الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٥ مساءً

رضا المشايخ ... وسخط الشعب

عباس القاضي
الخميس ، ١٠ مايو ٢٠١٢ الساعة ١١:٠٨ مساءً
التداعيات التي أثارها خطاب رئيس الوزراء في تعز والذي لبى فيها مطالب جمهور تعز خاصة, والثوار في أنحاء الجمهورية بوجه عام – بإلغاء الاعتمادات للمشايخ , والتي وصلت إلى 13 مليار ريال , عندما قال : لن تدفع...لن تدفع...لن تدفع.

وهذه التداعيات كشفت عمق المشكلة الاجتماعية التي ورَّثها النظام السابق لمن يَخْلِفُه, بالإضافة إلى المشاكل الأمنية والسياسية.

لكن يبقى هذا الحدث هو الطاغي على الساحة , ليكشف ورقة التوت التي كانت تغطي سوءة النظام السابق, والذي ادعى من خلال إعلامه الضال والمُضِل بأن رأس النظام السابق يحضا بقبول جماهيري واسع, ولم يسأل من وقع تحت هذا التأثير المخدر اللعين, ما هي أسباب التمسك به, برغم التدهور في شتى مناحي الحياة,؟ شباب في الجولات يبحثون عن عمل يسد رمقهم, تنظر في وجوههم البؤس, بعد أن فقدوا العمل والأمل.

التعليم يتدهور بشكل بتنا نخشى أن لا نقبل في جامعات الدول المجاورة.

الصحة في الحضيض , الثروة مبددة , ضياع للحاضر , وتهديد للمستقبل من خلال التوريث.

تصوروا أن هذا المبلغ وربما أضعافه لم يدفع لهؤلاء, هل كانت سترتفع يافطات تشيد بالرئيس, وتصفه بأنه سادس الخلفاء الراشدين.؟؟

إذا لم يستلموا هذه المبالغ هل كانوا سيرفعون لوحة مكتوب عليها بخط النسخ " ما قبلك عدم , وما بعدك ندم ".؟؟

إذا لم يكن هذا السخاء ممن لا يملك لمن لا يستحق, هل كانوا سيحملون السلاح على الشباب المسالم, ويصوبونها على رؤوسهم وأعناقهم وصدورهم.؟؟

لهذا نرجو من الفئة الصامتة ومن شرفاء المؤتمر الذين لم تمسس أيديهم المال الحرام من هذه الاعتمادات, أن يقولوا كلمتهم, بعد أن تكشف لهم ما كان يخفيه النظام الذي كان, ويقفون مع الحق.

فهذا المبلغ ستغطي ما يزيد عن 30 ألف وضيفة, يعني كفالة 180 ألف فرد,, سيخفف الجولات وحراج العمال من الآلاف, المنظر الذي ينفطر له القلوب.

مررت على الجولة في يوم عيد, فوجدت من يقف ومعه أدوات عمله باحثا عن عمل, اختزلت الموقف, فوجدت نفسي ترسم حكايته, كيف بات ليلة العيد بعيدا عن أهله, وكيف دس رأسه على وسادة بالية في تلك الليلة , وهو يذكر أسرته , وما منعه من السفر إليهم , رغم القرب منهم إلا إنه لم يجد ما يحمله إليهم ,فما استطاع أن يوفره استدان فوقه , ليوفر لهم ملابس العيد وبعضا من احتياجاتهم, دمعة سقطت منه تلتها أخرى , وهو يتخيل الحنا على يد ابنته زهور البالغة أربعة أعوام في هذه الليلة , طمس ذكرياته مع زوجته حتى لا يتحول بكاؤه الصامت إلى عويل فيوقض من بالغرفة, حرقة تعتصره , يشعر بغبن الحياة له , لكنه ذهب بتفكيره إلى منحى آخر قائلا : ولو, لو تعبت اليوم ها أنا أعلم أولادي , لينفعوني في عجزي, نام على خيال ابنه محمد وهو يلبس بدلة التخرج , ابتسم والدمعة في عينيه , وها هو يقف على قارعة الطريق يبحث عن عمل يسد رمقه, كسرة خبز ناشفة لن يأكلها حتى يعمل , هذا إذا وجده في مثل هذا اليوم.

يا هل ترى ....عندما قام من نومه في هذا اليوم ؟ هل وجد أطفاله منتشيين بثياب العيد,؟ هل لبس الجديد, هل وضع رشة عطر على ثيابه , قبل أن يودع زوجته متجها لصلاة العيد, هل ترك لأولاده الخيار أن يمشوا من أمامه أومن خلفه ,؟ هل عاد إلى بيته والإفطار وحلويات العيد تنتظره لم يجد بجانبه غير رفيقه الذي يلبس المعطف الممزق رغم الحرارة الشديدة, وبيده عدته " الكريك " يبحث عن عمل مثله , ويخالجه نفس الشعور, ربما بطعم مختلف.

نغادر هذا المشهد, إلى صالة 22 مايو التي يعتكف فيها من أسموا أنفسهم بالمشايخ, بعضهم أعضاء مجلس نواب, ورؤساء بعض اللجان في المجلس, تتعارض مع دورهم الرقابي ,يبحثون عن أوهام وهم أصحاب الأملاك والضياع !!, دون حياء من الله أو من الناس , مقابل ماذا , يريدونها ؟مقابل سحل رعاياهم وتهجيرهم وسجنهم .

باختصار هم يريدون أن ترضيهم الحكومة على حساب سخط الشعب.