الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١١ مساءً

الحقوق لا تجزئ

عبدالرزاق السريحي
الثلاثاء ، ٢٢ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
هل يمكن تجزئة الحقوق؟

الباعث لهذا السؤل أن كثيراً من المهتمين من مفكرين وقادة سياسيين وخاصةً في البلدان الأقل نمواً يطرحون أمام المواطنين أولويات للاختيار بينها.

قد تأتي على صيغة سؤال من قبيل هل تفضل التمتع بحقك في المشاركة السياسية أم تفضل الخروج من دائرة الفقر والجوع (الحرمان الاقتصادي).

قبل الرد على الأسئلة السابقة يجب أولاً أن نوضح ماهية حقوق الإنسان، حقوق الإنسان التي كفلتها العهود والمواثيق الدولية هي: الحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والحقوق الاجتماعية والحقوق والثقافية.

والآن دعوانا نعود إلى السؤال السابق.

جادل كثيرون في الفترة السابقة وما زالوا يحاولوا أن يسوقوا الحجج والبراهين التي تؤيد الفرض القائل أن الناس يعطون أولوية للحقوق الاقتصادية على الحقوق السياسية فلماذا هذه الجلبة التي يثيرها أنصار الحقوق السياسية والمدنية، والذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها بسبب حالات انتهاك للحقوق السياسية والمدنية في الوقت الذي لا يلقون بالاً على مظاهر فقر مزمنة في أنحاء العالم ومجاعات. ويسوقون بعض الأمثلة للسخرية من الحديث عن الضرورة الملحة للحقوق السياسية والمدنية خاصةً في العالم الثالث مشددين على ضرورة أن يركز الاهتمام على المطالب الاقتصادية المتعلقة بإحتياجات موضوعية مرتبطة بحياة الناس مأكلهم مشربهم ملبسهم عوضاً عن التركيز على ترف حقوقي قد يهم المواطن الغربي المترف اقتصاديا، ولكنه لا يهم المواطن اليمني أو الصومالي أو الأفغاني أو المصري...

قد يبدوا مثل هذا الطرح منطقياً.

ولكني أستطيع القول أن هذه الطريقة في توصيف المشكلة غير صحيحة علمياً فالطريقة في الطرح فيها مغالطة واضحة من قبل أصحابها على أساس لماذا يتم فرض مثل هذه المقايضة على الناس.

هل هناك مانع بأن يتمتع المواطنون بحقوقهم السياسية والاقتصادية وكذلك الاجتماعية والثقافية.

بالإضافة إلى أن الطرح السابق يقدم حجة تناقض الفكرة التي سيقت لإثباتها.

فهناك ترابط عضوي بين الحقوق ، فلو حصل المواطن اليمني على حقوقه السياسية لما تعرضت حقوقه الإقتصادية والإجتماعية والثقافيه للإنتهاك.

فالشخص الذي يفقد حقوقه السياسيه يفقد دوره وتأثيره الحقيقي في عملية إتخاذ القرار السياسي الذي يقر البرامج والخطط الإقتصاديه ( إن المواطنين في الدول الديمقراطيه يحصلون على برامج رعايه وضمان إجتماعيه صحيه وتعليميه وتأمين وتسهيلات إقتصاديه، بناءاً على قدرتهم على الضغط والتأثير السياسي ، وإذا لم يشارك يفقد حقه في التأثير على عملية إتخاذ القرار السياسي الذي يرسم السياسات والبرامج الإقتصادية التي تؤثر بدورها على مستواه المعيشي، وبالمثل عندما يفقد الشخص حقوقه الإجتماعية (حقه في التعليم والصحة) فإن الشخص الأمي لا يكون له دور سياسي مؤثر كما أنه لا يستطيع الحصول على فرصة العمل المناسبة التي تمكنه من العيش في مستوى معيشي يليق به كإنسان ، والعكس أيضاً صحيح عندما يفقد الشخص حقوقه الإقتصادية لا يستطيع الحصول على التعليم المناسب، وكذلك الرعاية الصحية الكافية ، و كذلك يعجز عن المشاركه السياسيه الحقيقيه

والأمر نفسه ينطبق على الحقوق الثقافية فاللغة مهمة للحصول على التعليم المناسب والمشاركة السياسية الفاعلة وكذلك تؤثر في إمكانية إستغلال الفرص الاقتصادية المتاحة أيظاً الحرمان من ممارسة الأمور الدينيه يحد بقوه من القدره على المشاركه الساسيه والقدره على التحصيل العلمي .

وهكذا نستنتج إن هناك روابط متبادله بين الحقوق المختلفه ؛ وحرمان الفرد من التمتع بحق من الحقوق يؤدي إلى حرمانه من الحقوق اللأخرى , وتمتعه بحق من الحقوق يعزز من قدرته على ممارسة الحقوق الأخرى