السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٣ مساءً

مشايخ للوطن ... مشايخ للابتزاز

عباس الضالعي
الجمعة ، ١١ مايو ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
الوظيفة الاجتماعية للمشايخ في اليمن جاءت بناء على أدوارهم في دعم الإستقرار والسكينة العامة والصلح بين الناس ومساعدة الرعية في حل مشاكلهم وكان الاعتماد على الشيخ في القبيلة تعويضا عن ظلم الدولة او الحاكم وظلت هذه الوظيفة إلى وقت قريب ، لكنها اختلفت وتبدلت وتحول المشايخ – بعضهم وليس الكل – الى سوط تضرب به الدولة معارضيها ومخالفيها حتى صار المشيخ أداة قمعية وتسلطية في كثير من المناطق ، تخلخل وظيفة دور المشايخ بدأ متزامنا تدريجيا مع بداية عهد المخلوع صالح ، لأنه كان يرى فيهم تحقيق قاعدة فرق تسد ، اما دورهم في العهود السابقة فكثير منه مشرف ويخدم الوطن والمواطن وكانوا عبارة عن اداة للصلح وعون للدولة وسندا للنظام والقانون .

فالمشايخ كانوا يفرضون هيبتهم واحترامهم وحب الناس لهم من خلال ما يقدمونه للناس حيث كانت بيوتهم مفتوحة لكل محتاج وكانوا يساهمون في دعم البسطاء في كثير من الحاجات حتى أن بعضهم كان يبعث أبناء رعيته للدراسة في المدن على نفقته الخاصة ، وكانوا يخففون من متاعب الناس

تمرد المشايخ كان يأتي وقوفا في وجه الظالم سواء حاكم عام أو والي ، أما في فترة المخلوع فكان عبارة عن فرز جديد لجيل من المشايخ ( النهابة ) فمن لم يطيع أمره استحدث له شخصا يدعمه ويدفع به إلى المشيخ اعلبهم بقوة الجاه والسلطة والمال وهذا ما حدث مع كثير من المشايخ في أكثر من منطقة في اليمن ، فمساعي – المخلوع - كانت تبنى على رؤى شخصية ومصالح ضيقة ، وفي عهده غابت بعض الأسماء اللامعة من هذه الفئة اما تنكيلا واما اغتيالا وقد دأب طوال فترة حكمه يناور مع هذه الفئة ( المشايخ ) وكان يستخدمهم عند الحاجة لإضعاف هذا الطرف أو زج بعضهم مع بعض في حرب قبلية لإضعاف الطرفين معا أو ضد أطراف سياسية أو شخصيات معينة يريد إضعافها او تدميرها .

فنحن أمام نوعين من المشايخ ، مشايخ للابتزاز يعتمدون على الهبات والعطايا والمزايا والفول والكدم والبطانيات التي كان يعتمدها لهم من خزينة القوات المسلحة وتصاريح حمل السلاح ، لم تكن تهدف إلى خلق وعي عام بإحترام الدولة وقوانينها وإنما كانت تهدف بل تغذي فيهم الشيطنة والتمرد على القيم الاجتماعية ونشر الفوضى والرعب ونهب حقوق الرعية والتسلط وإباحة كل شيء مقابل الولاء والطاعة للعصابة الحاكمة وزعيمها المخلوع صالح ، فشريحة المشايخ الجدد الذين قاموا على التسول واعتادوا عليه وصار ثقافة لصيقة بهم ودخيل على ثقافة المشيخ والمشايخ .

ففئة المبتزين والمستحدثين على بصورة اسعافية لم يلمس منهم المواطنين ورعيتهم أي شيء يذكر ، فهم من ينهب مشاريع التنمية ويبيعها وهم من سيتولون على المساعدات حتى ان بعضهم سجل لنفسه مئات من الأشخاص في الضمان الاجتماعي ويستلمها هو ، وأعرف ان المخلوع بعد حرب 94 المشئومة كان يوزع درجات شهداء للمشايخ عبارة عن أسماء وهمية وخالي العزيز واحدا منهم حيث حصل على أمرا من المخلوع باعتماد 23 شهيدا للشيخ ...... كمقدمة لضمه الى صفه بعد أن كان في الصف الآخر حينها ، فئة المشايخ المبتزين عبارة عن فئة ظالمة تمتهن السلب والنهب وقطع الطريق ومحرمين وقتلة وكثير من الصفات السيئة ، وهذه صفات تتنافى مع وظيفتهم الاجتماعية .

وعلى النقيض من هذه الفئة سيئة الصيت نقف باحترام امام فئة "مشايخ للوطن " ، وهم المشايخ الذين حافظوا على إرثهم وثقافتهم الاجتماعية وكان وجودهم عامل مساعد لإصلاح شأن الرعية وكف المظالم عن الناس وتخفيف أعباء الحياة القاسية والبحث عن توفير مشاريع التنمية من مدارس ومعاهد وطرقات ومياه ومشافي وكل الخدمات ، وكانوا عونا للدولة والقانون وكانوا يناضلون من اجل مكافحة التسلط والإستبداد ، وكان لهم دور ومواقف داعمة ومساندة للثورة الشبابية الشعبية وحجزوا لأنفسهم مكانا لاحترامهم .

فالفرق واضح بين مشايخ البلطجة سلوكا وثقافة وبين المشايخ الاعتباريين وكان لي نية ان اضرب مثلا لكل نوع من الفريقين لكن احتراما للقارئ الكريم ومشاعره ابتعدت عن هذا

الضجة التي يحدثها مشايخ الابتزاز خوفا على قطع الكدم والفول والمعونة المالية عليهم باعتبار ان هذه مستحقات حصلوا عليها من المخلوع ليعتاشوا عبئا ثقيلا على البلد والخزينة العامة ، الأجدر بهم أن يقدموا مبادرة جديدة لخدمة الوطن ويكونوا عونا وسندا للدولة في بسط النظام والقانون لا أن يكونوا أداة تخريب وتدمير ، عليهم أن يتغيروا ويقدموا أنفسهم كمواطنين قادرين على الإنتاج لا أن يضلوا متسولين ، عليهم أن يساهموا في تغيير الثقافة التي رسخوها في عقول المجتمع واستبدالها بثقافة حضارية ، عليهم أن يساهموا في نشر التعليم والتنمية ، عليهم أن يستشعروا القيم والضرورات الأخلاقية والإنسانية للتغير الذي أنتجه اليمنيون الشرفاء ويكونوا هم جزءا من هذا المنجز التاريخي ولو بأثر رجعي ولا عيب في ذلك ، عليهم أن يدركوا إنهم يقفون اليوم مع شخص دمر اليمن ونهب ثرواته وغرس قيم الفساد والفوضى والجهل والتخلف ، فلا عيب أن يكفروا عن ما ارتكبوه من مواقف وحماقات وجرائم .

المبلغ الذي وعد دولة رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة بعدم صرفه للمشايخ وموجود في الميزانية العامة للدولة موقف له كثير من الإيجابيات وله منا كل الاحترام ، وغالبية الشعب والنخب تقف معه في هذا لأن المبلغ سيساهم في حل بعض المعضلات ويجب ان لا يذهب إلى الأيادي التي تسعى إلى التخريب

لكن لا يمنع – برأيي – اعتماد وصرف مبالغ للمشايخ الذين يقومون بواجباتهم الاجتماعية على الوجه الصحيح ويكونوا عونا وجزءا من اليمن الجديد فهذا مقابل عملهم ، أما أن يصرف لمن يواصلون مهنة البلطجة ويريدوا من الدولة الاتفاق عليهم فهذا مستحيل وعليهم ان ينتظروا حتى تأتي إليهم دولة اليمن الجديد وتعمل على تأهيلهم من جديد للاندماج في الوسط الاجتماعي مواطنين صالحين لهم حقوق وعليهم واجبات ،، فأنتظروا .... وعليهم أن يتذكروا أن الناس تعرف كم هي الأسماء الوهمية من هذه الفئة ... والعاقبة للوطنيين والشكر لباسندوة محمد سالم.