الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٩ صباحاً

إنتصار للثوره .. أم محاولة للإلتفاف عليها

بشير المصباحي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
في يوم أمس لاحظنا الكثير من النداءات المتسارعه للقيام بإلإحتفالات في ساحات الجمهوريه ، ولم نجد لتلك الدعوات والأفعال ما يبررها على أرض الواقع إلا إذا كان القصد من تحقيق الهدف الأول للثوره يتمثل بعودة الكهرباء لأمانة العاصمه من دون إنقطاع فإن ذلك يعد الحدث الوحيد الذي يستحق الإحتفال حتى هذه اللحظة من وجهة نظري وإن كانت هناك بعض الإنقطاعات للكهرباء التي عاودت من جديد لمدد قصيره ربما لتشويه صورة الإحتفال بهذا الحدث إذا صح التعبير.
وفي الحقيقة فإن إنتظار الثوار لما يقوم به السياسيين التقليديين من خلال الإتفاقات التي يتم التوقيع عليها في الكواليس سيجعل ثورتنا تفقد مضمونها الحقيقي ولن تستطيع إحداث أي تغيير جوهري وسوف يكون الإنتقال إلى دولة حديثه وحكم مدني أشبه بالضرب في المستحيل وقصور الخيال أوكمثل من يطلب شيئا من شخص لا يملك هذا الشئ أساسا ، كما أن التعويل على الأحداث السياسيه الأخيره كثيرا من دون التحرك بشكل إيجابي للإستفادة منهال قد يمثل إنتكاسة حقيقيه للثوار فالواجب علينا إستغلال الأحداث بما يؤدي لنجاح الثوره وتحقيق أهدافها وترك لغة العواطف جانبا وعدم الإنجرار لما يخطط له الأخرون فالأفعال التي لم يقوم بها الثوار أساسا يجب أن ندعها تنسب لأصحابها الأصليون على أن نستفيد من نتائجها في إنجاح ثورتنا.
وبالعودة إلى ثورتي الشعبين الشقيقين المصري والتونسي ووفقا للمفهوم الثوري الحديث فإن الثوره تعني التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته كالقوات المسلحه أو من خلال شخصيات تأريخيه لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الإعتياديه ، ووفقا للمفهوم الشعبي فهي الإنتفاض ضد الحكم الظالم وعليه فإن سلمية الثوره تحتم على اليمنيين في المرحلة الراهنه تصعيد العمل الثوري والتحرك بشكل جماعي نحو الساحات العامه والقصور السياديه حيث أن الفرصة أصبحت مواتية لفرض نجاحات الثوره على أرض الواقع أكثر من أي وقت مضى وهذا الأمر أهم بكثير من الإحتفالات الوقتيه المتلاشيه.
أما إذا أستمرت أعمالنا الثورية مقتصرة على إنتظار ما سينتج عن تصرفات السياسيين أو الأقدار والصدف فلا أعتقد أن الشباب في هذه الحاله سيمثلون رقما في المعادلة القادمه التي قد تصاحب أي تغيير منتظر وسيكونون غير قادرين على فرض أنفسهم ومطالبهم الثوريه وحينها سيكون ليس أمامهم من خيار سوى الإحتكام لسياسة الأمر الواقع.
وعود على بدء فإن الإحتفالات التي دعى إليها بعض الأخوه إذا كان المقصود منها الإحتفال بإصابة الرئيس أو موته ففي الحقيقة أنه سيكون من غير اللائق القيام بذلك حيث أن هناك ماهو أهم من ذلك بكثير ، وفي لغة الواقع الذي نعايشه فإنه لم يتغير أي شئ على مسرح الحياة السياسيه في البلد حتى هذه اللحظه فنائب الرئيس يؤدي مهامه بشكل إعتيادي كنائب للرئيس وليس كرئيس مؤقت للبلد ، وأجهزة السلطة وإعلامها الرسمي يتحدثون عن عودة قريبة للرئيس بعد تماثله للشفاء خلال الأيام القليلة القادمه لممارسة مهامه كرئيس للجمهوريه ، والثوار في تعز وفي محافظات أخرى يتم إستهدافهم بالدبابات والمدافع والرصاص الحي.
فلا نحن وصلنا للحالة التونسيه برئيس مؤقت ولا نحن أنتقلنا لمجلس حكم إنتقالي سواء كان مدنيا أو عسكريا على غرار ماتم في مصر ، ولا هي تنفذت المبادرة الخليجية كمنظومة سياسيه متكاملة ، بما يعني أن مستقبل اليمن ما زال في المنطقة الرمادية ولم يبارحها حتى هذه اللحظه ، فالرئيس ما زال هو الحاكم الفعلي ونظامه ما زال قائما بكل قواته بالرغم من غياب رموزه الرئيسيين ، أما الأحداث الأخيره فليس للثوار فيها ناقة ولا جمل .
وخلاصة للقول ومن هذا المنطلق وبعيدا عن أجواء الإحتفالات الفارغة تماما من المضمون فإنه ليس أمامنا خيارات كثيره فإما أن نكون فاعلين وصانعين للأحداث وترجمة حقيقة الثوره وأهدافها على أرض الواقع وفرضها على السياسيين بمختلف إتجاهاتهم ومواقفهم ، وإما أن نكون جزء من خطط الأخرين مفعول بإرادتنا الوطنيه ومصادر لحقوقنا وأهداف الثورة التي نطالب بتحقيقها ستصبح بحاجة لأكثر من تفسير.
فإذا لم يكون هناك عملا ثوريا وتحركات سلمية تؤدي بالثورة إلى نجاحها واللحاق بالتجربة المصرية والتونسيه ، فبكل تأكيد سوف نكون جزءا لا يذكر مما ستفرزه كواليس السياسة والتقاسمات المحلية والإقليمية والدوليه.