الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٠ مساءً

شباب التغيير اليمني وتدشين الجمهمورية الثالثة!!!

د . عبد الملك الضرعي
الاثنين ، ١٨ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
للشعوب في تأريخها أحداث تغير من مساراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتلك الأحداث تأخذ صوراً عديدة فتارة بالحرب الفئوية وتارة بالثورات الشعبية المسلحة ، وفي عصرنا الحالي ظهرت آليات جديدة للتغيير تعتمد على الثورات السلمية الشعبية ، ولايعني أن مفهوم السلمية لتلك الثورات لاتحمل تضحيات من بشرية ومادية ومعنوية ، ولكن فكرة السلمية تخرج المجتمعات من واقعها السياسي والاجتماعي بأقل الخسائر، كون المواجهة مع أنظمة إستبدادية حكمت لعقود وترى في الإستحواذ على الحكم حق سياسي مقدس ، وبالتالي من الصعب تخليها عن الحكم بمجرد مظاهرة أومسيرة سلمية ، لذا تسعى لإستدراج قوى الثورات السلمية إلى مربع المواجهات المسلحة بغية كسب تلك المواجهات إعتماداً على تفوقها العسكري ، ولكن كثير من الشعوب تقدم التضحيات تلوا التضحيات وتستمر متمسكة بنهجها السلمي رافضة الإستدراج لمواجهات مسلحة ، وثورة الشباب اليمني من الثورات التي واجه شبابها ترسانة عسكرية متنوعة بصدورهم العارية ، فتساقط مئات الشباب في شوارع عدن وتعز وصنعاء وغيرها من المحافظات ومع ذلك ظل النهج السلمي التوجه الرسمي لشباب الثورة.

لقد مرت اليمن في تأريخها المعاصر بتحولات هامة ، بدايتها بثورة سبتمبر وأكتوبر اللتان تم بهما تدشين الجمهورية الشطرية الأولى ، ثم جاءت الوحدة اليمنية في 22مايو1990م لتدشن الجمهورية الموحدة الثانية ، وجاء شباب التغيير جيل22مايو ليدشن الجمهورية الثالثة التي نعيش إرهاصاتها في الوقت الراهن .

على الرغم من ما سبق فمن المؤسف أن يُردد بعض السياسيين في لقاءاتهم العامة بضرورة تلبية مطالب الشباب ، ويحصر تلك المطالب في قضايا شخصية كقولهم مثلاً: لماذا لايكون للشباب كوته أسوة بالمرأة ، وإذا كانوا يريدوا وظائف لماذا لايخصص لهم عدد من الوظائف؟؟؟!!!

نود التأكيد لكل من يرى في ثورة الشباب مقعد بالمجلس النيابي ووظيفة في إدارة حكومية أوغيرها من المطالب الشخصية ، نقول لهم إن شباب تسابقوا على الصفوف الأولى من المسيرات على الرغم من إدراكهم أنهم سيواجهون ترسانة من الأسلحة النارية المختلفة ، شباب كانت الشجاعة والإصرار والعزيمة والتضحية هي سلاحهم في المواجهة ، شباب منهم من كتب إسمه وعنوانه على يده ووضع وصيته في جيبه قبل كل مسيرة ، بل أن بعض من هؤلاء ظهرت أسماؤهم ضمن المعينين الجدد المعلنة من الخدمة المدنية عام 2011م ، ومع ذلك لم يتراجعوا لأن سقف مطالبهم ليست الوظيفة بل ما هو أكبر من المصالح الشخصية ، إنه المشروع الوطني الكبير مشروع التنمية والتحديث .

نقول لمن يختصر مطالب الشباب في مصالح شخصية ومقعد في مجلس نيابي أو غير ذلك ، إنكم تظلمون مئات الشهداء وألاف الجرحى ، لأن وظائف الدنيا وكنوزها لاتعوض أسرة حرمت من فلذة كبدهه أو عائلها ، ولن تغني الجريح عن ساعة ألم .

نقول إن شباب الثورة إعلنوا أهدافهم ولإجلها ضحوا بأرواحهم ، تلك الأهداف تبدأ بمحاسبة الفاسدين وتعزيز النظام والقانون ، وتؤكد على إقرار مبدأ العدالة الإجتماعية والمواطنة المتساوية ، مطالبهم في دولة يمنية واحدة عادلة يختار الشعب اليمني بكل فئاته شكلها وشكل نظامها السياسي ، وبالتالي فتلك الأهداف أبداً لم تكن شخصية بل وطنية عامة.

إن الشباب بأهدافهم تلك يريدون أن نرى يمن جديد يغيب عنه الإستقواء بالغلبة والقهر، يمن يغيب من كشوفات موازنته المليارات التي تقدم كرشاوى لبقاء الحاكم ، يمن جديد يملك جيشاً وأمناً وطنياً محترفاً وموحداً، يمن جديد نجد فيه قضاء حروقادر على محاسبة الفاسدين وأولهم ناهبي أراضي الجنوب والغرب ومن التهموا مليارات الدولات من المال العام ،إنهم يريدون تدويراً سلمياً للسلطة السياسية كل أربعة أعوام تفرزها صناديق إقتراع نظيفة وشفافة ،إنهم بذلك الفكر يعبرون عن المطالب المشروعة لدى عموم أبناء الشعب اليمني.

أخيراً من المؤسف أن نجد من يصف ثورة الشباب بمسرحية إنتهت فصولها ، نقول لهؤلاء ليست مسرحية ولم تكن جثث الشهداء ودماء الجرحى دمي وطلاء جدران ، إنها تضحيات وثورة شعب فصولها ستنتهي عند الأهداف التي رسمها شهداء الثورة ، إنها الجمهورية اليمنية الثالثة التي يسود فيها العدل والمواطنة المتساوية والحرية والكرامة وحقوق الإنسان ، تلك الجمهورية التي يتساوى فيها الجميع أمام النظام والقانون ، تلك الجمهورية لايستباح فيها المال العام ، تلك الجمهورية التي تصبح فيها العدالة الاجتماعية والشراكة الوطنية في السلطة والثروة والقوة سمتها الرئيسة ، تلك الأهداف تحمل المشروع الوطني لليمن الجديد فشباب الثورة الأصيل كانت الإثرة وحب الوطن لديهم مقدمة على المصالح الشخصية ، هذه الفئة على وجه الخصوص هم من رسموا بدمائهم مشروع الجمهورية الثالثة ، وبالتالي فأي مشاركة في مؤتمر الحوار الوطني من قبل شباب الثورة يجب أن تحمل تلك الأهداف الوطنية النبيلة التي نؤسس فيها لليمن الجديد ، فلولا ثورة الشباب لما تم تدوير رئاسة الجمهورية كما هو حادث ، ولولا ثورة الشباب ما حدث التدوير للقيادات العسكرية، ولولا ثورة الشباب لما عاد الأمل للوحدة اليمنية سواء بتنامي
تيار الوحدة في المحافظات الجنوبية أوبالموقف الدولي المعبرعنه في قرارات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ، ولولا ثورة الشباب لما دعي إلى مؤتمر وطني شامل لبحث المستقبل السياسي للدولة اليمنية الجديدة التي نطلق عليها مجازاً الجمهورية الثالثة، تلك الجمهورية دشنها الشباب وعلى عاتق بقية القوى السياسية والشعبية إستمكال أهدافها.