الطاهرة والدموع الحارة التي ستظهر آثارها على جبين هذا الوطن المعطاء..

لذلك واجه اليمنيون كل ألوان العذاب وأفضع أنواع الجرائم وأبشعها،والذي مارسها النظام المستبد الأسبق ، بكل حماسٍ ، وإصراراً على المضي في درب الشهداء حتى ينعم اليمن وأهله بثمار تحقيق كل أهداف الثورة..

وخلال ما يقارب العام والنصف مرالشباب في الساحات بالعديد من المحطات التي منها ما يبعث فيهم روح الحماس والتفاءل ومنها ما يشعرهم بشيءٍ من التضجر واليأس للفراغ السياسي وغياب المعلومةِ حيناً ومرارةِ الإنتظار والهدوء النسبي الذي يقاطع الزخم الثوري حيناً آخر، وسرعان ما تذوب هذه الأحاسيس في خضم أمواج الثورة العاتية،، وبحمد الله وفضله تجاوزوا العديد من المنعطفات الخطيرة التي منها ما كاد يطيح بالثورة ويشتت الثوار ويلهيهم عن تحقيق أهدافهم الأساسية بخزعبلاتٍ لا تسمن ولا تغني من جوع .

وما زالوا مستعدين لتجاوزغيرها بل وتحدي الأخطار والصعاب في سبيل إستعادة الوطن المغتصب ولكن ما يقلقني أن يكون الثوار ومع طول المدة ووعورة الطريق والشحة والتباطئ في حصد الثمار، حتى ظن البعض إستحالة حصدها نتيجةً لفوات موسم الحصاد ولعواملٍ أخرى منها التعود على مصاحبة الخيام والأنس بها وتكرار نفس الروتين اليومي داخل الساحات إضافةً إلى بعدهم عن مواطن صنع القرار، الشيء الذي جعل منهم مجرد أدوات لتنفيذ سياسات غيرهم دون أي نقدٍ أو بحثٍ أو تأمل في مدى صحة تلك السياسات وفاعليتها أو حساب إحتمالات الفوائد التي ستنتجها هذه السياسات من عدمها .

و لا نعلم هل تعمدت الأحزاب السياسية هذه التنشئة العقيمة للشباب سواءً أكان متحزباً أم موالياً أم مستقلاً ؟ وإن كان الجواب إيجابي فلماذا؟

هل هو التخوف من أن تصدر الشباب لأدوار قيادية قد يسحب البساط من تحت القيادات المسنة التي ما زالت متعطشةً للسلطة رغم السنين المنصرمة من القيادة ؟؟

أم هوالإقصاء الذي رضعوه وألفوه من النظام السابق ، وهم الآن يمارسوه على الشباب كما كان النظام السابق يمارسه عليهم ؟؟
أم أن الشباب هم من تسببوا لأنفسهم بهذه التنشئة وأن الأحزاب السياسية لا دخل لهم بهذا ؟؟ وبإعتقادي أنه سواءً كان الجواب سلبياً أم إيجابياً فإن القيادات الحزبية فوتت على أنفسها فرصة كانت مهيئةً لتأهيل الشباب والإستفاده من طاقاتهم و زرع روح الثقة بينهم وبين الشباب بدلاً من أسس الكراهية والعدائية التي يحملها الشباب الآن والثقة المنزوعة بل والنظرة السلبية لنظام التعدد الحزبي بشكل عام..

وسنستمر في تنشئةِ جيلٍ عاجز عن صنع القرار وعاجزٌ أيضاً عن العيش بدون سياسات جاهزة،أي سياسات كانت وأياً كان مصدرها ، مالم يصحُ الشباب وينزعوا عنهم العباءة التي لطالما ألفوها من، وفي نفس الوقت يشعر الساسة بواجبهم الوطني الذي يقضي بتأهيل الشباب وألأخذ بأيديهم حتى يستطيعوا ممارسة حقوقهم السياسية بكفاءةٍ وإقتدار،،، مالم فستظل تلك الهوة بين الشباب والأحزاب بل وستزداد إتساعاً
وستكون كل هذه العوامل سبباً حقيقياً لتوريث( الإدمان على الثورة )عند الشباب وهذا مرض عضال لا علاج له حالياً يجعل الثوار يتمسكون بالثورة , ويواصلوها لا لتحقيق أهدافها بل لأجل الثورة نفسها ،
وآمل من الله أن أكون مخطئاً في تشخيصي وأن يكون الواقع مختلفاً تماماً عن ذلك .