الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٠ مساءً

الوحدوي الناصري ... التنظيم الشاب

عبدالفتاح علوة
الاثنين ، ٠٧ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
فشلت القوى التقليدية والشمولية في شطري اليمن سابقا في محو الفكر الناصري من أذهان الناس وكان ظنها أن القتل والتعذيب والاعتقال والإقصاء والتشوية سيميت الناصرية وقيمها ومبادئها من الواقع الوطني وكأنها موجة عاطفية تأثرت بشخص عبدالناصر وستنقرض بزواله تدريجيا بفعل عامل الزمن، غير مدركين أن الفكر الناصري انسجم منذ ولادته مع حاجة الأمة للتحرر من الاستعمار والرجعية ومن التبعية لأي منهما وبأي شكل من الأشكال، وساهم في بث روح الحرية والعدالة مؤكدا بأنه ضرورة موضوعية منذ النشأة، واستمر يمد الأمة بروح العدالة ويغذيها بقيم المساواة الرامية لخلق حياه كريمة وعادلة للإنسان، تحت ظلال مشروع حضاري عربي إسلامي يؤدي لبناء مجتمع أكثر تحررا وتقدما.

إن إدراك الناصريين الأوائل لعظمة أهدافهم ونبل مبادئهم ويقينهم بأنهم تنظيم المستقبل كان عزاؤهم في تحمل كل تلك الحملات المسعورة، الأمر الذي ساعدهم في خلق وتجسيد سمات ومزايا نضالية مازالت اغلب القوى السياسية لم تعيها بعد، وسنستعرض بعض منها كالتالي: فالناصري هو تنظيم الفئات والقوى الاجتماعية المتطلعة للتغيير فلم يقف مع أي من النظامين السابقين في شطري اليمن ولم يتحالف معهما، باستثناء وحيد وهو فترة الشهيد إبراهيم الحمدي لما وجدوا فيه من تطابق توجهاته مع ما يطمحون إليه في بناء الدولة الحديثة دولة المؤسسات والنظام والقانون، قبل أن ينضم الحمدي للتنظيم الناصري في ابريل 1976م حيث كان سابقا ينتمي لحركة القوميين العرب في مرحلتها الناصرية وقد غادرها عندما بدأت تتبلور في اتجاه فكري معين.

في فترة الحمدي تجلت سمة غابت كثيرا عن واقعنا الحالي، فلقد كان الحمدي وهو على أعلى قمة في الدولة قد وافق على أن يكون فردا عاديا في التنظيم وكان التنظيم يحرص على ألا يستغل موقع احد أعضائه في تحقيق منافع ذاتية مجسدين بذلك صورة مثالية للعمل السياسي مبتعدين عن الانتهازية والاستغلال الغير مشروع لإمكانات الدولة، مدركين أن مال الدولة هو مال المواطنين البسطاء، وان التنظيم الذي لا يستطيع مواجهة نفقاته من إيراداته الذاتية فهو غير جدير بتحمل المسئولية الوطنية.

وحدويا كان التنظيم الناصري تنظيم وحدوي منذ نشأته في ديسمبر 1965م وليس في الجانب النظري والفكري أو الدعوة لتحقيق الوحدة اليمنية فحسب، فهو تنظيم خلق موحدا في بنيته التنظيمية في الشمال والجنوب وتحت قيادة واحدة.

يؤمن الناصريون أيضا بان الوسائل والأساليب يجب أن تتكافأ شرفا مع الأهداف، فلم يكونوا يوما دعاه حرب أو خراب أو دمار فالرئيس الحمدي وصل الحكم بطريقة نظيفة لم ترق فيها قطرة دم، وبالمثل حاول عيسى محمد سيف ورفاقه إعادة حركة 13 يونيو عبر جبهة 13 يونيو في ثورة 15 أكتوبر 1978م التي لم يحالفها النجاح وكان بإمكان الرفاق الناصريين حسمها عسكريا ولكنهم أرادوها بيضاء نقية كنقاء أهدافهم وتطلعاتهم، فاختاروا التضحية بأرواحهم من اجل الشعب حيث قال عنهم الكاتب الكبير عبدالله البردوني "ستظل عملية استشهادهم كالأساطير فإنهم ذهبوا للموت وكأنهم ذاهبين للعرس" وقال عيسى محمد سيف حينها " إننا سنضحي بأرواحنا من اجل الشعب ولن نضحي بالشعب من اجل بقاء أرواحنا".

أيضا لم يتعامل الناصريون بردة الفعل فبرغم ما حدث معهم ومن غالبية القوى السياسية إلا إنهم لم يحقدوا على احد ولم يستهدفوا احد وكانوا يطالبون على الدوام ولا زالوا بالاعتراف بالآخر والتعايش معه بدليل مشاركتهم الفاعلة في التحالفات السياسية السابقة كمجلس التنسيق أو حاليا اللقاء المشترك، ونظرا لأنهم قد تربوا على مبدأ النقد الذاتي في تنظيمهم كبند معتمد وثابت في جدول أعمال جميع الاجتماعات وعلى جميع المستويات التنظيمية، بدءا من لقاءات الوحدات بالمراكز وصولا إلى اللجنة المركزية والأمانة العامة، إضافة إلى مبدأ القيادة الجماعية التي تجعل جميع الأعضاء قادة ومتخذي قرارات ومهمة المسئول الأول ليست سوى تنفيذ القرار الجماعي بعد التصويت عليه، فلقد تحولت تلك التربية النقية إلى سلوك وأسلوب تعامل فهم يمارسون ذلك النهج في إطار اللقاء المشترك برغم ما يمثل ذلك من إزعاج للبعض، إلا انه يفيد ويطور العملية السياسية برمتها...

ديمقراطيا، برغم ما تعرض له التنظيم من مضايقات واقصاءات ومطاردات إلا إنهم لم يعلقوا الديمقراطية التنظيمية حتى وهم في السجون واستمر انعقاد المؤتمرات العامة وانتخاب القيادات منذ التأسيس حتى الآن ونحن حاليا في المؤتمر الحادي عشر الذي انعقدت مؤتمرات الفروع وتبقى المؤتمر الوطني العام .... ويعتبر التنظيم الوحيد الذي تعقد مؤتمراته كاملة بدءا من مؤتمرات الوحدات الأساسية بالمراكز مرورا بمؤتمرات المناطق إلى مؤتمرات الفروع ثم المؤتمر الوطني العام، وتجرى فيها انتخابات ديمقراطية ومباشرة من القاعدة إلى القمة ومما يحسب للتنظيم أيضا هو التجدد المستمر حيث بلغت نسبة القيادة الجديدة الشابة في مؤتمرات فروع المحافظات الأخيرة 80% فهو التنظيم الشاب المتجدد المتطلع للتغيير فلا يستطيع احد إنكار أن شباب الوحدوي الناصري هم أول من خرج لساحات التغيير وميادين الحرية في الثورة الشبابية الشعبية السلمية 2011م ولم ينتظروا الأوامر من قادتهم على غرار غيرهم .

وأخيرا فان السمات السالفة الذكر وأخرى لا يتسع المجال لذكرها تؤكد بان التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري هو تنظيم الفكرة التي يبحث عنها وطننا وهو ضرورة موضوعية عند النشأة وضرورة موضوعية بالمسار وضرورة موضوعية بالأفاق التي يسعى إليها ويناضل من اجلها على طريق الحرية والاشتراكية والوحدة.