الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٨ مساءً

الفساد عندهم وعندنا

عبدالله محوري
الجمعة ، ٠٨ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
الفساد كما هو معروف يعني اساءة استخدام الثقه في الاداره والعداله والاقتصاد والسياسه وفي الجمعيات والمنظمات والشركات والبنوك المختلفه للحصول على امتيازات ماديه ومعنويه بغير وجه حق ومخالفه للقانون.

وهو عمل تقوم به افراد وجماعات تنتهك به المصالح العامه للناس بدون ضمير او دين او اخلاق تحكمها ، مسيّرين بعماء الانانيه وحب الذات ومبداء انا ومن بعدي الطوفان.

الفساد قديم وله تاريخ وعادات وتقاليد وفضايح ومشاهير ومن اكثر مشاهيره في القرن الثامن عشر كان الوزير الاول لبلاط الملك البرويسي فردريك فلهم الذي كان يستلم رشاوي بشكل دائم من الفرنسيين مقابل اطلاعهم على كل ما يدور في بلاط الجندي الملك كما كانوا يسموه.

والملك فردريك كان ايضا له قصه مماثله برشوة وزير في بلاط قيصرة النمساء ماريا تيريزا.

ومع تطور المجتمعات الاوروبيه تطورت ايضا طرق ووسايل الفساد والرشوه ووصلت للشركات والبنوك لشراء ذمم مجالس الادارات اثناء الصراعات بينها من اجل الاستحواذ على الزبائن ومنها على سبيل المثال شركة الاتصال الالمانيه التي كان يرأس مجلس ادارتها يوسف اكرمان مدير البنك الالماني لاحقا والتي باعها لشركة اتصالات انجليزيه وحصل بالمقابل على تعويض 15 مليون يورو من الشركه وقدموه بعدها للمحاكمه ولكنه طلع براءه.

وفي الحقيقه كان هذا المبلغ رشوه عيني عينك.

والشركه الالمانيه المشهوره سيمنز كانت الى عام 2007 تشتري ذمم السياسين والاقتصادين في جميع انحا العالم لبيع بضاعتها وبعلم الدوله الالمانيه بطريقة عملها الى ان تم ايقاف دفع الرشاوي بعد مسلسل من الفضائح وتغريمها وتجريم الرشوه وطرد مديرها.

هذه نبذه صغيره للمقارنه فقط عن الفساد والرشوه عندهم . والاوروبيين رواد الفساد ولكن بطرق واشكال تختلف كما ونوعا عن طرق الفساد الموجود عندنا .

فمثلا الابتزاز والتهريب للخمور والسجاير والمخدرات التي لايعلم الناس اين وتحت اي ظروف صحيه صنعت وتبييض الاموال وادخال مواد غذائيه وادويه تالفه ومبيدات حشريه مضره بصحة الانسان والحيوان والبئه تدار في المجتمعات الاوروبيه وغيرها من قبل عصابات خارجه عن القانون وتظل ملاحقه من رجال القضاء والامن وتمارس عملها خارج اطار الدوله .

اما عندنا فالقائمين على القانون والحارسين له يمارسون جميع انواع الفساد في ظل وحماية الدوله وينطبق عليهم المثل القائل حاميها حراميها .

وعندنا اصبحت للفساد كوادر تم تأهيلها وايصالها الى جميع مفاصل صناعة القرار فلا وزاره ولا اداره تخلو اليوم من خريجين تم ابتعاثهم على حساب الدوله وهم غير مؤهلين للمنح الدراسيه واغلبهم مشكوك في شهاداتهم ومن لديه شهاده من هذا الصنف فهو لايصلح لممارسة المهنه فما بالكم بتحمل اي مسؤليه بامانه.

كل من بعث اوتخرج بفساد ورشوه ومحسوبيه لن يكون في اي يوم من الايام صالح للقياده وسوف يختار كل من هو على شاكلته وبناء جدار بشري بينه وبين الناس حتى يخفي عيوبه.

ان الفساد صار جزء لايتجزاء من عادات وتقاليد جديده تضاف الى ماعندنا وسوف يرافقنا لفتره قد تمتد لاجيال قادمه وسوف يكون اكبر عائق لطموحاتنا و حجر عثره امام مشروع الدوله المدنيه المنشودة.