الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٥ صباحاً

ألم تفهم

فؤاد الزهيري
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
إرحل
كان في الماضي لديك خيار
غرقتَ الآن يا سفاح في دمنا
بوحل العار
إرحل لم تعد تعني بأن ترحل
كما الأحرار
سفكتَ دماءَنا بغياً
لكي تبقى على الكرسي
يا جزار
طبيعيٌّ مكانكَ أيها الغجريُّ
هناكَ قمامةُ التأريخ
أن تبقى بها عفنٌ
وباقي غُبار

بديتَ بقُبحكَ المخفي
مِسْخٌ لا ضميرٌ فيه يردعه
بلا خُلِقٍ بلا قيمٍ بلا دينٍ
تخاف اللهَ تخشى النار

ضاق الوقت والأيام
والأعوام والأعمار
والأسماع والأبصار
فالكابوس أَرَّقَنَا وأَرَّقَها
عقوداً ظلَّ مغتصباً
إرادتنا
وثورتنا
ووحدتنا
لمملكةٍ تحولنا
ليس كتلكَ في الدنيا
ليس كمثلها شَبهٌَ
لم تُبقي لنا شيئا
ولم تتركنا أن نحيا
تشحتُ باسمنا زوراً
في الأمصار
والأقطار

ألم تسمعْها قد دَوَّتْ
من أفواه هذا الشعب
أن ترحل
من الأطفال والشُبَّان
والنسوان والآباء والأجداد
في الكفين في الهامات فوق الصدر
في الخدين فوق الظهر قد نقشتْ
على الطرقات في الخيمات في الساحات
واللوحات في الأبواب
والأسوار في الأوراق قد كُتِبتْ
على الحلوى بذاك الكعك قد صُنعت
بذاك الصحن قد طُبعت على الأخشاب
قد نُحتت وفي القنوات كم عُرضت
بكل لغات أهل الأرض قد نُطقت
أناشيدُ عباراتٌ إشاراتٌ
لكل الصُمِّ قد فُهمت
ملونةً بكل جدار
ألم تفهمْ معانيها
أأنتَ حمار

إرحل أيها المخلوع
ليس لديكَ شرعيةٌ
لتحكمنا
إرحل إلى وراءْ القضبان
كي تلقَ محاكمةً مع الأزلامِ
والأشرار

سئمنا منكَ لم نذكر
غيركَ دُميةً وُجِدتْ
قبل سنين مولدنا
وحتى الآن

بعد اليوم لن تبقى
وربُّ البيت تحكمنا
ركبنا العزم
والإصرار

عُقودٌ تزرعُ الآلام والآهات
والأشواكَ للأوطانِ
أنتَ دمار

لِصٌ تسرقُ الأحلامَ والآمال
مُغتصباً لثروتنا وسلطتنا
وكلَّ قرار

بُعِثْنا من قبور الصمت
تدفعنا رياح العصر نحو القصر
نهدمُ معبدَ الأوثان والسلطان والظُلاَّم
والفجار والأشرار
من نهبوا الوطن أرضاً وإنساناً
لم يبقوا لنا فيها
غير الفقر يشعلنا
والأمراضُ تأكلنا
ويأسٌ يدفنُ الآمال
في الأعْمَار

نبتنا من جذور المجد أحرارا
من الثوار في تأريخ ماضينا
أتينا كي نُعدْ عزاً لنا
قد كان مسلوباً بأيدي اللص
منذ سنين لم نذكُرْها كَمْ كانت
فقد جئنا ركوباً فوق عزتنا
وقوتنا توحدنا
نعيدُ المجد نبني الغد
نحنُ بثورةٍ بيضاءَ سلميةٍ
سنصنعُ حُلمنا
الجبار

قطعنا العهد للشهداءِ
مَن ماتوا لكي نحيا
لن يرهبنا طاغيةٌ
بآلةِ حربهِ قَمعاً
حتى نُكملَ
المشوار

قسماً أيها السجان
لن تقهر إرادتنا
ولن تكسر عزائمنا
فعرشُكَ أيها الباغي
غدا وهماً غداً
ينهار

ظلامُ الليل مرتحلُ
ويشرقُ صُبحنا بالنصر
مبتسماً تُصافحه
يَدُ الأحرار
والثوار

كلمات-فؤاد الزهيري