الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٤ صباحاً

السلفيون وعقدة التحول ..!!

موسى العيزقي
السبت ، ١٩ مايو ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
فجر السلفيون في اليمن مفاجأة من العيار الثقيل عندما أقدموا على الانخراط بالعمل السياسي وإعلان انضوائهم تحت كيان ساسي موحد، يوحد صفوفهم ويجمعهم من خلال إشهار حزب ( اتحاد الرشاد).. الذي لاقى ترحيباً واسعاً، ورأى الكثير من المهتمين والسياسيين أن انضمام السلفيين للمنظومة السياسية سوف يخلق نوعاً من التوازن في الساحة اليمنية، لاسيما بعد التطورات الاخيرة التي شهدتها اليمن، والتي كان أبرزها دخول الحوثيين على خط العمل السياسي من خلال تأسيسهم ( حزب الامة)..

ويعود وجود النشاط السلفي في اليمن الى ثمانينات القرن الماضي، وتحديداً عندما أسس الشيخ ( مقبل بن هادي الوادعي)-رحمه الله- مركز ( دار الحديث) بمنطقة دماج بمحافظة صعدة كإطار سلفي يعمل على جمع السلفيين وتوحيد مسارهم، وقد أسهم هذا المركز اسهاماً كبيراً في رفد الساحة بالكثير من اتباع هذا التيار، وعمل على تصديره للمحافظات من خلال تصديره الدعاة والمحسوبين عليه، وفتح بعض المراكز الدعوية التابعة له... وفي العام (1990م) بدأ التيار السلفي بالتشظي والانقسام حيث أعلن عدد من اتباع الشيخ ( الوادعي) الانشقاق عنه وتأسيس كيانات مصغرة عصرية، حيث أشُهرت جمعيه( الحكمة اليمانية الخيرية) في تعز والتي لاقت هجوماً كاسحاً من قبل المدرسة السلفية الاولى بقيادة الشيخ( مقبل الوادعي) ووصل ذلك الهجوم والانتقادات الحادة لدرجة وصف الخارجين بأوصاف غير لائقه، كما رآه البعض انحراف عن الهدف الوحيد لوجود السلفيين وهو ( الدعوة الى الله)- حسب أدبيات الحركة السلفية بدماج- ومن أبرز مؤسسي ( جمعية الحكمة) رئيسها الحالي الشيخ( عبد العزيز الدبعي)، والشيخ/ أبو الحسن الماربي، والشيخ محمد بن محمد المهدي، والشيخ/ عبد الله بن غالب الحميري، والشيخ/ أحمد بن حسن المعلم، وغيرهم كثير.. وبعد ذلك تشكلت فروع للجمعية في أنحاء اليمن، وبعدها بعامين وبالتحديد في العام (1992م) حدث إنشقاقات داخل جمعية الحكمة أفرزت عن ما بات يسمى وقتذاك بـ(جمعية الاحسان)، بمحافظة حضرموت، وكان من ابرز قادتها الشيخ/ عبد المجيد الريمي، المعروف بمواقفه المشتددة نحو العمل السياسي والذي وصل الامر عنده الى حد التكفير، وكذلك الشيخ / عبد الله الحاشدي، والشيخ/ عبد الوهاب الحميقاني، والشيخ/ محمد بن موسى العامري، والشيخ/ حسن بن محمد شبالة..

• السلفيون والعمل السياسي:
ينفسم السلفيون من حيث نظرتهم للعمل السياسي الى ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: لا يمانع من ممارسة العمل السياسي بشرط التقيد بقيود الشرع وأحكامه، وهؤلاء هم الذين شهدوا تحولات فكرية خلال السنوات الأخيرة وأصحاب هذا التيار هم ممن أسسوا حزب ( الرشاد) الاسلامي.
- القسم الثاني: يجرم العمل السياسي والحزبي وينظر اليه على أنه أداة من أدوات الغرب لتمزيق الامة الاسلامية وتهديد نسيجها الاجتماعي، وهؤلاء لا زالوا على موقفهم ولم يتأثروا بالأحداث الاخيرة بخلاف غيرهم.
- القسم الثالث: يمسكون بالعصى من النصف – كما يقولون- فلديهم رأي وسط لا يحرمون العمل السياسي البتة كما لا يعلنون المشاركة الوظيفية فيه، فهم مع ممارسة العمل السياسي لكن من باب الدعوة والنصح وعبر الوسائل الممكنة والمتاحة دون الدخول مباشرة في العملية السياسة والحزبية.

• سلفيون في موكب الثورة
قسمت الثورة الشبابية السلمية موقف السلفيين كالعادة الى قسمين، قسم وقف مع الثورة وساندها وشارك فيها بكل ما أوتي من قوة، وأعلن انخراطه الرسمي في العمل الثوري، ومن أبرز هؤلاء الشيخ( عقيل المقطري) والشيخ( عبد الله بن غالب الحميري).... وقسم آخر ظل على موقفه المؤيد للنظام والمناهض للثورة وابرز ممثلي هذا التيار الشيخ(محمد بن محمد المهدي) الشخصية المثيرة للجدل على المستوى السلفي والذي يرى البعض بأنه حاول قدر الاستطاعة الوقوف بالوسط لكنه مال قليلاً بإتجاه النظام السابق.

• نقطة التحول:
كانت الثورة الشبابية السلمية هي الحجرة التي حركت المياه الراكدة وأدارت عجلة التغيير وأخضعت الجميع لتحول نوعي في كل المسارات، وهانحن نرى مشاركة ( الحكمة)، ( الاحسان) في تكوين جديد وواحد رغم خروج الاولى لأسباب تنظيمية أكثر من كونها أسباب عقائدية، وما تزال الايام القادمة حبلى بالجديد حيث أفادت تسريبات مقربة من دائرة القرار في جمعية ( الحكمة) أن هناك نية مسبقة لتأسيس حزب ( التمكين)، وأن حدث هذا فنحن نرى انه لن يخدم توجه التيار بل سيضعفه خاصة ونحن نسير في عصر التكتلات..

على كل حال يرى مراقبون كثر للشأن اليمني أن خروج السلفيين للعمل السياسي أكثر بكثير من إنكفائهم ويعد تحول نوعي كبير ويصب في خدمة التيار السلفي والوطن برمته.