الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٧ صباحاً

جمال عامر يكتب عن "خالد سلمان "

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
أعرف الصديق والزميل خالد سلمان منذ سنوات، عملت معه في صحيفة (الثوري) قبل أن تكون هناك صحيفة (الوسط) وخبرته كصديق وانسان ومناضل حقيقي يحترم قلمه ولا يريق مداده الا دفاعا عن قضية أو ذوداً عن حق.. لم يساوم أبدا ولم يضعف ولذلك كان خبر طلب لجوئه السياسي إلى بريطانيا بالنسبة لي أشبه بالصاعقة وجعلني أتساءل عن نظام يدفع بمواطنيه إلى الهروب من وطنهم..

لقد حوصر خالد بأكثر من 13 قضية وظل طوال السنة الماضية زبوناً دائماً للنيابات والمحاكم كما تعرض لحصار آخر من حزبه الذي تحول الى رقيب يحصي عليه الكلمات ويحاسبه عن ماخفي من المعاني، وتحمل كل ذلك بصمت ودون كثير شكوى..

الصحافي الذي يحترم كلمته في بلد كهذا تضيق عليه الخيارات فإما ان ينتهي الى ماانتهى اليه خالد وإما ان يعيش تحت حصار الخوف والتهديد وضغط الحاجة..

نقابة الصحفيين معنية بدراسة جادة للحال التي وصل إليه كثير من الصحفيين، سواء أولئك المصنفون معارضة أو أولئك العاملون في الصحف الرسمية وصحف الحزب الحاكم فكلنا في الهم شرق..

قضايا كثير من الصحفيين مازالت مجرد ملفات لدى الجهات المختصة والنقابة بهذا الخصوص لم تعمل شيئاً يذكر.. قد يتحمل أصحابها جزءاً من المسؤولية لعدم المتابعة الا أنها في الأخير تظل ملفات يجب أن تساهم النقابة بإغلاقها..

اللجوء السياسي لخالد دليل على حالة انسداد وصل اليها نرجو أن لاتنتقل لآخرين هم أيضا يشعرون بالحصار وعدم الأمان ولعل المؤشرات مالبثت تتزايد من عدم احترام للقانون وانتهاك حتى لمن يملكون حصانات برلمانية كما حدث لعضو مجلس النواب أحمد سيف حاشد في مبنى الأمن السياسي أو لسبعة نواب آخرين في مطار صنعاء حين سفرهم إلى عدن من قبل ضباط الأمن القومي هؤلاء الذين اعتقدناهم أكثر تأهيلاً، الا إن ما يبدو هو ان الطبع يغلب التطبع وهنا يتوجب على الأعضاء المنتهكة حصانتهم عدم السكوت حتى لا يصبح مامورس ضدهم أمرا اعتياديا ولكي لا يكون الأصل في مفهوم الأمن اليمني هو حرية الانتهاك دون الخوف من مغبة مساءلة أو تهمة تجريم.

مصيبة اليمن أنها تحكم بعقلية اتهامية لاتستثني أحداً، فهذا طموحه زائد عن الحد وذاك عميل وخائن وآخر متربص وحاقد، فقط لأن ما يجمع بين هؤلاء احترامهم لأنفسهم وكرامة تمنعهم من أن يتحولوا إلى ماسحي أحذية ومنافقين.. كارثة أن ينحصر معيار الحكم على الناس بمدى انحنائهم ومقدار الغائهم لشخصياتهم وقدراتهم، ليكونوا فقط مجرد تابعين مخلصين. شخصيا لن أتفاءل بحدوث تغيير على الواقع مالم تتغير مفاهيم أصبحت جزءاً من عقلية أديرت بها الدولة لثلاثة عقود متواصلة وأول ما يجب أن يتغير هو نظرة الرئيس لوجود مؤسسات كاملة الصلاحيات باعتبارها بناء للدولة لا هدماً لها والتخلي عن حكمه بمعيار الولاء باعتبار الموافقة وإن ترتب عليها مفسدة.

والرئيس بعد الانتخابات أدلى بخطابات تدلل على توجه جديد إلا أن الأمر لم يتجاوز الخطابات بعد وهذا فيما يخص التغيير الشامل الذي وعد به أما مسألة إقرار قوانين وإن كانت جادة وجديدة فهي بدون إرادة التغيير ستلحق بسابقاتها وتصبح مجرد حبر على ورق.