السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٣ صباحاً

اللجان الشعبية وفوبيا الميلشيا الشعبية في ذهن سلطة صنعاء

محمد الحميدي
الأحد ، ١٠ يونيو ٢٠١٢ الساعة ١١:١٠ مساءً
لعبت وحدات المليشيا الشعبية وقوى الدفاع الشعبي التي تشكلت بعد قيام الدولة الجنوبية في 30/نوفمبر/1967م ً دوراُ رئيسياًً في تثبيت الاستقلال والحفاظ على امن واستقرار الجمهورية الوليدة وتمكينها من استكمال مرحلة التحرر وبناء مؤسسات سلطات ألدوله خلال الفترة (1970-1979م)
ويتلخص هذا الدور في مكافحتها لإعمال التخريب وتصديها لهجمات قوى الثورة المضادة والهجمات المتكررة للجيش اليمني على المناطق الحدودية قبل وبعد تشكيل الجيش الجنوبي 0

كان جيش الدفاع الشعبي حينذاك يتكون من وحدات المليشيا الشعبية والقوات الشعبية ولجان الدفاع الشعبي والفصائل المسلحة لثوار وفدائيين الجبهة القومية واستمدت فكرة إنشائه وتكوينه من تجارب حركات التحرر الوطني في بلدان اسياء وافريقياء وامريكاء ألاتينيه وبالأخص( كوبا )0
ذاع صيت هذه الوحدات بعد تمكنها من صد اكبر هجوم لتحالف الجيش اليمني وقبائل الشمال وقوى الثورة المضادة للحكومة الجنوبية والمكونة من(جيش تحرير المهرة وحضرموت – جيش الإنقاذ الوطني – جبهة تحرير الجنوب ) والمنطوية تحت اسم الجبهة الوطنية المتحدة وذالك على مناطق الضالع وبيحان في 26 سبتمبر1972م بدعم وتأييد مصري ليبي وتسليح أمريكي وتمويل سعودي 0

الحق جيش الدفاع الشعبي بالقوى المعتدية خلال تلك الحرب هزائم وخسائر كبيره ولاحقها في عمق مناطق الأراضي اليمنية ولم يوقف عملياته القتالية إلا بعد تدخل جامعه الدول العربية بناء على طلب الحكومة اليمنية في 13/أكتوبر/ 1972م0
سلطات نظام الحكم في صنعاء بررت هزيمتها تلك مدعيةً إن المليشيا الشعبية والوحدات المنطوية تحت لواء جيش الدفاع الشعبي التي واجهتها في جبهات القتال ما هي إلا عبارة عن تدخل خارجي لوحدات كوبيه وفصائل قوى الثورة الامميه التي كان يقودها الثائر العالمي تشيه جيفارا لإنقاذ ما أسموه بالنظام الشوعي في الجنوب0

كان هدف صنعاء من هذا العدوان ليس إسقاط تجربة النظام التقدمي في عدن فحسب بل لفرض الوحدة على الجنوب بالقوة كما فعلت في 7/7/1994م وفقاً لقرارات مؤتمر القبائل والسلطة ألمنعقد في نهاية يوليو1972م بمدينة تعز ومؤتمر حزيز والروضة المنعقدان بصنعاء خلال شهري يناير وفبراير من نفس العام وكذالك مؤتمر قوى الثورة المضادة للجنوب الذي انعقد في بيروت تحت شعار(سرعة الوحدة بين صنعاء وعدن بالوسائل السلمية أو الحربية) وأقر فيه ميثاق الوحدة وممثلين الجنوب في حكومة دولة الوحدة أمثال باسندوه والاصنج وهو ما يتجسد اليوم في شخص هادي وباسندوه وغيرهم من الجنوبيين في الحكومه0

إن الهزائم المتلاحقة للجيش اليمني على يد وحدات جيش الدفاع الشعبي والقوات المسلحة الجنوبية خلال تلك المرحلة ومراحل الصراع المسلح التي تلتها (73-1979م ) جعلت نظام صنعاء وتحالف القوى القبلية العسكرية الجهويه في الشمال تكن الحقد والضغينة" للجيش الجنوبي ودولته وتتوعدهما بالثأر والانتقام بسبب ثقافتها وخلفيتها الاجتماعية القبلية وفي سبيل ذالك رفعت شعارها التاريخي (محو العار قبل الدار)0

ً القوه القتالية والقدرة الدفاعية التي كانت تتمتع بها القوات المسلحة الجنوبية بين جيوش المنطقة أحبطت كل المحاولات الثأرية لتلك القوى كمحاولة تدخلها في إحداث 13 يناير 1986م واستغلال الوحدات المنشقة مع الرئيس السابق /علي ناصر للتدخل في شؤون الجنوب 87-1989م وكذا محاولة الهجوم على حقول وادي جنه النفطية بشبوه عام 1988م 0

إن لقاء عدن بين العليين في 30نوفمبر1989م الذي اقر مشروع دستور دولة الوحدة كان بمثابة ألفرصه الذهبية التي تنتظرها صنعاء للثأر من الجنوب فبينما كانت عدن تصيغ وثائق مشروع دوله الوحدة كانت صنعاء تعد الخطط العسكرية وتستقدم الجماعات الارهابيه من أفغان اليمن وتحرض القبائل لضرب القيادات السياسية والعسكرية الجنوبية أولا وقواتها المسلحة ثانياَ والشعب الجنوبي ثالثاً ودفعت علمائها لإصدار فتاويهم التكفيرية لتشريع إعمالها الانتفاميه 0

حيث ركزت صنعاء جل اهتمامها في كل لقاءات لجان الوحدة ليس على مشروع اتفاقية الوحدة أو دستورها أو نظام ألحكم بل على عملية تفكيك وحدات القوات المسلحة الجنوبية وتشتيت قوتها ونقل أقوى وحداتها إلى المحافظات الشمالية ليسهل عليها الانفراد بها ونحرها0
بعد إعلان الوحدة دشنت صنعاء خطتها الثأرية حيث اغتالت جماعاتها الارهابيه خلال الفترة (90- 1993م) قرابة (154) كادر من كبار القيادات السياسية والعسكرية الجنوبية وفي 27/4/1994م هاجمت اللواء الثالث مدرع في عمران بقوام ثلاث فرق عسكرية فدمرته عن بكرة أبيه بما فيه0
وفي 4مايو/1994م هاجمت بنفس الأسلوب والطريقة كل الوحدات الجنوبية التي تم نقلها من عدن إلى المحافظات الشمالية كلواء باصهيب في ذمار واللواء 14 في أرحب والخامس في خولان والمدفعية في يريم ثم واصلت حربها الانتقامية الشاملة على الجنوب ارضً وإنسان استمرت قرابة (65يوم) دمرت خلالها كل البني التحتية للدولة الجنوبية والمدن والقرى التي وقعت في نطاق عملياتها العسكرية وقتلت وأسرت وشردت مئات الإلف من أبناء الجنوب ونهبت ملايين الهكتارات من الأراضي والآلات والمعدات والممتلكات التي لا حصر لها وارتكبت بحق أبناء الجنوب أبشع جرائم التاريخ العسكري الحديث والقديم في الحروب النازية والصليبية والفاشية أو ما ارتكبه قبلهم الملك السبئي شمر يهرعش والحميري كرب أيل وتر في حروبهم التوسعية ولا ألائمه القاسمين في حروبهم الدينية ضد دول الجنوب0
لذالك كان من الطبيعي إن تعلن تلك القوى يوم 7/7/ 1994م يوما ً للوحدة المعمدة بالدماء وتلغي وحدة 22 مايو1990م الطوعية وتجعل هذا اليوم عيداً للنصر الذي اخذوا فيه ثأرهم من الجنوبيين فمحوا عارهم وأعادوا اعتبارهم 0

إما وحدات جيش الدفاع الشعبي (المليشيا الشعبية والقوات الشعبية) فقد تم الاتفاق على تفكيكها ودمجها مع الوحدات الأمنية التي امتنعت عن استيعابها وترتيب أوضاع منتسبيها رغم استكمال اجر ائتهم القانونية والمالية وفقاً للقرار رقم( ) بتاريخ/ /1990م الذي ضم قرابة (3000) جندي وصف ضابط والقرار رقم (150) بتاريخ / / 1990م والذي ضم ( ) ضابط وبعد حرب1994م تم إحلال المتطوعين من القبائل والجهاديين في الحرب بدلاً عنهم 0
ورغم هذا العمل إلا أخلاقي لهذه الطغمه الجهويه العسكرية الذي مورس بحق الجنوبين والجنوب إلا إن النظام السابق والسلطة الحالية لازالت مصابه بفوبيا الرهاب الذهاني من وحدات جيش الدفاع الشعبي الجنوبي والجيش الجنوبي بسبب ثقافتها الثأرية والثأر المضاد ويتجسد ذالك في نزعتها العدوانية ضد إي تكتل أو تنظيم ينشاء في الجنوب ويحمل في تركيبته أو مكونه ثقافة أو فكره أو تسميته ذات مدلولاً شعبيا" اوعسكرياً وفقاً لما يلي:-
1- اللجان الشعبية تأسست في محافظة الضالع عام 1998م وامتدت إلى أبين وحضرموت كحركة شعبيه جماهيريه للتعبير عن رفض نتائج حرب 1994م ووحدة القوه وسياسة الفيد والنهب وحملات القمع والاعتقالات والإقصاء الذي مارسه نظام 7/يوليو ضد أبناء الجنوب فأتهمة بالإرهاب وقمعت بشده وزج المئات من نشطائها في السجون دون محاكمات ووصفها رئيس مجلس النواب الأسبق المرحوم / عبدا لله الأحمر بأنها جزء لا يتجزأ من وحدات المليشيا الشعبية التي كانت قائمه قبل الوحدة في الجنوب وفقاًََ للتجربة الكوبية وتسعى لإعادة أنتاج نفسها0
2- المجالس الاهليه(الشعبية) تأسست في منتصف عام 2011م في اغلب المحافظات الجنوبية بداءً من حضرموت كمنظمات أهليه مدنيه بهدف الحفاظ على السكينة واستقرار الخدمات والتكافل المجتمعي نظرا لغياب مؤسسات ألدوله بسبب استمرار الصراع بين النظام والمعارضة على الحكم إلا إنهما اتفقا على اعتبارها كيانات سياسيه تمهد لإعلان استقلال الجنوب ثم احتواها حزب الإصلاح بعد وصوله للسلطة وانشىء بدلاً عنها ما يعرف بمجالس قوى الثورة في المشكلة من انصاره0
3- اللجان الشعبية(الأولى) تشكلت في مديريات (زنجبار-جعار) في يونيو2011م بناء على طلب نظام صالح لدعم الجيش في قتال أنصار الشريعة وحققت نجاحات ملموسة في مناطق سيطرتها فتم استهدافها بالطائرات وقتل الكثير من أنصارها وسرعان ماتم احتوائها بعد إن أثارة مخاوف السلطة في ولائها0
4- اللجان الشعبية (الثانية) تشكلت في لودر في ابريل 2012م بناء على طلب حكومة الوفاق للدفاع عن مدينة لودر ومساعدة الجيش في استعادة مدينة جعار وقد نجحت نجاحاً باهراً في التصدي لمقاتلين أنصار الشريعة وإبعادهم عن المدينة وتأمينها وتحرير مناطق أخرى كانت تحت سيطرتها بينما راوحت وحدات الجيش على مشارف جعار والحر ور وألحق بها خسائر كبيره 0
لكن ازدياد قوة ونفوذ هذه اللجان وتحولها السريع إلى وحدات قتاليه منظمه تضم في صفوفها نسبه كبيره من أنصار الحراك الجنوبي بالاضافه إلى امتلاكها الكثير من الاسلحه الثقيلة التي غنمتها في المعارك اقلق السلطة وأعاد إلى ذهنها ذكريات جبروت الجيش الجنوبي ومليشياته الشعبية فأثار قلقها ومخاوفها من تحول تلك اللجان إلى جيش لتحرير الجنوب ويكرروا بذالك تجربة المجاهدين العرب الذين عادوا بعد أنتها الحرب في أفغانستان إلى قتال أنظمتهم التي أرسلتهم وامريكاء التي دربتهم وحكومة رباني التي حضنتهم بعد انسحاب الروس في نوفمبر 1989م

لذالك أقرة السلطة اليمنية أعادة النظر في مسألة استمرار مشاركة اللجان الشعبية في الحرب وأوفدت وزير دفاعها إلى أبين لإخلائهم من المناطق التي يسيطرون عليها وإحلال بدلاً عنهم وحدات عسكريه مع سحب أسلحتهم الثقيلة والاستغناء عنهم أو دمجهم مع وحدات أخرى0
فمتى يدرك أبناء أبين خاصةً والجنوب عامةًً حجم مؤامرات هذا النظام المستمرة على شعبهم وأرضهم؟