الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣١ صباحاً

ويبقى اليمن مستعبداً

عبدالرزاق السريحي
الخميس ، ٣١ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
قبل عامين تقريباً كتب شخص في إحدى الصحف متهجماً على الدكتور محمد عبد الملك المتوكل واصفاً الدكتور ببعض الصفات منها أنه ملكي إمامي ، لأن الدكتور - حسب إدعاء الشخص- يقول لطلبته في الجامعه أن ماحدث في 26سبتمبر1962م إنقلاباً وليس ثوره.

والحقيقه أني أحمل للكتور إحترام كبير جداً ،وهذا الإحترام ناتج عن أسباب موظوعيه بحته، وأنا في هذا المقال لست بصدد الدفاع عن الدكتور ولكني بصدد وصف ماحدث في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م وماتلاه ومانتج عنه من أحداث .

ولكني قبل ذلك أُريد أن أُشير إلى أن الثوره – أي ثوره – مثلها مثل أي أمر آخر ، ليست أمر مقدس محرم تناوله بالنقد أو حتى التشكيك فيه. و منح الثوره أو غيرها صفة القداسه ، أو إجبار أفراد المجتمع أو بعضهم على تبجيلها أو تعظيمها أو فرض ذلك عليهم ، فإن ذلك في الغالب يصبح وسيله ومبرر لإنتهاك حقوق وحريات ومصالح الناس ، مثلما يستخدم وسيله وحجه لتعزيز هيمنة البعض على السلطه والثروه في الوقت الذي يستخدم فيه كوسيله أومبرر لإقصاء أو إستبعاد البعض الأخر من المشاركه في السلطه والثروه . وذلك بحجة حماية الثوره والدفاع عنها والحفاظ على مبادئها ومكتسباتها وحمايتها من الأعداء والخونه والعملاء . وبالتالي نكون أمام حاله مضاده للثوره ومبادئها وأهدافها . وذلك بغض النظر عما إذا كان الفعل أو الحدث يعتبر ثوره أو يعتبر غير ذلك.

وليس من المقبول ثورياً وديمقراطياً منع أو حظر أو تحريم أو تجريم تقييم أو نقد الثوره ، هذا من ناحيه . من ناحيه أخرى ، ودفاعاً عن المحرومين والمظلومين والمقهورين والضعفاء من اليمنيين بل ودفاعاً عن الثوره اليمنيه نفسها ، بنبغي أ ن نقف ملياً أمام ماحدث في 26سبتمبر1962م وماتلا وما نتج عن ذلك من أحداث ، بل والتشجيع على ذلك .

وإذا كان المعيار الذي على ضوءه نحكم على ماحدث في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م بالإشاره إليه بوصفه ثوره أو غير ذلك هو حجم المشاركه الشعبيه في الحدث فما حدث ليس ثوره لأن قله هم من شارك في الحدث ، والأهم من ذلك أن معظم المشائخ وقفوا ضده حتى إستطاعوا الإلتفاف على الحدث ومسخه وتسخيره وإستخدامه لخدمة وتعزيز مصالحهم.

وإذا كان الهدف مما حدث هو تغيير الأسره الحاكمه فإن ذلك تحقق أما إذا كان الهدف تغيير النخبه المهيمنه فهذا تحقق بنسبه منحفضه جداً . أما إذا كان الهدف مما حدث هو تغيير المرجعيه ( الشرعيه ) التي بموجبها ومقتضاها يُحدد من يحكم وكيف يحكم فإن هذا الهدف لم يتحقق لا فعلياً ولا رسمياً أو دستورياً .ولكن وحتى إن تحقق أي من ذلك فإن ذلك لايجعنا نشير إلى ماحدث بوصفه ثوره . وإلاَ فإن التأريح اليمني شهد عدد كبير جداً من الثورات .

أما إذا كان الهدف مما حدث في 26سبتمبر1962م هو القضاء على الإستبداد والطبقيه والحد من الفوارق والإمتيازات وتحقيق العداله والمساواه بين أفراد المجتمع وتعزيز الحريه وتحقيق السياده والإراد الشعبيه أو على الأقل إرادة الأغلبيه . فإن أياً من ذلك لم يتحقق ، بل على العكس من ذلك الإستبداد تعزز وإتخذ أشكال أوسع وأشد قسوه والطبقيه والتبعيه والفوارق والإمتيازات تعمقت وإتسعت وتعددت أبعادها ومظاهرها وكذلك مظاهر الحرمان والبؤس الأخرى . أما السياده الشعبيه فليس لها وجود فعلي إلا منحيث كونها وسيله لقمع الناس . أما العداله والحريه والمساواه فإن مدى إلمام معظم الناس بها يساوي مدى إلمامهم بنظريات آنشتاين . والمسافه الفعليه بيننا وبين إعمال أي مما سبق تساوي المسافه بيننا وبين بلوتو .

الإمام كان يستند في حكمه على مرجعيه دينيه موظفاً المشائخ لخدمة وتعزيز بقائه حاكماً أوحد، مقابل حصولهم على جزء من المحصول وتركهم يبطشون بـ (الرعيه والقبايل). أما عسكر الإمام فأظن أنهم لم يكونوا يتمتعون بقوه ذاتيه حقيقيه ، وهيبتهم وخوف الناس منهم وبطشهم بهم كان يحدث كونهم في نظر الناس عسكر الإمام كما كان يحدث بفعل مساندة المشائخ لهم ضد الرعيه .

هذا الحال إستمر بعد سبتمبر 1962م (عمل الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي على هذا الحال فدفع حياته ثمناً لعمله ذلك على يد مشائخ معروفين وموجودين في السلطه وبالتآمر مع قوى إقليميه ودوليه) وتعمق بقوه طوال فترة حكم علي صالح (بالنسبه للجنوب ومنذو الإستقلال وحتى 1990م فقد ظل خاضعاً لدكتاتورية الحزب أحياناً ودكتاتورية الفرد حيناً).

منذو 2005م تقريباً عمل صالح على تعزيز هيمنته هو وأسرته على السلطه والثروه على حساب تقليص حصص بعض المشائخ . هذا العمل أغضب ؤلائك المشائخ . وعندما قامت الثوره الشبابيه وجد المشائخ فيها الوسيله الممكنه والمناسبه للقضاء على علي صالح والقضاء على الثوره نفسها وفرض أنفسهم ثواراً أو حماةً أو أنصاراً لها وتجديد هيمنتهم على السلطه والثروه وفي ذات الوقت.وهكذا يبقى اليمن مستعبداً إلا إذا ........