الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٥ مساءً

دولة مطنية .. حسين بابا والأربعين مثقف

اسكندر شاهر
الأحد ، ١٧ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
يصطفّ السياسي المخضرم والأكاديمي الأنيق والمثقف اللّماح والإعلامي الفحفوح خلف (قبيلي) لا علاقة له بالسياسة ولا بالأكاديمية ولا بالثقافة ولا بالإعلام ليقولوا لنا بأنهم وتحت لوائه سيحققون الدولة ( المطنية / المدنية ) الحديثة ..

عندما يتحول هؤلاء النخبة إلى كومبارس في فيلم ثقيل دم وممل بطله "حسين الأحمر" نستطيع الجزم بأن حاجتنا للثورة الثقافية أكثر من حاجتنا لأي شيء آخر ..

هذا هو الهم الذي لطالما كنت مسكوناً به حتى جاءت الثورة الشبابية الشعبية السلمية لتؤكد أولويته ، فالثورة كانت بحاجة لثقافة ثورية والبلد بكله بأمس الحاجة لثورة ثقافية ، وإلا لما وجدنا نخبنا ينظرون لمشائخ القبائل ، وقد كان البعض يحاول تبرير ذلك ويتفهمه وفقاً لمعادلات خاطئة سادت خلال العقود الماضية أما أن يصل الأمر للتنظير للدولة المدنية بزعامة قبيلي يتزعم مجلس قبلي مدعوم من "دولة رجعية" ، و يحضر إشهار تكتل يحمل اسم الدولة المدنية مدججاً بمختلف أنواع الأسلحة وكل المظاهر (المطنية) ، فهذا من عجائب " آخر يمن .."..

بحثتُ كثيراً عن السبب الذي يدفع بسياسيين ومثقفين وأكاديميين وإعلاميين للانجرار كقطيع من الغنم خلف شاب قبيلي لديه فائض مال وفائض (خٌبرة ) بضم الخاء لا بكسرها ، لإعلان تكتل مدني ونحن في خضم ثورة بحجم الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي ثارت على هذا الأحمر وأمثاله ، وقبلها حراك جنوبي سلمي ثار على هذا الأحمر وأمثاله ، وبينهما حروب صعدة التي كان هذا الأحمر وأمثاله أحد أمرائها حين شكّل حسين الأحمر تحديداً وليس شخصاً يشبهه (الجيش الشعبي) لمحاربة أبناء صعدة وحرف سفيان ، ولم أجد سبباً وجيهاً أو تفسيراً مقنعاً لما يقوم به هؤلاء النخب سوى أنهم يتقاضون أموالاً مقابل مايقومون به من منح شرعية لفاقدها ، وكلنا يعرف أن فاقد الشيء لا يعطيه وفاقد المدنية لا يعطي مدنية فكيف بأن يترأس تكتلاً ينادي بالمدنية .. ولأنه لا يمكن أن أقتنع وغيري بسبب آخر غير المال أتساءل كم هو حجم هذا المال الذي يُدفع لهؤلاء ليظهروا في هذا المظهر المقزز وترصدهم عدسات الكاميرا بل وينتمون لهذا التكتل كأعضاء وقبل ذلك يسهرون على إخراجه في هيئة مشروع نظري ليصل إلى الشيخ دون أن يبذل جهداً لقراءة المقدمة ..؟!!

في محاولة مني لتفهم المسألة بعيداً عن المال ، قمت باستعادة الماضي وإعمال نظرية التاريخ يكرر نفسه ، وعدت إلى الحقبة التي أرست النظام القبلي في الدولة حينما تشكلت بعد انقضاء الحرب بين الجمهوريين والملكيين بعد 26 سبتمبر بسنوات "طبقة انتهازية" من النخب اختارت أن تلعب "أدواراً تكميلية" في تحالف ضم رموز القبيلة والمؤسسة العسكرية وكبار موظفي الدول ورجال الدين وبعض المثقفين والساسة المعارضين ، لإزاحة قوى التحديث وإعادة انتاج نظام محكوم بالقوى التقليدية وخاصة "المشائخ" ، ولكنني برغم وجود نوع مقاربة لم أفلح في تفسير تكرار ظاهرة كتلك بعد أكثر من أربعة عقود ومع حدوث تطورات نوعية ليس في اليمن فحسب بثوراته متعددة الأبعاد بل في العالم كله لم يعد معها من إمكانية لاستنساخ تجربة مضى عليها قرابة النصف قرن من الزمان وأثبتت فشلها ، بل كانت سبب أزمتنا المقيمة ومدعاة ثورتنا العظيمة .

عبارات السخرية على إشهار التكتل المدني بقيادة القبيلي الأحمر ملأت الدنيا وشغلت الناس ولكنها على ما يبدو لاتستطيع أن تبلغ مسامع القبيلي حسين بابا والأربعين مثقف ..

لقد حقّ القول بأن الكفر بهؤلاء النخب ينبغي أن يسبق الثورة على الجنود الحمر والدولة الأحمرية السنحانية الحاشدية .. ولذلك كنا وقبل أن تقع الفأس بالرأس نحذر من انضمام هؤلاء جميعاً إلى ثورة قامت ضدهم جميعاً سواءًا كان شيخاً أحمرياً أم عسكرياً أحمرياً أم مثقفاً تعرض للأشعة الحمراء ، وأصبح ( أحمر عين ) على طريقتهم ..

هناك دلالة أخرى أهم وأعمق تكشف عن نفسها بشكل صارخ وراء اصطفاف هذه النخب خلف "قبيلي" حتى في قضية السعي للإعلان عن مشروع مدني غير المال الذي سبقت الإشارة إليه ، وهو تعبير عن نفس الأزمة التي تحدثت عنها في مقال الأسبوع الفائت ( أزمة القائد ) .. ففي المقال أشرت إلى أن المكونات الأساسية في اليمن تعاني أزمة قيادة باستثناء الحوثيين ( أنصار الله ) .. الأحزاب ( ترهل ) ، الحراك الجنوبي ( تعدد ) ، وشباب الثورة ( تبعية ) ، ولكن هل هذا يعني أن نتيح الفرصة للقبيلي أن يقود الدولة المدنية على طريقته ، وهل بات مستحيلاً تفكيك هذه العقدة ( عقدة القيادة ) .. وهل عقمت نساء اليمن أن تلدن قائداً أو قادة مدنيين يستطيعون قيادة البلد من غير الشخصيات المستهلكة ؟!! .. هذا ما سنستعرضه بالتفنيد في مقالات لاحقة ..

إيماءة
صحيفة تابعة لحميد الأحمر أو لأحمر آخر لا يهم وليس ثمة فرق بالنسبة لي ، ينشر بها (أحدهم) مقالات أسطورية ذات حس ليزري يفرق بين أحمر وأحمر بطريقة عمى الألوان ، فقد قام بتقديم (مقال / محاضرة) محشوة بأسماء وحكايات حول العالم موجهة للدكتور ياسين سعيد نعمان ، وفي المنتصف قام بنقد صادق الأحمر وعلي محسن الأحمر .. تحدث عن بيانات الأول وعن وقوف الأخير على الرابية بعد أن هوى النظام على القيعان (أي نظام هذا الذي هوى لست أدري؟! )، انتقدهم بعد أن كان "وقت اللزوم" يقدم "اللازم لهم" !! ، وهو يفرق بين الثورة وإسقاط النظام تماماً كتفريقه بين صادق الأحمر وأخيه حميد الذي يدفع المال ، ولكنه لا يستطيع التفريق بين بيانات صادق الأحمر والحوثي والقاعدة وعلي ناصر محمد والعطاس ، الأسماء اليمنية لا "تتحشبك" عنده فقط بل الدول أيضاً فالصين مثل لبنان ، وإيران البعيدة عنه كل البعد تقدم انموذجاً معقداً بديلاً للعدالة ، وينسى السعودية وهي جنب أذنه وما تقدمه من نماذج مبسطة للهيمنة والفساد والعبودية والثورات المضادة .. الكاتب كان يتحدث عن خلط الأمور .. أعتقد أنه سينجح في حياته فيما لو عمل "شاقي خلطة" عند "مقاول عرطة" ..!!

إيماءة أخرى
لا تصدقوا الشائعات التي تقول بأن زعماء وأنصار جبهة إنقاذ المبادرة السعودية يريدون كنس الثوار من ساحة التغيير وبقية الساحات الثورية .. هم فقط يتعهدون بتطبيق السنة النبوية التي تقول : "إفشوا السلام بينكم" ، وقد أوضحت اللجنة التنظيمية (الثورجية) أن إفراغ الساحات هو (إفشاء) للثورة إلى المدن اليمنية .... أقم الصلاة ..!!