الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٥ مساءً

الخريف العربي والربيع القاعدي

رضوان محمد السماوي
الخميس ، ٣١ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ صباحاً
مصر هي البوصلة التي تحدد اتجاه الرأي العام في العالم العربي ، الثورة التونسية هي القطرة الأولى في سيل الثورات العربية المتدفق ، الثورة المصرية هي الطوفان الهادر الذي اقتلع ركام الزيف والقهر والتسلط في عدد من دول المنطقة ، والفرصة لازالت مواتية للبقية ، الأنظمة القمعية استفادت من الثورة المصرية في أساليب التعامل مع الثورة وقمعها ومحاولات قمعها ، القوى الثورية عليها الاستفادة القصوى من الأخطاء في مواجهة فلول وبقايا الأنظمة منتهية الصلاحية .

الوضع في سوريا معقد للغاية يعتمل في ظل معطيات عديدة داخلية وخارجية ، الوضع السوري قابل للتشظي والتفتت على أساس طائفي ، الشام هي محور ارتكاز المنطقة وهي أرض الملاحم ، والحفاظ على تقدم دولة يهود وضمان تفوقها هو ترمومتر السياسة الأمريكية والنصرانية البروتستانتية في هذه المنطقة ؛ لعقيدة دينية تروج لها هذه الطائفة ، الجبهة المصرية قامت على ما يُسمى الانتقال السلمي للسلطة وهو في حقيقته لا يعدوا أن يكون فرملة للثورة ومن أجل استمرار سلطة العسكر ، ولا زلت أتذكر التقارير الإخبارية التي تحدثت عن تواصل مباشر بين البنتاجون الأمريكي وكبار قادة الجيش المصري ، بهدف الوصول إلى صيغة مقبولة من الانتقال السلس والسلمي للسلطة في مصر .

أمريكا لا تصنع الأحداث وإنما تتعامل معها بحيوية سريعة ، ولذلك فإنها قد حزمت أمرها بالنسبة للوضع في سوريا ، وهو إحياء خطة الوزير الأمريكي الشهير كيسنجر وإقامة دويلات طائفية تحيط بدولة يهود ، بعد إنهاك الجيش السوري وتفكيكه وعدم السماح للدولة أو الدويلات الوريثة باستلام جيش قوي .

أمريكا في مصر أمام خيارين أحلاهما مر ، إما السماح للانتخابات المصرية أن تمر بيسر وسلاسة وبالتالي صعود الإخوان وتسلم السلطة وذلك في حالة واحدة وهي احترام المعاهدات المبرمة مع دولة يهود وعدم التدخل لنصرة القضية الفلسطينية بأي حال من الأحوال ، وهو ما لم تقبل به الجماعة .

وبالتالي فليس من خيار أمام الولايات المتحدة سوى إجهاض هذا الأمل وحرمان الحركة الإسلامية من الوصول الى الحكم وقطع الطريق من البداية وعدم تكرار الخطاء في التجربة الفلسطينية بفوز حماس وإظهار المجتمع الدولي بمظهر المتناقض .

الوضع الإقليمي يتمثل في موقف إيران والسعودية وكل من هاتين الدولتين لهما مواقفهما الخاصة من فوز الجماعة الاخوانية بالانتخابات الرئاسية المصرية

آل سعود يقومون على استغلال الدين للمسك بالسلطة وليست لهم أهداف عامة يسعون لتحقيقها ، وهم يرون أن الإخوان المسلمون من الممكن أن يقدموا نموذجاً جديداً وعملياً للمسلمين ربما يسحب البساط من تحت أقدامهم .

إيران لا تريد قوة سياسية سنية فاعلة في المنطقة وبالتالي فهي تنظر إلى الإخوان المسلمين كمنافس قوي يمنع عليهم مزايدتهم في الكثير من القضايا كالتدخل الأجنبي في المنطقة والقضية الفلسطينية ، وبالتالي فإيران والسعودية لا ترحبان بالقوة الصاعدة ، لكن عملياً التدخل السعودي قوي في الشأن المصري بحكم الأدوات السعودية الموجودة والمكتسبة من أيام النظام السابق .

ارفع يدي والهج بالدعاء لفوز المرشح الإخواني محمد مرسي ، لكن وآه من لكن ، الوقائع والمؤشرات المحلية والإقليمية والدولية تلمح إلى قرار سياسي بعدم السماح لهذا المرشح بالفوز .

على أمريكا وايران وآل سعود أن لا يقفوا حجر عثرة في وجه الأمل العربي المعتدل والقبول بالاخوان كقوة جديدة على الأرض يمكن التفاهم معها ، خصوصاً أنهم قوة حيوية ليست متصلبة تؤمن بالتغيرات والتوازنات .

تخيلوا حجم الصدمة واليأس الذي ستواجهه الجماهير والنخب السياسية والدينية التي تم إقناعها بجدوى العمل السلمي ، والتغيير السياسي

الانتخابات المصرية الخاسر الكبير فيها هي الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية والعمل السياسي والخيار السلمي في تداول السلطة والتعبير عن الرأي والفكر .

الرابح الكبير من هذه النتائج هو الفكر الذي يقوم على ذهنية العمل المسلح لإزالة الأنظمة القمعية وباختصار تنظيم القاعدة وفروعه في العالم .