الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٧ مساءً

فخامة الرئيس ومؤتمر لندن

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
يمن برس - ناجي الحرازي *

- أثار قرار فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بالسفر إلى لندن وإفتتاح أو التحدث إلى المشاركين في لقاء أو مؤتمر الدول المانحة المقرر عقده منتصف الشهر الجاري ، ردود فعل متابينة من قبل المراقبين والمهتمين بالشأن اليمني في العاصمة البريطانية وفي غيرها من عواصم الدنيا .

البعض إعتبر القرار الرئاسي دليلا أخرا على حرص وإهتمام فخامة الرئيس بمتابعة هذه القضية ، بل وبالتزام الدولة اليمنية ( وليس فقط الحكومة) أمام بقية الدول المشاركة بكل ما سيسفر عنه مؤتمر لندن ، حتى لو حدث تغيير أو تعديل في تركيبة الحكومة الحالية.

والبعض الأخر إعتبر إفتتاح الرئيس لأعمال المؤتمر وربما مشاركته أو متابعته لما سيدور فيه ، محاولة من أولئك الذين أقنعوا فخامته بالسفر إلى لندن ، للهروب من المسئولية وإلقاء أعباء أو التزامات المؤتمر على رئيس الدولة ، إذا ما حدث تغيير حكومي وفقدوا مناصبهم أو إنتقلوا لمواقع أخرى .

ومن متابعة العبدلله – كاتب هذه الأسطر – أستطيع تغليب الرأي الأول والإتفاق معه إلى حد كبير ، وإن ظل وسواس "نظرية المؤامرة" يثير قلقي كما أثار قلق أصحاب الرأي الأخر.

إذ من المؤكد إن قرار فخامة الرئيس بالسفر إلى لندن جاء متفقا مع كون رئيس الدولة في الجمهورية اليمنية هو رئيس سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وإنه مسئول عن الحكومة الحالية وعن أية حكومات لاحقة ، بل وإنه سيتكفل بتوجيه الحكومة (السلطة التنفيذية) وبقية سلطات الدولة ، بالإلتزم بتنفيذ مقررات مؤتمر لندن ، وعلى وجه الخصوص تلك المرتبطة بالجانب اليمني . وهذا الإلتزام الرئاسي ، لا شك إنه سيشكل دفعة قوية وموقفا مقنعا لبقية الأطراف المشاركة في المؤتمر (أي الدول المانحة) بحيث تلتزم هي الأخرى بما سيتم الإتفاق عليه ، على إعتبار إن الإلتزام هنا لايقبل الشك أو المراهنة.

صحيح إن الحكومة الحالية أو بمعنى أدق بعض أعضائها ، خاصة وزيري الخارجية والتخطيط والتعاون الدولي ، بذلوا جهودا كبيرة للتحضير لهذا المؤتمر ، بدءا بوضع الخطة الخمسية الثالثة ثم إعداد الوثائق التي ستعرض في مؤتمر المانحين و تلك التي تتعلق ،كما أوضح الأخ عبدالكريم الأرحبي وزير االتخطيط والتعاون الدولي ، بالتحديات والمشاكل التي لها علاقة بالتنمية وتنفيذ الخطة الخمسية الثالثة ، مرورا بإقناع الدول المانحة بجدوى المشاركة في المؤتمر . وهي جهود تحسب لمن بذلوها ، لكن بالتأكيد إن الإلتزام الرئاسي هنا سيميز مؤتمر لندن ويمنحه قوة دفع إضافية.

حسب ماتوفر من معلومات فإن هناك العديد من الوثائق التي ستقدم في مؤتمر لندن ، لكن ترى هل سيتسنى للمشاركين تصفح جميع تلك الوثائق ومناقشتها أو تناول تفاصيلها ؟
إذ لا يعقل أن تحدد فترة إنعقاد المؤتمر وحدها – يومين- مصير خطة التنمية الشاملة ، والبرامج الإستثماري وخطة التخفيف من الفقر للأعوام المقبلة ، ومصير إنضمام الجمهورية اليمنية لمجلس التعاون الخليجي والرؤية الإستراتيجية لليمن عام 2025.

حتى قائمة المشاريع التنموية التي أعدتها وزارة التخطيط والتي تحتاج إلى تمويل وسيتم عرضها على مؤتمر المانحين وفقا للخطة الخمسية اليمنية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، لا يعقل أن يتقرر مصيرها في لندن .

كل هذا يعني إن لقاء لندن سيؤكد فقط التزام الجمهورية اليمنية ، بالدرجة الأولى ، ممثلة في رئيسها ، وإلتزام الدول المانحة ، ممثلة بمن سيمثل كلا منها ، بما تضمنته تلك الوثائق ، التي لابد وإن الجميع قد إطلع عليها وتفحصها وأبدى ملاحظاته عليها ، أو إتفق مع محتواها .
ذلك إن الحكومة اليمنية ممثلة في الجهات المختصة ، قامت و بالتعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة، بإعداد تقرير لتقييم الاحتياجات للسنوات العشر القادمة وحتى عام 2015 وفق المنهجية الدولية لأهداف التنمية الألفية .

وقد ركز التقرير على التدخلات المطلوبة لتجاوز المعوقات الحالية وتحقيق مستويات مقبولة من التنمية البشرية والخدمات الأساسية خاصة في قطاعات التعليم والصحة .

كما أشار التقرير إلى الحاجة للتمويل الخارجي بما لا يقل عن 35% ، وإن هناك فجوة تمويل إجمالية خلال السنوات العشر القادمة (إستنادا إلى الوضع الراهن ) تبلغ تقريباً 17.5 مليار دولار، وبمتوسط سنوي يبلغ 1.75 مليار دولار .

وهكذا يتطلع الجميع إلى مؤتمر لندن وإلى مابعد مؤتمر لندن ، بحيث ترتفع معدلات التنمية في اليمن ويتسنى تحقيق الأهداف المرجوة في سائر المجالات . والله الموفق .

* مدير المركز الإعلامي اليمني في لندن