الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣١ مساءً

اليمن السعيد

ناصر الظاهري
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
بالرغم أنه قطعة من فردوس مفقود، بالرغم من غناه التاريخي، وموضعه الجغرافي المتميز، وبالرغم من أن شعبه مناضل في وجه الحياة ومن أجل الحياة، إلا أن اليمن لم يكن سعيداً خلال تاريخه الحديث بعكس تاريخ أيامه الخوالي في ذلك الزمن البعيد، ولأن له خصوصية لا يشاركه فيها أي من الشعوب الأخرى، ظل يتعكز على تاريخه وأسطورة أهله الأولين، وهجراتهم الكثيرة، وما يمكن أن تمنحه الأرض الصلبة للرجال من صبر، ومايمكن أن يضيف الخضار، والتقاء السحب بسطوح المنازل، وتلك النسمة الآتية من سماء أب صافية كوجوه نسائها ورحابة نفوسهن من جلد يجعلهن في الشدات واللزائم أخوات رجال، وهو ما ظهر خلال تلك الثورة الشعبية التي أصبح عمرها ثلاثة أشهر، لم يكف الناس نساء ورجال وأطفال وشيوخ عن التضامن والتعاضد والوقوف جنباً إلى جنب من أجل إعلاء الصوت نحو حريتهم وكرامتهم، ومحاولة إضفاء بسمة من نهار حلو على أيام اليمن الذي يتمنى له الجميع أصدقاء وأشقاء السعادة التي غابت طويلاً عنه، وانهكت المواطن حتى دقّ عظمه الفقر والجهل، والبطالة غدت محرضاً على الجريمة والعنف والانتماء لمنظمات تجد الخلاص في عباءة الشر الموشاة بالدين.
اليوم يبدو اليمن سعيداً بخروج رئيسه صالح في طائرة طبية تتبعها طائرة تقل عائلته وبعضاً من حرسه، وطائرة لم يعلن عما كانت تحمل، هل هي حقائب كثيرة لعدم العودة، أم حقائب خفيفة تكفي مدة العلاج؟ صالح الذي حاور وناور وزاور من أجل البقاء في السلطة بعد تنازلات عن الوصاية الأبدية على الشعب، ثم عن التوريث، ثم عن عدم التجديد مجدداً لترشحه، ثم المناشدة للبقاء حتى نهاية ولايته، لكن الشعب أصر على البقاء في الشارع، ومن يفضل الشارع على البيت والعمل لا يمكن أن تحكمه من خلال القصر الرئاسي الذي تعرض لقصف وتفجيرات، بعضهم يرد الأمر لخيانة من الداخل، والبعض يرده إلى صوت القبائل وهو صوت له رنينه في اليمن كقبائل حاشد، والبعض الآخر رمى الكرة بإتجاه منظمة القاعدة في اليمن التي طالما استخدمها الرئيس صالح في وجه أميركا والغرب وجيرانه وأشقائه في الخليج كبعبع يحاول أن يسيطر عليه، لكن يحتاج إلى مال وفير، وسلاح مدعوم، وضمانات للبقاء في سدة الحكم.
اليمن بالتأكيد سعيد، لكن إلى متى؟ لأن الجنابي لم تخرج من إنصالها، ولا مخازن الأسلحة فتحت أبوابها القديمة، وهي كفيلة أن تشعل بقية خريطة لم يتفق بعد على حدودها، ولم يتفق بعد على تقاسم ثروتها، يبقى الرهان على المواطن اليمني الواعي سياسياً منذ زمن بعيد، والوطني بالفطرة، ولعل الظروف قد تكون مواتية من الجميع لنشدان غد جميل لليمن، ورفع شعار الشعب يريد يمناً سعيداً.