الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٩ مساءً

محاكمة القرن ,,,, والإنتخابات المصرية

عباس القاضي
الاثنين ، ٠٤ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠١:٢٣ صباحاً
الأحكام الصادرة بحق حسني مبارك وأبنائه, والعدلي ومساعديه, كان سياسيا بالدرجة الأولى , فالمستشار أحمد رفعت أعطى الديباجة للثوار والحكم للفلول.

فقد كانت الديباجة رغم الملاحظات اللغوية الكثيرة عليها جيدة وصفت مساوئ النظام السابق وفساده ,وأشادت بالثوار ونضالهم السلمي لذلك ساد الهدوء وتوقع أهالي الضحايا والمدعون بالحق المدني أن الحكم بالإعدام , فاشرأبت الأعناق واحتبست الأنفاس وجحظت الأعين , استعدادا للنطق في الحكم , فكان المؤبد لـ محمد حسني السيد مبارك , والحبيب العدلي , والبراءة لنجلي مبارك جمال وعلاء ولمساعدي الحبيب العدلي , وهنا هاجت القاعة وماجت احتجاجا على الحكم من قبل أهالي الضحايا والمدعين بالحق المدني , ربما المؤبد لـ مبارك له ما يبرره لكن لـ الحبيب العدلي هذا غير مقبول بوجهة نظرهم لأن الرجل جرائمه متعددة, أمنية وأخلاقية ومالية, كذلك تبرئة الباقين , خاصة عندما سمعوا المستشار وهو يبين حجم المرافعات والذي كانت 70 ألف ورقة أي 140 ألف صفحة , توحي بالشمولية ودقة التفاصيل , إلا أن الحكم كان براءة ! معقول هذا الحجم كله خلا من صفحة أو سطر أو جملة أو حتى كلمة تدين هؤلاء !! الذي عثوا في الأرض فسادا وكانوا هم السبب الأكبر وراء سقوط النظام في أعين ووجدان المصريين وتفاقمت حتى وصلت لدرجة الفعل لينزلوا إلى تحرير القاهرة , وباحة مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية, وشوارع السويس وفي كل المدن المصرية, وأسقطوا النظام بفترة قياسية رغم قبضة الأمن الرئاسي وشراسة الداخلية, ودعم رجال الأعمال المنتفعين من فترة حكمه.

نعود للأحكام والتي كان سياسية كما أسلفنا , لأن المستشار طيب خاطر الثوار في المقدمة , وفي النهاية طيب خاطر الفلول .

هذا الحكم يُمَنِّي الفلول في حالة فوز أحمد شفيق بإعادة النظر فيه وسيعود مبارك إلى قصر العروبة مستشارا هذا إذا في العمر بقية.

أما العدلي سيقضي بقية عمره في بيته الوثير وينعم في الأموال التي جناها والتي لم تُجَرَّم , ويستطيع أن يسافر للخارج إن شاء بدواعي العلاج, لتصبح حملة شفيق مدعومة من الذين يروقهم هذا الإجراء.

في الجانب الآخر , مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي مرشح الثورة الوحيد في جولة الإعادة والذي كاد أن يهوي حنقا وحسدا من رفاق الثورة الذين ما صدقوا أن يحصدوا كل هذه الأصوات ففتحت شهيتهم للسلطة, فبدلا أن يجتمعون ليشكلوا جبهة عريضة ضد الفلول حفاظا على الثورة ويكونون جزءا من المشهد السياسي في المستقبل خاصة بعد أن عرض عليهم الدكتور مرسي بأن يشكل مجلس رئاسي وحكومة ائتلافية لن يستثني منها الأقباط ولا المرأة من المناصب العليا فكيف بهم – إلا أنهم جاءوا يفاوضون للتنازل لهم !!.

وحقدا وبغضا من الفلول الخصوم التقليديين الذين بدءوا بشن حملة شرسة من التشويه عبر الفضائيات والصحف ووسائل الاتصالات والدعايات المغرضة متكئين على مفردات النظام السابق ومستغلين لما أفرزه المشهد السياسي باسم الاستحواذ والسيطرة, حتى بدءوا يؤثرون على الذين اصطفوا لجانب مرسي في الجولة الأولى .

وجاء الحكم ليعيد للثورة ألقها وزخمها, عادوا للتحرير , عندما شعروا أن إعادة إنتاج النظام صار قاب قوسين أو أدنى , وكالعادة الإخوان في المقدمة ومن بعدهم الإخوة السلفيون ومعهم جميع القوى الثورية ينادون بصوت واحد لا للعودة إلى الخلف, نعم للدكتور محمد مرسي مرشح الثورة , خاصة وأن الدكتور مرسي وعد بإعادة المحاكمة وتقديم أدلة جديدة وقوية لإدانتهم , مما زاد من حماس الجماهير.

لذا فإن هذه المحاكمة أصبحت محور ارتكاز العملية السياسية برمتها .