الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٦ مساءً

مشايخ عند الإمام ودراويش عند الدم

عبدالله الزبيري
السبت ، ٢٦ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
في عهد الإمام أحمد بن يحي حميد الدين أراد أحد الهاشميين أن يصبح شيخآ على إحدى العزل في إحدى المديريات (النواحي سابقآ) وبدون ذكر اسماء الأشخاص والأماكن ، وتنازع الشيخ القبيلي لتلك العزلة وذلك الهاشمي على المشيخ ووصلت قضيتهم إلى الإمام أحمد فقضى بها للقبيلي قائلا للهاشمي (أنت سيد ما تشتي القبيلي يناديك يا سيدي الشيخ ؟) كره الإمام أن يجمع أحد الهاشميين بين وظيفتين فخريتين أو لقبين في حين لم يتورع الدم (بتشديد وكسر الدال ) عن الاتصاف بكل أوصاف الأسد وألقابه .

كان الشيخ في ذلك الحين يتم اختياره بمعايير خاصه أهمها قدرته على استضافة عسكري الإمام عند تنفيذه على أحد رعية الإمام في النطاق الجغرافي لذلك الشيخ أو غيره وإطعامه كون الشيخ صاحب أملاك وأحد المزارعين الكبار . كما يقوم الشيخ بمساعدة الدولة في تحصيل الزكاة التي كانت تجمع أحيانآ صبره بضم الصاد وسكون الباء وتعني دفع الزكاة مقدمآ لسنتين أو أكثر ولم يكن يضيع على الدولة منقير واحد إذ كان القرش الفضة (الفرانسي) ينقسم إلى أربعين بقشة والبقشة إلى خمسة مناقير ولن يضيع المنقير الواحد وبعده أحمد يا جناه ، أما الشيخ فهو أحد رعية الإمام وكل الرعية متساوون في الواجبات ، هذا باختصار شديد وضع الشيخ في زمن الناصر لدين الله أحمد بن يحي حميد الدين الذي كان يتكلم الفصحى ويقرأ القرآن ويقرض الشعر ويفتي في بعض المسائل .

فرق كبير بين الإمام الناصر والإمام عفاش كالفرق بين بين المشايخ في فترة كلآ منهما ، فشيخ اليوم لديه رعيته الذين يعدهم بعضآ من أملاكه وللمالك في ملكه ما يشاء ولا يوجد قانون يحمي ذلك الرعوي من بطش وتنكيل الشيخ المدعوم بالمرتبات والمكافآت والهبات من سلطة اقتصرت رعايتها على المشايخ ليكونوا هم رعيتها وتركت بقية الشعب ليكونوا رعية لمشايخ يشحتون في كل مرفق حكومي وعبر وسائل الإعلام ، فإن لم يحصل على الشحاتة المطلوبة فإن براميل القطاع متوفرة والتقطع أسهل الطرق للفت نظر السلطة التي ستدفع بسخاء لرفع القطاع وستدفع أكثر لمن يقوم بالاختطاف ، إنها سلطة الشحاتين واللصوص وقطاع الطرق .

لكل كلمة مدلول يتبادر إلى الذهن عند سماعها أو النطق بها ، وكلمة عفاش صارت تعني إثارة الحنين إلى الماضي ، فقد جعل المواطن في الشمال يحن إلى ما قبل ثورة سبتمبر 1962 رافعآ شعار (المساواة في الظلم عدل) وجعل المواطن في الجنوب يحن إلى عهد ما قبل الوحدة المباركة رافعآ شعار (نار الاشتراكي ولا جنة المؤتمر) .

إن عفاش الدم قد شوه قيم الثورة والوحدة وملأ الدنيا غطرسة ودجلآ ولصوصية ، تنكر حتى للقبه الحقيقي وأصله فتحول من الدم إلى الأحمر . الدم تعني بالعامية عند البعض والقط بالفصحى ومحال أن يتحول البس إلى أسد وإن لبس جلد الأسد . قالت العرب أن لكل واحد من اسمه نصيب والدمة أو البسة تظل بسة وهناك فرق بين زئير ومواء جعل مشايخ الأمس دراويشآ وشحاتين ليتحول الدم في نظرهم إلى أسد وكل شيء بثمنه