الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤١ مساءً

من حي الحصبة في صنعاء رسالة مواساة

سعاد سالم السبع
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
رسالة مواساة من كاتب عربي
تلقيت ردودا كثيرة على مقالي الأخير بعنوان ( مطلبنا التغيير لا التدمير يا أهل الحكمة) والذي كتبته من واقع ما نعيشه -نحن المجاورين لحي الحصبة- من قلق ورعب مما يحدث في هذا الحي الذي صار ميدانا للصراع المسلح في عاصمة الدولة اليمنية الحديثة- صنعاء- .

وليسمح لي القراء الكرام في هذا اليوم أن أطلعهم على أحد
هذه الردود للكاتب العربي (نجدت الأصفري)

الأخت الدكتورة سعاد السبع حفظك الله السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبعد:
رتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عناصر الحياة التي يتطلبها المرء ليعيش حياة طبيعية مطمئنة في حديثه الصحيح بقوله : " من بات آمنا في سربه معافى في بدنه يملك قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"
لاحظي كيف رتبها الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوى؛ فجعل الأمن أهم شيء في حياة البشر، به يطمئنون على أنفسهم وعيالهم وأموالهم، فإذا انعدم الأمن انعدمت الحياة السعيدة وحل مكانها القلق والخوف حتى أن اليابانيين وقع في بلادهم ( داء الرعب ) جراء القنابل الذرية التي أسقطت على هيروشيما ونجازاكي أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث إن كل من تعرض لإشعاعاتها ووميضها حلت به مظاهر الرعب، فاتسعت حدقتاه وجحظت عيناه وجمدت أجفانه ووقف شعره كإبر القنفذ لا ينسدل على فروة رأسه ، ومن لا يزال حيا منهم في دور الرعاية يستغيث صارخا كلما ظهر نور مفاجئ أو حل ظلام دامس أو سمع صوتا نشازا ...
ومن انعدم الأمن من حياته لا يستلذ بطعام ولا يهنأ بشراب ولا يستغرق في نوم هادئ يحسب كل صيحة عليه، تسمعين صراخه بدون وعي ولا إرادة ، فهو مريض تنقصه الصحة النفسية، فلا يشتهي طعاما ولا يطلب شرابا ، يعاني من المرض الذي يحرم النوم فلا يصغي لما يقال ولا يفهم أحاديث الجوار .

قلبي يبكي لكنه احتار مع من يبكي؛ ألليبيا التي ضاع العد في الخسائر بالأرواح؟ أم في سوريا التي تمزق قذائف الدبابات أجساد البشر فيها؟ لافرق بين شيخ كبير وطفل صغير أو حتى رضيع ، أم اليمن الذي كان سعيدا تحفه جنات عدن؟
ما الذي حصل فجأة في عالمنا العربي فاستفردنا بوحشية الحيوانات المفترسة في الغابات؟ ما كنا نحسب أننا أعداء تلفنا بسمة كاذبة ومجاملة باهتة ومعاملات نفاق، حتى إذا قدح زناد الحقد برزت سجايانا على حقيقتها وطباعنا بوساختها وكشرنا عن أنيابنا ورحنا نلوم أنفسنا، ليتنا لم نجتمع في مدن ارتفعت أبنيتها وزخرفت شوارعها تنتصب فيها التماثيل أصناما لنكون لها راكعين ساجدين وليس لها في حياتنا وتر ولا نغم!!
تميزنا عن العالم من حولنا بحب الكرسي كحب الذات، إذا جلس عليه صاحب انقلاب التصق به حتى الوفاة طال الزمان به أو قصر، حتى مع اختلاف أنظمة الحكم إمارة منذ أيام القبيلة والعشيرة أو ملكية لم تتزحزح قيد أنملة عما جاء في وصفها في مملكة سبأ أو مملكة زنوبيا قبل التاريخ والجغرافيا، حتى الأنظمة التي قلدنا فيها الدول المتطورة بعد الثورة الفرنسية طعناها وحورناها واستخلصنا منها أسلوبا فريدا يسميه أساتذة الحقوق اليوم بـ ( الجملوكيات ) فيقوم التوريث كالملكيات ويزينها برلمانات مصطنعة تعين بالآراء لا بالكفاءات ويسمى فيها كذبا برلمانات.. قلبي مع كل روح تزهق لا تعرف فيما قتلت ولا يعرف قاتلها لم قتلها؟!
في ديار الغرب تصطك مفاصل القضاء في جرائم القتل ، ومع هذا ألغوا حكم الموت على القاتل مخافة أنه ندم لفعلته ولن يغود لمثلها .

تمنيت لو أنني وزوجتي الدكتورة مرفت لو نستطيع أن نستضيفكم في بيتكم الصغير ههنا ، لكن الغرب عجز عن استيعاب دفقات البشر هاربين من الدول العربية لاجئين للدول الغربية بحثا عن كرامة مفقودة وسلامة مثقوبة لا تدوم لأحد ، يعانون من ذل مخزون وعيش مذلول تحت بساطير الظالمين الذين جهزناهم ليحمونا من أعدائنا فإذا بهم يستديرون تجاهنا ويثقبون صدورنا كلما شعروا أن حبنا لهم قد فتر..
اسأل الله أن يعود الأمن والأمان لدياركم وديار العرب قاطبة في أقرب فرصة سريعة قادمة كلمح البصر..

وسلام على اليمن الذي كان سعييييييييدا
نجدت الأصفري