الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٥ مساءً

الإغتيالات السياسيه .. طريقا للصعود والمغادره

بشير المصباحي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
إن الجماعات أو الأفراد الذين يمارسون الإغتيالات السياسيه لا يعرفون لغة الحوار مطلقا لأن هدفهم من عمليات الإغتيالات يتمثل في إلغاء الأخر وطمسه والقضاء عليه بصرف النظر عن تبعات الإغتيال ونتائجه.
وفي اليمن فإن البلاد لم تشهد الإستقرار السياسي بمعناه الحقيقي منذ إغتيال الرئيس الشهيد / إبراهيم الحمدي ذلك الرجل الذي أعطى كل ما بوسع زعيم أن يقدمه لوطنه وأمته ، فتمت مكافئته من قبل عناصر الغدر والخيانه بإغتياله من خلال عملية دبرت من هذا القبيل لتحطيم حلم اليمنيين والقضاء على طموحاتهم في حياة أمنة وكريمه وإسم واحد يمثلهم بين الأمم.
وبذلك الإغتيال الشنيع دشنت مرحلة الإغتيالات والثأرات السياسيه في البلد والتي لم تتوقف رحاها حتى يومنا هذا ، فلم يلبث بعده الرئيس / أحمد الغشمي في الحكم أكثر من ثمانية أشهر وتم إغتياله إنتقاما للرئيس / إبراهيم الحمدي بحسب بعض المراقبين ، ذلك الحادث الذي أستغله خصوم الرئيس سالمين في الجبهة القوميه فيما كان يسمى بجنوب الوطن سابقا للإطاحة به وتصفيته جسديا في 24/يونيو /1978م.
وأستمر الحال السياسي في توتر دائم ومحاولات للثأر والإنتقام السياسي الواحدة تلو الأخرى والتي تم تتويجها في 13/يناير / 1986م لتصفية الحسابات بين الأجنحة المختلفة في السلطه وأدت تلك العملية إلى مقتل الكثير من القيادات السياسيه وعلى رأسها الرئيس / عبدالفتاح إسماعيل.
ولم يغيب المشهد نفسه عن دولة الوحده التي شهدت أكبر عملية إقصاء سياسي في اليمن لأحد أطراف المعادلة في الحكم عن طريق إستخدام العنف والقوة وفرض إرادة المنتصر فيها على المهزوم.
وقد شهدت مرحلة حكم الرئيس / علي عبدالله صالح لليمن الذي أمتدت لثلاثة وثلاثون عاما إستقرار نسبيا وذلك بسبب سياسته التي أعتمد خلالها على بناء التحالفات القوية مع المشائخ ورجال القبيلة والتيارات الدينية المختلفة ، وشرائه للمعارضين السياسيين من خلال إغداق الأموال والمناصب في الدوله ، وكذلك تعزيز نفوذه من خلال الحكم البوليسي المطبق الذي يتخذ من الديمقراطية واجهة لتغطية أساليب القمع ومصادرة الحقوق والحريات العامه.
إلا انه وبالرغم من ذلك لم تسلم اليمن من الإضطرابات السياسية المتقطعة في عهده وإستهداف المعارضين أو الطامحين من رجال الدوله بمختلف توجهاتهم وإنتماءاتهم وإستخدام القمع بكل أساليبه للحد من نشاط الخصوم السياسيين والذين لم يقتصر الأمر عليهم بل أن اليد البوليسيه المحترفه قد طالت شركاء الرئيس ورجال حكمه الذين يعتمد عليهم في تسيير شئون البلد فنفذت العديد من التصفيات لبعض السياسيين بغطاءات وحجج مختلفه.
وفي يوم الجمعة الماضيه جاءت الأحداث لتعكس الواقع السياسي الحقيقي لليمن والذي لم يتغيربشكل فعلي منذ سبعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا ، فكان إستهداف رئيس الجمهورية وكبار مسئولي الدوله من خلال تدبير عملية إغتيال هي الأشد قوة وتأثيرا على المسرح السياسي في التأريخ اليمني المعاصر بغض النظر عن الجهة التي تقف وراءها.
وبإنتظار قادم الأيام فإن الرئيس / علي عبدالله صالح يعد الرئيس الثالث في اليمن على التوالي يتم إقصاءه عن السلطه عن طريق الإغتيالات السياسيه والخامس على مستوى اليمن منذ عام 1977م.
فقد جاءت حادثة إغتيال الرئيس في جامع النهدين في دار الرئاسة لتلقي بظلالها على مستقبل اليمن وأمنه وإستقراره ، فاليمنيون يطمحون بأن تكون نهاية حكم الرئيس / علي عبدالله صالح بسلبياتها وإيجابياتها نهاية لمرحلة إنتقاليه تنطلق البلد بعدها نحو حكم مدني يسود فيه النظام والقانون على كل ما سواهما.
إلا أنه وبدلا عن ذلك وفي حالة صدقية الشواهد المتوفرة حاليا فإنه يبدو أن الأقدار قد حتمت على الرئيس تسليم السلطة بنفس المناخ وفي ظل أوضاع شبيهه بتلك التي دفعت به إلى كرسي الحكم وكأن اليمن لم يتغير فيه شئ خلال ثلاثة وثلاثون عاما سوى تحقيق نبوءة الرئيس الذي يرددها دائما بأن طريقة حكمه لليمن تشبه الرقص على رؤوس الثعابين والذي أنتهت به إلى المثل الشعبي القائل نهاية المحنش للحنش.
وفي ظل هذه الأوضاع التي تعيشها بلادنا نتساءل هل آن لليمنيين أن ينعموا بحياة هادئة كريمة بعيدا عن أصوات المدافع والرشاشات والقنابل وأن يتجهوا نحو بناء بلدهم ومستقبل أجيالهم ... أم أن لعنة الحمدي ستظل تطاردهم في أحلامهم وتمنع عنهم الإستقرار الذي جاءهم به على طبق من ذهب ومن دون أي مقابل على حين غفلة من الزمان والمكان!!!!؟