الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٢ صباحاً

هزيمة القاعدة يحرج الزعيم

وليد تاج الدين
الثلاثاء ، ٢٢ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠١:٤٠ صباحاً
كثيرة هي المحاولات التي قام بها الجيش في أبين لدحر القاعدة أو على الأقل للحد من هجماتها الشرسة على مواقعه ومعسكراته ولكن كل محاولاته كانت تبوء بالفشل وتخرج القاعدة منتصرة في كل مره وكانت الأوامر العليا تقضي بالانسحاب كلما ضاق الخناق بعناصرها وكأن شيئا خطيرا سيحدث لو تم القضاء عليها لكن دون توضيحه حتى للقادة العسكريين أنفسهم أحيانا مما جعلهم يخوضون حروبا غير واضحة الأبعاد وهذا احد أهم أسباب الخسارة المتلاحقة لعناصر الأمن والجيش في مواجهة القاعدة في المرحلة السابقة.

لابد للمحارب أن يعرف خصمه جيدا لكي ينتصر هكذا يقول المحاربون ولكن هذا ما لم يحبذه النظام السابق بقيادة الزعيم فقد جعل من القاعدة بعبعا يكتنفه الغموض ولا يُعرف حجمه ولا قوته ولا عتاده كما حافظ على كيانه وظل محتضنا له لسنوات وكان كل تركيزه يصب في كيفية الاستفادة من هذا البعبع وابتزاز المجتمع الدولي وتسخيره في مصالح منظومة الحكم وهذا ما نجح فيه فعلا لمدة ليست قصيرة لكن حبل الكذب لم يدم.

وبحسب قيادي في الجيش فإنه طيلة المدة التي حارب فيها ضد القاعدة فقد أصيب عناصر الجيش كغيرهم من المواطنين بحالة من الاستغراب وعدم الثقة في قيادتهم حيث كانت كل الأوامر تأتي بما يخدم بقاء القاعدة ووصل الأمر في بعض المرات إلى ضرب عناصر الجيش واللجان الشعبية المساندة لها ضربات جوية أودت بحياة العشرات في وقت كانت تضيّق على العناصر الإرهابية, قال النظام السابق حينها أن هذه الضربات جاءت بالخطأ, بينما كانت الضربات الجوية لمواقع القاعدة تأتي في وقت لاحق لإخلائها ونادرا ما كانت الضربات الجوية تستهدف عناصر من التنظيم دون سقوط ضحايا أبرياء من المدنيين.

اليوم ومع توجه هادي نحو تفكيك التنظيم وإضعافه فإنه يحمل من المعرفة ما يكفي حول قدرات القاعدة وتركيبتها والقوى المساعدة على توسعها وهذا ما جعله يبدأ من عندها فهو يدرك تماما أن النظام السابق طالما استند إلى وجود القاعدة في تحقيق مكاسب ولازال يأمل منها أن تكون اليد التي تضعف أي نظام قادم وهو ما يجعل النظام في حرج شديد أمام العالم خاصة وأنهم يتطلعون للقضاء على القاعدة ولأجل هذه الغاية تتغير مواقفهم تجاه الأنظمة في المنطقة وفهم هذه النقطة بالتحديد يجعل النظام الحالي يحصل على التأييد والدعم الدوليين خاصة وانه سيكون الحقيقة التي تكشف زيف ادعاءات النظام السابق بمحاربته للإرهاب في وقت لم يثبت أي نجاحات على الأرض.

جاء إصرار هادي على القضاء على القاعدة في وقت لا يريد الزعيم أن يظهر وكأنه كان عاجزا عن القضاء عليها رغم كل الدعم ولا يريد أيضا أن يبدو وكأنه كان على اتفاق معها لابتزاز المجتمع الدولي تحت مسمى مكافحة الإرهاب, لكن الرئيس الجديد يدرك أن عوامل قوة نظامه تكمن في إبعاد عناصر القوة التي سيّجت وجود القاعدة وكانت الحامي لها فكانت البداية بإجراء تغييرات قيادية في المنطقة العسكرية الجنوبية لحقها تغييرات أخرى في مراكز قيادية متفرقة وكانت عناصر الفساد التي غرسها نظام الحكم السابق أسهل اجتثاثا بسبب مساوئها و رغبة الناس في زوالها ومطالبتهم بترحيلها ولو لم تكن بهذا الحجم من الفساد وسوء السمعة لما أمكن لهادي إصدار تلك القرارات في هذا الوقت ولكن كأن كل الأمور كانت ولا تزال حتى الآن تسير في صالحه.

لم يعد بوسع الزعيم إيقاف حملة تطهير أبين من عناصر القاعدة لحفظ ماء الوجه ولابد أن يلتزم الصمت على الأقل إن لم يكن إبداء التأييد فهو الرجل الأول في المنطقة الذي أظهر نفسه المحارب الأول للإرهاب وكانت كل جولاته وصولاته السياسية تتمحور حول مفاهيم مكافحة الإرهاب مما دغدغ عواطف الأمريكان وعزف على الأوتار التي كانت تطربهم فلم يكن أغبى منهم كما كانوا يتصورون لكنه سار مع الموجه وفق ما يرضي توجهاتهم فحقق ما خطط له لكن على حساب سمعة الوطن وسمعة الجيش الذي لازال في وضع صعب ومحرج جراء كل الخسائر التي تكبدها أثناء مواجهته مع عناصر التنظيم.