الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٥ صباحاً

هشام هشم النظام

اسكندر شاهر
الاثنين ، ١٨ يونيو ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
رحل هشام بعد أن هشّم النظام .. أقولها وأنا مدرك تماماً أن النظام الذي عاقب صحيفة الأيام وحاربها وضاق منها لخشيته من صوتها الذي كان يقض مضاجعه لم يسقط بعد ، ولكنه بكل تأكيد يعاني من التهشم ، وكان هشام باشراحيل أحد الذين أسهموا في تهشيمه حينما حوّل صحيفة الأيام العدنية العريقة إلى ما هو أخطر من الجيوش التي تهز العروش ، وإلا لما لجأ النظام وقد أحسّ بالفجيعة الهشامية / التمامية إلى محاربة صحيفة الأيام بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة كما لو كانت معسكراً لا صحيفة تحتضن كتاباً وأقلاماً مدنيين فضلاً عن كونها في عدن رمز المدنية والسلام والتسامح .

شكّلت صحيفة الأيام العريقة تاريخاً معتبراً في الصحافة اليمنية والعربية وعلامة فارقة في المهنية والالتصاق بقضايا الشعب .. ولولا هشام وأسرته وفريق عمل صحيفة الأيام من الأساتذة النجباء المحترفين والمخلصين لما وصلت الأيام إلى العالمية دون مبالغة .

أتذكر أن الأيام كانت أيام اليمن وليس عدن أو الجنوب وكانت صفحاتها ترصد كل مشكلات الوطن من صعدة إلى المهرة وهي الصحيفة التي نالت الصدارة في الشأن الحقوقي والعناية بالحريات لاسيما حرية الصحافة ، وما يتعرض له الصحفيون والكتاب والباحثون في اليمن وخارجه من اعتداءات يقصد منها الانتقام منهم أو إسكاتهم .

عندما تعرضتُ لاعتداء في دمشق قبل سنوات على إثر مقالاتي وبعد إجرائي مقابلة نوعية هي الأولى مع السفير أحمد الحسني بعد إعلانه اللجوء السياسي وذلك في صحيفة الشورى اليمنية التي كنت أعمل لصالحها قبل أن يجري احتلالها واستنساخها بأسبوعين فقط ، أتذكر أن رئيس تحريرها ولأسباب (شخصية) امتنع عن نشر خبر الاعتداء عليّ ، فتصدت صحيفة الأيام للموقف دون علمي ونشرت تقريراً مطولاً ورئيسياً على صدر صفحتها الأولى ، ولم يكن ذلك غريباً لأنها أيام كل اليمنيين وحاملة همومهم ولا تهتم لبعض الترهات التي يهتم بها آخرون وهم يشغلونا بأنهم منارات الحقوق والحريات ومشاعل التنوير والتحرير ..

لقد سخّر الراحل الكبير هشام باشراحيل صحيفة الأيام أيضاً لقضية مركزية هي جنوبية الانتماء ولكنها وطنية بامتياز .. قضية الجنوب انتصرت لها الأيام وهشّم بها هشام ظهر النظام ، الأمر الذي جعل علي عبد الله صالح الأحمر يترك دار الرئاسة ويحمل معه حقائباً من المال المسروق إلى عدن ليقيم بها أربعين يوماً في محاولة منه لشراء ذمم الجنوبيين الذين يحملون في قلوبهم قضيتهم وفي أيديهم كما في قلوبهم صحيفة الأيام ..

لم يكن بوسع النظام أن يصبر على هشام وعلى صحيفة الأيام التي ما تفتأ تهشّمه وتسجل نقاط تفوق قبيل الضربة القاضية ، فقام بإغلاقها واعتقال هشام لعدة مرات وهو في سن متقدمة ويعاني من المرض ولايزال حارس صحيفة الأيام ( المرقشي) قيد المحاكمة في قضايا ملفقة وينتظر حكم الإعدام .. لأنه كان يحرس الأيام ..

كنت قبل توقف الأيام ومع قهوة الصباح أبدأ بتصفحها على الإنترنت وهي الصحيفة التي تأتي في موعدها الباكر كل يوم ، وبها أستهل متابعاتي لما يحدث في اليمن على مختلف المستويات وأقرأها واثقاً باني أقرأ الخبر الاحترافي الذي يجهد عليه فريق عمل متفاني ليكون الحقيقة بين يديك .. وبعد الأيام يبدأ تصفحي لباقي الصحف والمواقع المهمة .

برحيل هشام تفقد اليمن والأمة العربية قامة إعلامية كبيرة ، وتفقد عدن على وجه الخصوص عنواناً بارزاً من عناوين وجودها الحضاري وكينوتنها الفكرية وذاكرتها الأصيلة ..

اليوم رحل هشام وفجعت بفقده اليمن ، فماذا فعل نظام المبادرة السعودية لقضية الأيام قبل رحيل باشراحيل وماذا عساه ان يفعل بعد رحيله ..؟! إلى أن نجد إجابة على هذا السؤال نترحم على الراحل الكبير هشام باشراحيل ، ونسأل الله أن يتوفاه في أعلى عليين ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ,,,