الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣١ صباحاً

في ذكرة الوحدة المباركة

طاهر مهيوب الفائشي
الاربعاء ، ٢٣ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠١:٥٠ صباحاً
يصادف يوم غد الثلاثاء الـ 22 مايو 2012م ، ذكرى اعادة الوحدة ، وليس كما يروج له هذه الايام عيد الوحدة ، فالأعياد عندنا اهل الاسلام عيدين عيد الفطر وعيد الاضحى ، وليس هناك مانع عند اهل الاسلام ان يحتفل بأيام لها شأن في حياة المسلمين ، ودعوا فيها تشرذماً تمزقاً، ظلماً ، جوراً، سلباً نهباً لخيرات الامة، لمقدرات الامة، صودرت فيها الحقوق والحريات، حرم الأب من ابنه ، وحرم الولد من أبيه ، بسبب الأهواء والأطماع ، والتعامل مع العدو الخارجي على حساب اليمن ، على حساب الشعب ، عندما كنا نقدس المبادئ نادى أبناؤنا وأجدادنا بالوحدة وتغنوا بها ، من وقت مبكر ،

موكب التحرير ألفت قلوبا* وتوحدنا شمالا وجنوبا
ان ذكرى يوم الـ22 من مايو له دلالة عظيمة في حياة كل يمني،فقد اعيد له الشريان المقطوع، الذي قطعته قوى التخلف والرجعية التي كانت تزعم انها حامية لحمى الاسلام ، وهي في الحقيقة تعمل عكس ذلك، الاسلام دعا إلى العلم ، وهي كرست الجهل والتخلف، الاسلام دعا إلى الحرية ، وهي دعت إلى العبودية ، حتى اجبروا ابناء الشعب ان ينادوا جل جلاك يا مولانا ، واحنا عبيدك لا تنسانا.. حتى رسخ في نفوس الشعب انه لولا هو ما نزل المطر على اليمن ، ولولا هو لتخطفت الجن الناس وهم في الشعاب والوديان وعلى الطرق يسيرون ،وانه قد أمسك خطام ملك الجن بيده ،لو رفع الشعب صوته سيطلق الجن عليهم يلاحقوهم حتى لو اختبئوا في جحور الثعابين

ولكن عهده لم يطل ثار عليه الشعب المظلوم.. (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ[) ..وولى إلى غير رجعة ولى معه حكمه ومكره وفكره وثقافته ،ولو أن فكره بدأ يطل برأسه من جديد كأفعى تخرج رأسها من جحرها وقد لبست ثوبا جديدا استبدلت به ثوبها القديم لتلبس على ضحاياها أنها ليست هي وهي هي ولو لبست ألف ثوب وثوب ، خرجت من جحرها تنظر متى يخلو لها الجو فتبيض وتفقس وتعشعش من جديد ، لكنه محصور مدحور مهزوم بإذن الله ، مهما حاول المروجون له أن يستنسخوه ويبذلوا في سبيله الغالي والرخيص، من مال ودم وعرض كي يعود

هذه الثقافة وهذا الفكر معروف لدى اليمنيين من وراءه ومن يدعمه ومن أخرجه من جحره انه منظومة الفساد الذي لم يرق له ، أن يعيش الشعب اليمني بقية حياته ،في أمن واستقرار ، وطمأنينة ورخاء وتقدم وازدهار .. على الرغم مما نهب وما سلب من خيرات اليمن ومن حياة اليمنيين ، ولم يكتف بما قتل وجرح وأعاق وسجن وشرد من اليمنيين طوال عقود من الزمن ، ليبني مجده وأسرته وحاشيته على حساب الأمة والوطن والدين والقيم (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ(على الرغم من تسامح اليمنين والعفو عن الدم عن المال عن الصحة ، عن كل شيء جميل في حياتهم ، ولكن قلة الحياء عن منظومة الفساد ، قابلت الجميل بالقبيح... قال عليه الصلاة والسلام(آخر ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت [) وهذا يدل على خلو الايمان قال عليه الصلاة والسلام(و لا يسرق السارق حين يسرق و هو مؤمن و لا ينهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها و هو مؤمن )وعن أبي هريرة رضي الله عنه زاد (ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن فإياكم إياكم) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحياء والإيمان قرناء جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر)

وفي طرف الشريان الاخر من جسم اليمن كان هناك مستعمر كافر ، له اطماع توسعية وله عداء للإسلام (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)

كان في بادئ امره محجماً خائفاً ذليلاً .. ساعده في توسعه وبسط نفوذه على مساحة كبيرة من ارض وطننا في الجنوب، الحاكم الطاغي المستبد الذي اوقف المد الثوري وقضى عليه في مهده بل سهل للكافر ان يقتل المسلم ، ما كان للكافر مهما كانت قوته وسلاحه ان يسيطر على المساحة التي سيطر عليها لولا الدعم اللوجستي الذي قدمه له طاغية الشمال، للمستعمر للإطاحة بالثوار الذين قدموا من الشمال ليحرروا الجنوب ، فترك العدو الكافر يحيط بهم احاطة السوار بالمعصم وقتلهم في لحج دار سعد

ما أشبه الليلة بالبارحة ، يوجد اليوم من يذبح المسلمين كذبح النعاج ، ويزعم أنه ينصر الشريعة ، وأمريكا تقتل المسلمين بدعوى أنها تحارب الإرهاب .. إن مما ينخر في جسم الأمة اليمنية اليوم هوتلك السلبيات التي لا تمت لديننا بصلة ،من بقايا الفساد والتخريب ،واستغلال الدين ،لرفع شعارات كاذبة ،والتضليل على الناس بنصرة الشريعة ،والمذهبية المقيتة ، والتمسك بالمناصب التي ملك للشعب وأبنائه الأحرار ، فديننا الإسلامي لا يرضى باستباحة الدماء ،ولا بالعنصرية ولا بالسلالية ، ولا بالمناطقية لأنها من الظلم والطغيان والغرور ومن معاول الهدم ،ونحن احوج مانكون اليوم إلى إحياء قيم المحبة والألفة والرحمة وتناسي الأحقاد.

ان يوم 22 مايو هو يوم اعاد فيه اليمنيون لحمتهم الذي ما كان لهم ان يعيدوه لولا مشيئة الله عز وجل والفضل يرجع لله عزو جل اولاً واخيراً ، ثم اذا كان هناك من فضل بعد الله فهو للثوار الذين فجروا ثورة 26ستبمبر وواصلوا النضال والتحموا بالثوار الاحرار في القسم الاخر من ارضنا اليمن وفجروا ثورة 14 أكتوبر ..ثورة أكتوبر لم يكن لها أهداف وإنما الأهداف وضعت للثورة الأم 26سبتمبر 62م ..... ثورة 26سبتمبر تلك الثورة التي كان الهدف الخامس من أهدافها هو (العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة) ثم لأولئك الابطال الذين قاوموا الظلم والاستعمار من بداية الأربعينيات ضحوا بدمائهم بأموالهم بأولادهم بأسرهم.

ان الذين يزعمون اليوم انهم من صنع هذا المجد التليد هنا أو هناك نقول لهم إن العكس هو الصحيح انتم جريتم وراء مكاسب ومطامع حققتم لأنفسكم ارصدة ومشاريع ستنتهي يوماً ما وسيبقى الشعب اليمن موحداً إلى قيام الساعة ان شاء الله
وسـيـبـقـى نبض قلبي يمنيـا*لن ترى الدنيا على أرضي وصيا)

فالتاريخ سجل لكم ماضيكم ...منكم من خلف الطاغية فكان اطغى منه ، ومنكم من خلف المستعمر فكان اسواء منه بل انه جلب مستعمرا اخر جعله يستعبد البلاد والعباد وضيق على الناس مساكنهم ومعاشهم. جلب الفجور والسفور ، وجعل الصالحين يصيحون بأعلى أصواتهم بالويل والثبور وعظائم الأمور
والحكم رجعي نقاومه * ولو لبس الحكام ما لبسوا)

ان من ينادي اليوم لقطع الشريان بعد ان اوصل (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) .. وهم من بقايا ذلكم النظامين اللذين وليا ومن تبعهم على نفس النهج إلى غير رجعة ، هذا لا يخدم وطنه ولا يعتز بيمنيته ولا يستحق ان يحمل الوسام الذي قلده اياه المصطفى عليه الصلاة والسلام (الإيمان يمان، الفقه يمان، الحكمة يمانية)
إن الوحدة بفتح الواو ولت وإلى غير رجعة إن شاء مع من كان يروج لها ، ويمارسها ، ليكون متوحدا هو وعائلته على حساب عرق اليمنين ، على حساب دماء وأعراض وأموال اليمنيين ، لقد ولى هو ووحدته إلى غير رجعة ولن يعود ما دام في اليمنيين عروقاً تنبض فيها الدما.. ذهب هو ونظامه الفاسد ،وهو منظومته السيئة ،وبقية الوحدة بكسر الواو ....
سنفدي البلاد بأرواحنا* وكل دمانا فداها ثمن

إن الأمل بعد الله عز وجل في الحفاظ على وحدة الوطن ،وحدة اليمن ، وحدة الإنسان ، ثم وحدة التراب ..الشباب الذين حملوا على عاتقهم ، وقاموا بثورة التغيير على كل المستويات ، على الشباب أن يثبتوا للعالم ، أنهم أكثر الناس حرصاً على وحدة اليمن ، أثبتوا للعالم أنكم موحدي الفكر والعقيدة وأن هناك نقاط التقاء بين اليمنيين ، الدين أول نقطة تجمعنا ، القرابة والمصاهرة تجمعنا .. اثبتوا للعالم أنكم وطنيون ولا يوجد بينكم عملاء ،وأنكم قمتم بثورة لتحيا اليمن ، لتبقى لحمة اليمن ، لا تسمحوا لأحد يريد تنفيذ أجندة خارجية أن يتواجد بينكم.. لقد أثبت لنا التأريخ أن الذين يعيشون عملاء وخونة يموتون كفرة .. أغلب الخونة والعملاء ، ما استطاعوا أن يواجهوا شعوبهم انتحروا وما توا كفرة ومرتدين ، حتى الذين كانوا يوشون بالأحرار بالمدافعين عن الأمة عن قضايا الأمة ،وتسببوا في أذيتهم ، ما توا منتحرين ، والمنتحر خالداً مخلدا في النار ، أعاذنا الله وإياكم من النار.. وعليكم إن رأيتم خللا سددوا وقاربوا ،واحذروا أن يتسلل العدو من جهتكم .
إن ترى عيباً فسد الخلل * جلّ من لا عيب فيه وعلا)

إن حالنا اليوم لا يخفى على أحد بأن هناك عناصر داخلية تريد أن تخرب وأن تدمر ،وأن تثير الرعب والقلق والقتل ، في صفوف اليمنيين ، وهناك عناصر خارجية متفقة ومتعاونة ومرتبطة بعناصر داخلية ، تريد أن تزعزع استقرار الأمة الإسلامية وبالأخص بلدنا اليمن الحبيب وبعض الدول العربية ، أرادوا أن يزعزعوا استقرار الأمة بأن يحدثوا نوعا من الاختلاف بين المسلمين ، عن طريق إحياء المذهبية والسلالية والطائفية والمذهبية ، وقضايا قد طمرها التأريخ ، وكذلك يريدون ، أن يثيروا قضايا ، من شأنها أن تعيد العجلة إلى الوراء ، ولن يتم لهم ذلك ، اليوم هناك من يؤجج الخلاف والفرقة ، ويثير الأحقاد والضغائن بين اليمنيين ، أنت شمالي أنت جنوبي ، أنت محتل ، أنت مستعمر ، أنت غازي ، أنت من الجنوب والمسئول عليك شمالي محتل ..إلى آخر هذه المسميات التي تصدع جدار الوحدة ، والتي هي من صنع ، الذين لا يريدون لليمن واليمنيين الخير والاستقرار ، مثل هذه الوشايات تشبه إلى حد كبير تلك التي أججها المنافقون بين الأوس والخزرج ..أولئك المنافقون العملاء الخونة الذين ارتهنوا للعدوا وباعوا أنفسهم للشيطان أرادوا أن يفسدوا على المسلمين أخوتهم ،وإذا فسدت الأخوة ، فسدت وحدتهم وأستطاع العدو أن يتسلل من هذا الباب ، فبالإخوة تبقى الوحدة ..وأن الأخوة مهما اختلفوا على لعاعة من الدنيا ، فإن خلافاتهم تكون سطحية ، لا تمس الدين ،ولا الوحدة الإسلامية ، وأن عليهم أن يصطلحوا لأجل الدين والعقيدة ..ولا بد من أن نعمل كيمنيين كعمال التسويق نسوق الوحدة اليمنية للعالم ،على أنها اللبنة الأولى للوحدة الإسلامية ..من خلال التآخي فيما بيننا ، أنا في تعز أتألم لما يجري لأخي في أبين ، في أرحب ، في كل شبر من اليمن ، وكذلك الذي في عدن والذي في حضرموت يبادلني الشعور نفسه ..ولن يتأتى ذلك إلا بالأخوة ..وبالإصلاح وعدم الإفساد في الأرض .. والتجاوز عن سفاسف الأمور ، ونكران الذات ، والعمل على إصلاح ذات البين ...نبذ الفرقة والعصبية المقيتة .. (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) حقيقة قرآنية هدمت ما بعدها من الأسس والقواعد العصبية العمياء إنها الإخوة التي ترسخ كيان ومفهوم الوحدة الإسلامية .. وما أعظم هذه الرابطة التي قررها القرآن وما يجمع المسلمين في أقطار العالم كله من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه إلا الأخوة التي نسيها الناس في زماننا هذا واستبدلوها بالمناطقية البغيضة والمذهبية المقيتة والعصبية النتنة، هذه الأخوة التي غيبت في وقتنا الحاضر، هذه الأخوة هي الرابطة الأقدس بين المسلمين أجمع وحذار ثم حذار أن تمس هذه الرابطة بأدران التعصب ودعوى الجاهلية هاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ما كان إلا رحمة مهداة فأول عمل قام به في الإسلام بعد الدعوة هو إرساء دعائم الأخوة وتثبيتها في النفوس حتى صار المرء لا يعد مؤمناً إلا بعد أن يتمنى الخير وكل الخير لأخيه قبل نفسه فهو صلى الله عليه وسلم القدوة يقول (لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه) أنظروا إلى هذا التعبير الذي تطوى فيه عصبية النسب ودعا الله عز وجل إلى المحافظة على هذه الأخوة حتى في وقت الاختلاف فقال الله تعالى (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) ودعا إلى بذل الغالي والرخيص في سبيل إرساء دعائم الأخوة ولكن للأسف اليوم يبدو أن أمتنا نسيت حقيقة معاني الأخوة في الدين, كما نسيت من قبل ذلك الكثير من معاني ديننا, بعد أن خدرها الملهون والمفسدون. يقول: الشاعر:

إني لأسأل في شكي وفي ألمي : أكان يربطُ حقاً بيننا سَببُ ! ؟
ناديتُكم وفؤادي حُرقَة وأسى ناشدتُكم كُل عِرقٍ حقهُ يَجِبُ
حتى الجلاميدُ قد رقَّت لما سَمِعَت والطير والبُهمُ والأشجار تنتحب
إن كان ذبحيَ لا يُذكي أُخُوتكم فما الأخوة إلا الغش والكذب)
وللأسف هذا هو حالنا اليوم وما نشهده على أرض الواقع إخوة يربط بينهم رابط الدين الذي كما قلنا عنه هو أقدس الروابط يتقاتلون على مرأى ومسمع من العالم ، يدمرون البنى التحتية ، ويهدمون المشاريع الوطنية ، التي بنيت على عرق اليمنيين ، على دماء اليمنيين ، يقطعون الطريق ، ينهبون ، يسلبون ، يهتكون النساء ويسرقون أمتعتهن، في وضح النها ر الشمس ساطعة ، ليس على الخطوط الطويلة ،وإنما داخل شوارع المدن .. وجو مشحون بالانفعالات وبعض الدول واقفة تتفرج علينا ، ونحن نتقاتل ، وندمر بيوتنا ، ونخرب ونقطع الكهرباء ، ونمنع الماء ، ونسوا أمر الله بالإصلاح بين الأخوة ونسو قول الله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) وهذه الأخوة أخوة العهد ومع الأخوة الإيمانية، تأتى رابطة المؤاخاة الأخص، التى تزيد من أخوة الطريق ترابطاً، كما يترابط المسافرون لغرض واحد فى سفر الدنيا، فيزداد الدعاة فى قطار الدعوة تماسكاً وقوة، ورابطة المؤاخاة بمعانيها الشرعية الثابتة، أقرها الفقهاء امتداداً لفكرة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، (والمؤاخاة العهدية) على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإن المؤاخاة العهدية أقرها الإسلام في قوله صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم ) وهذه ثابتة لكل مؤمن على كل مؤمن. وما نراه يا إخوان اليوم والله يندى له الجبين من فرقة المسلمين فهذه هي اليهود وهذه الصفوية تصول وتجول في ديارنا كيف تشاء ونحن ما زلنا نائمين وها هي تشعل الفتن بيننا ونحن لا هون وهاهم قرروا وأكدوا بلا خجل ولا حياء على مطامعهم ومساعيهم في الدول الإسلامية سعوا للتحريش للفرقة ، لزرع الفتن ، لنبش جيف طمرها التأريخ ،ولم يعد لها ذكر ، يفعلون بالأمة ما لم تفعله المدافع ...و هذا ما يقررونه ويسعون لأجله ويخططون للوصول إليه كهدف إستراتيجي فهل أعددنا العدة لمواجهتهم ، حتى لا ينتشروا في بلادنا .. ويصدعوا بين اليمنيين ويفسدوا عليهم أخوتهم ..ويخربوا عليهم وحدتهم ...إن أعداء الأمة يسيرون بخطى حثيثة وفق أجندة ،وبرتوكولات ،ودراسات مسبقة للأمة لتمزيق الأمة العربية والإسلامية ..شر ممزق ...
فإلى متى نبقى هكذا والعدو يعبث فينا لقد قسمونا فرقاً ومزقونا شيعاً ونحن أمة المليار ننظر ولا حول لنا ولا قوة وما ذلك إلا لأننا نسينا رابطة الأخوة فيما بيننا وكل واحد يقول نفسي نفسي.. إنهم يعملون بكل ما أوتوا من قوة مادية ومعنوية ألا يتحد العرب ،وأن لا تكون لهم كلمة سواء وتعالوا أحبتي في الله لنلقي نظرة سريعة على الصحابة رضوان الله عليه الذين جسدوا مظاهر الإخاء فيما بينهم فهاهم الأنصار يقتسمون مع المهاجرين ما يملكون فمن كان له دارين أعطى أخاه المهاجري داراً ومن كان يملك ثروة قسمها مناصفة وذلك كله ما أنتجه الغراس الذي زرعه النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا هو الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم يكون في جمع مع أصحابه وإذا به يسمع صوتاً فيخرج ليرى ما الأمر فيرى العجب العجاب رجل من الأنصار يستصرخ بالأنصار ورجل من المهاجرين يستنصر بالمهاجرين ليقتتلوا فأنتفض صلى الله عليه وسلم لماذا انتفض ؟، لقد مس هؤلاء بحرمة الأخوة بينهم التي لم نصنها نحن اليوم واحمر وجهه غضباً وما كان يغضب صلى الله عليه وسلم إلا لله وقال بأعلى صوته : ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم) فقامت هذه الكلمة تطرق أسماع الصحابة المتنازعين وتيقنوا أنهم في مرحلة غضب وقد تمكن الشيطان منهم فألقوا أسلحتهم وبلحظة عادت رابطة الأخوة، وبالله عليكم غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الله أن تنتهك محارمه وغضبه هنا لأنه كان هناك من يهدد الأخوة ووحدة الصف المسلم، التي تعب وشقي ليغرسها ،بالله ألا نخجل من أنفسنا اليوم نحن نغضب من أجل قطعة أرض ، باعها الواحد منا لأخيه في وقت الرخص ، ثم بعد ذلك أرتفع سعرها ، وتولد في قلوبنا الحقد ، وبدأنا ندعو للانفصال.. أو أن هناك ظلماً استشرى واستفحل ونهب لأراضي الدولة ،وتسليمها للناهبين والغاصبين .. فبنو عليها قصور وظهر من شرفاتها كبيري الكروش .. ونغضب ، ولا نغضب أن هناك بلداً ستمزق ،وأن هناك قطيعة ستحل بين أهل البلد الواحد ،وأنه بعد أن التقى القريب بقريبه والحبيب بحبيبه ، في لحظة طيش وغضب على دنيا .. سنعود لنتزاور بالفيزا والجواز .. أليس حري بنا نحن أحفاد الأوس والخزرج أن نثبت للعالم أننا وحدويون حتى النخاع بأن ندعوا العالم للالتفات لإخواننا في فلسطين وما يحدث لهم من قتل وتنكيل .وإلى الأقصى الأسير الذي ينزف دماً ولم نغضب وها هم أخوتنا السنة في سوريا يستصرخون ولا مجيب ، أين المجتمع الدولي ،أين الدفاع المشترك العربي ، أين قرارات الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي..؟؟؟؟..
فالرجعة الرجعة ايها المسلمون قبل أن يقسم الله ظهورنا وقد غادرنا مسألة الأمر بالمعروف وتنحينا عن مسألة النهي عن المنكر ولنعد رابطة الأخوة بيننا ولنصلح ذات البين والحمد لله رب العالمين وجعلنا الله وإياكم تحت ظل قوله تعالى (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)
ختاماً : فإن الوحدة مبدأ عظيم من مبادئ الشريعة الإسلامية ،ومقصد من مقاصدها ، بل الكون كله يسير بتناسق عجيب ،ونظام موحد دقيق ،وهذه سنة الله تعالى ...ذلك أن الأمة المسلمة أمة واحدة ربها واحد ودينها واحد ونبيها واحد ،واليمن جزء من هذا الوطن الإسلامي الكبير ، قال عز وجل (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)والمؤمنون والمؤمنات عقيدتهم وشريعتهم ومنهجهم وهدفهم ومصيرهم الواحد يجعلهم في صف واحد وعلى كلمة واحدة قال الله (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى * خطب ولا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا * وإذا افترقن تكسرت آحادا)
إن الواجب علينا في هذه المرحلة من تأريخ شعبنا ، أن نحقق في أنفسنا وأسرنا وفي مجتمعنا كله الإخاء والحب والألفة والنصرة بالحق وعلى الحق دون تفريق أو تمييز ،فنحن صف واحد يجمعنا الإيمان تجمعنا الأخوة قال عليه الصلاة والسلام ( المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم و يجير عليهم أقصاهم و هم يد على من سواهم يرد مشدهم على مضعفهم و مسرعهم على قاعدهم لا يقتل مؤمن بكافر و لا ذو عهد في عهده))في الحديث إشارة نبوية تربوية وحدوية ،وتوجيه عظيم لذوبان الفوارق والعصبية والسلالية والمناطقية قال عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير)
نحن أبناء اليمن يجب أن نعيش كالجسد الواحد في الصحة والمرض والألم والعافية .. قال صلى الله عليه وسلم (مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثَلُ الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحمى)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أكمل المؤمنين أيمانا أحاسنهم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف)
بالمحافظة على وحدتنا وتماسكنا تتحقق لنا العزة والكرامة والرفعة والسعادة في الدارين ،وتكون لنا المهابة بين الأمم ،ونستحق بذلك معية الله تعالى ثم تقدير المجتمع الإقليمي و الدولي قال صلى الله عليه وسلم (فإن يد الله مع الجماعة و إن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض )وقال صلى الله عليه وسلم (عليكم بالجماعة و إياكم و الفرقة فإن الشيطان مع الواحد و هو مع الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة من سرته حسنته و ساءته سيئته فذلكم المؤمن)
إن أخطر ما تصاب به الأمم والمجتمعات والشعوب هي الفرقة والاختلاف والتمزق قال تعالى :( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )فإن مستقبل اليمن وازدهارها مرهون بهذه الوحدة المباركة ،فعلى الجميع حكاما ومحكومين وأحزاب ومنظمات وغير ذلك من الفئات أن يقدروا أهمية لم الشمل والاصطفاف حول قيادتهم الشرعية لتستكمل أهداف الثورة ويحقق التغيير والنصر وتذوب الفوارق ويستكمل البناء ، فالتقدم والازدهار والتنمية وبناء اليمن الموحد الجديد مرهون بتوحيد الجهود ، وهنا تتجلى الحكمة اليمانية (الإيمان يمان، الفقه يمان، الحكمة يمانية[)نريد أن يتحقق فينا كلا م المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه قولا وفعلاً ومنهجاً وسلوكاً ، لترى الدنيا بأكملها وتسمع كيف أن أهل اليمن تحققت فيهم الحكمة اليمانية ،وأصبحت واقعاً معاشاً ملموساً مشاهداً ومحسوساً ونكون بحق كما قال ربنا وخالقنا (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) ولله رد الشاعر الذي تغنى ببلده ووجدت أنها تحور لأتغنى ببلدي عبر هذه الأبيات
يا سادة الأحقاد اليمن بشعبها بتراثها بصـــــــــــــــــــــــــــلابة الإيمان
اليمن العظيمة سوف تبقى دائما حلم الغريب وواحة الحيران
اليمن العظيمة سوف تبقى دائما بين الورى فخرا لكـــــــل زمان
يا من تريدون الزعامة ويحكم اليمن العظيمة كعــــــــــبة الأوطان
فالعمر ليس بضاعة مملوكة والعمر ليس بدرهم وغواني