الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٣ مساءً

القاضي عبدالوهاب قطران يشتي يقطرن عقولنا

رضوان محمد السماوي
الخميس ، ١٤ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ صباحاً
تناول القاضي قطران في مقالة له نشرته صحيفة الشارع في عدد رقم 243 يوم الأحد 10 يونيو 2012 م ما وصفه تجاوزات الإصلاح في القضاء وقد كتبت رداً على ذلك المقال لخصته في الآتي :

توجيه التهمة نحو الإصلاح تحديداً في أنه حزب أصولي ديني ، ولا ندري ماذا يقصد الكاتب في وصفه ذاك ، مع أن الإصلاح ليس لاعباً وحيداً في العملية السياسية ، فقد شارك في الحكومة تحت يافطة أحزاب اللقاء المشترك ، كما أن الأحزاب كلها في اليمن ووفقاً للدستور وقانون الأحزاب النافذين تنطلق من قاعدة دينية إسلامية تجعل الدين الإسلامي هو المرجع والقاعدة العامة للتلقي ، حيث نصت المادة 8 من قانون الأحزاب أنه يُشترط لتأسيس أي حزب أو تنظيم ... وذكر إلى أن قال عدم تعارض مبادئ وأهداف وبرامج ووسائل الحزب مع الدين الإسلامي فضلاً عن هناك أحزاب أخرى في اللقاء المشترك تقوم على أساس ديني ، بل ومفهومها الخاص للإسلام وفقاً لقناعات مؤسسيها ، ومع ذلك فالكاتب خص الإصلاح بالنعت سالف الذكر بأسلوب انتقائي غير مبرر .

اتسم المقال في الكثير من فقراته بالتعميم وتوجيه التهم جزافاً بطريقة تتجافى مع الموضوعية والعدل والإنصاف ؛ خصوصاً أن كاتب المقال نعت نفسه أنه قاضٍ .

من ذلك العبارات التالية :
قوله الإصلاح من الأحزاب الدينية الأصولية التي لا تتقبل الآخر وتسعى إلى الاستحواذ والسيطرة على كل شئ ، وهذا الكلام فيه من المجافاة والتعميم الذي يرفضه كل عاقل ومنصف فكيف للإصلاح أن لا يتقبل الآخر وهو يتعامل ويتحالف مع الأحزاب الشيعية واليسارية .

كما تتضح العمومية والظلم للآخر من قوله وتسعى إلى الاستحواذ على كل شئ وكل من ألفاظ العموم جاء في سياق النكرة وهذا من أشمل صيغ العموم ، ونحن نريد أن يقول لنا الكاتب هل هذا الكلام يتوافق مع العقل والمنطق والواقع ، ولو أنه قال أنهم يسعون إلى المسك بالكثير من خيوط اللعبة السياسية بدعوى أنهم يشكلون أكثرية لكان قريباً إلى الإنصاف والموضوعية .

قوله ( فكيف بقضائنا المضطهد والمصادر والذي لا يملك أدنى مقومات الاستقلال . ) وتأملوا قوله لا يملك أدنى مقومات الاستقلال أليس هذا من التعميم المجافي لشئ بسيط من الواقع وإجحاف في كل القضاة ومنهم الكاتب نفسه ولو كان صادقاً مع نفسه لقدم استقالته من هذا السلك ولما شرفه ذلك .

قوله ( وكان الهدف في تعيينه هو الاستيلاء على مرفق القضاء وإقصاء جميع القضاة الذين ليسوا من الجماعة .) وتأملوا تعصبه وغلوه في قوله إقصاء جميع القضاة الذين ليسوا من الجماعة ، في تقديري أن من له أدنى إلمام بالعمل السياسي يمكن أن يمارس مثل هذا التوجه فضلاً عن حزب عريق كالإصلاح وجماعة مناضلة كالإخوان .

قوله ( عين جميع مدراء العموم في الوزارة من المنتمين لحزب الإصلاح . ) وركزوا على قوله من المنتمين لحزب الإصلاح يعني أنهم من المسجلين رسمياً في الحزب ولهم بطائق انتماء للحزب على الأقل ، ولا ندري كيف وصل الكاتب إلى هذه القناعة وهل أطلع على بطائق مدراء العموم المعينين حسب قوله . وتأملوا قوله جميع مدراء العموم يعني لم يُبق على أي من مدراء العموم من المعينين سابقاً مع أننا وحسب علمنا أن مدير عام الشئون المالية مثلاً تمت إقالته وتغييره عقب احتجاجات متعاقبة من الموظفين في ديوان عام الوزارة ، كما أن هناك الكثير من مدراء العموم لازالوا في مواقعهم .

تأملوا كلامه المتعصب عن السيد القاضي العلامة محمد الصادق مغلس ، ( بأنه لا يفقه في القضاء شئ ، مع أنه من خريجي الدفعة الأولى للمعهد العالي للقضاء والأول على دفعته . وكذا قوله عن القاضي رزاز بأنه لا يستطيع صياغة أي حكم قضائي ، وهذا من التعميم والظلم فالقاضي رزاز من القضاة المعروفين وقد مارس عمله في هيئة التفتيش القضائي وتم إقصائه على يد النظام السابق .

قوله أن القاضي عصام السماوي مستعد أن يمرر لمرشد العرشاني أي شئ ، وركزوا على قوله أي شئ . تعميم في غير محله مجاف للعدل الذي ينبغي أن يتحلى به القاضي قطران .

يكتب القاضي بذهنية تسيطر عليها نظرية المؤامرة والحيلة والتكتيك والمناورة ، وهذا يُنبئ عن النفسية التي يحملها الكاتب ، والتي تسيطر على ما يبدوا ــ وأرجوا أن يكون ظني خائباً ــ على جانب كبير من تفكيره وأفعاله ربما الشخصية والرسمية المعاملاتية ،ومن ذلك كلامه عن طريقة تولية القاضي مرشد العرشاني للوزارة ، وأنه مفروض من اللواء الثائر حد قوله ، وهذا مخالف للواقع وطعن في اللجنة التي تشكلت برئاسة الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان لتحديد أسماء الوزراء عن المشترك لحكومة الوفاق الوطني . قوله أن القاضي السماوي مستعد أن يمرر لمرشد العرشاني أي شئ مقابل أن يغض الطرف ولا يتابع تعديل المادة 104 من قانون السلطة القضائية ... الخ ، مع أن التعديل أقرته الحكومة ورفعته إلى البرلمان لمناقشته وإقراره . قوله عن القاضي عصام السماوي ( بل ذهب في التودد للقاضي مرشد إلى حد أن قام بتحويل مبلغ مالي كبير لابن أخ الوزير مرشد من ميزانية مجلس القضاء وصرفت فوراً ) .

قوله عن الحركة القضائية أنها ستأتي لتقصي من لم يكن محسوباً على الجماعة ، والمحاكم التي يعلم الإصلاح أنه سيفوز في دوائر اختصاصها لن يركز عليها ، والدوائر التي يخشى الإصلاح أن يفشل فيها في الانتخابات سيعين لها قضاة مضمونين ، وبذلك يضمن الأحكام لصالحه في الطعون الانتخابية ، وهذا كله من الهرطقة والرجم بالغيب ، فالإصلاح سيشارك على الأقل حتى اللحظة بقائمة مشتركة مع بقية الأحزاب في تحالف المشترك وبالتالي ليس هو اللاعب الوحيد في تحديد الدوائر التي سيضمنها والتي سيغلب على ظنه أنه سيخسر فيها .

قوله ( والقاضي السماوي يعاني من إرهاب الإصلاح وخائف منهم ، وهو الآن يداريهم وسيمشي لهم ما يطلبونه أهم شئ أن يسكتوا عنه ).

الجهل بالقانون فضلاً عن الأحكام الشرعية : ورد في المقال العديد من الوقائع التي تدلل أن الكاتب يجزم بأشياء أنها من القانون وليست كذلك ، وعلى سبيل المثال قوله أن وزير العدل بيده جميع الصلاحيات التي تتعلق بتعيين القضاة ونقلهم وندبهم وإعارتهم وترقياتهم ، وهذا لا دليل عليه من القانون فكل الصلاحيات التي تكلم عليها هي من اختصاص مجلس القضاء الأعلى فقد نصت المادة 65 من قانون السلطة القضائية ما لفظه ( لا يجوز نقل القضاة أو ندبهم إلا في الأحوال المبينة في هذا القانون .

ب تصدر حركة تنقلات قضاة المحاكم الإستئنافية بقرار جمهوري بناء على عرض وزير العدل بعد التشاور مع رئيس المحكمة العليا وبعد موافقة مجلس القضاء الأعلى .

مادة 66 يجوز بقرار جمهوري بناء على عرض وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى ندب القضاة لشغل وظائف غير قضائية بموافقتهم ويحتفظ لهم بكافة الامتيازات .

مادة 111 يختص مجلس القضاء الأعلى وحده بتأديب القضاة وأعضاء النيابة العامة عند إخلالهم بواجبات وظيفتهم ... الخ .

قوله أن وزير العدل شكل لجنة من التفتيش القضائي وسرد إلى أن قال ، وبذلك يضمن الأحكام لصالحه في الطعون الانتخابية ، وهذا من الجهل المطبق بالقانون فالمحاكم الابتدائية حتى الإستئنافية ليست مختصة نوعياً في الفصل بالطعون الانتخابية وقد حدد القانون في المادة 19 من قانون السلطة القضائية الاختصاص للدائرة الدستورية في ذلك .

يتكلم الكاتب في بعض فقرات مقاله بلغة استعلائية تنم عن طيش ، فهو يحدد ما الذي يجب وما الذي لا يجب والذي يُرفض والذي يُمرر ، كما أنه يتكلم عن نفسه وكأنه الثورة وصانعها من ذلك قوله ( والتي يجب على رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ، الاضطلاع بمسئوليته لإيقافها ورفضها وعدم تمريرها ) وكان الأولى به أن يقول ونطلب أو وندعو رئيس الجمهورية إلى كذا ...

قوله لقد ثرنا على صالح وهو في أوج قوته ، ولقد أتيت إلى القضاء باسم الثورة وعبرت إلى الوزارة عـلى أكتــافنا ... الخ ، قوله لن نقبل منك أي تعيين أو حركة تهدف إلى إقصائنا وتهميشنا ، فأنت خصم وممثل لتيار حزبي ...الخ . وكلامه هذا يذكرني بكلام بعض الكتاب والمحللين المتحاملين والغير منصفين والإقصائيين والذين يتحدثون عن الثورة المصرية وأن الإخوان سرقوها ، وأن مرسي هو مرشح الإخوان وصباحي هو مرشح الثورة والآن مرشح الثورة يدعم مرشح الفلول ، وكلام شفيق أن الإخوان سرقوا الثورة وأنهم قتلوا المتظاهرين في ميدان التحرير فيما عُرف بموقعة الجمل .

كل هذا يؤكد أن المقال جاء ظالماً من قاضٍ كان الأولى به العدل والتحري وعدم التعميم بالباطل والالتزام بالحياد والموضوعية والتثبت وعدم التخمين والمجازفة وإلقاء الكلام على عواهنه ، نتمنى من القاضي تدارك مثل هذه الهفوات في المقالات القادمة وتحياتي