الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٠ صباحاً

فشل الحكومة في تنفيذ المبادرة الخليجية

د. علي مهيوب العسلي
الأحد ، ٢٤ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٣٨ صباحاً
عندما يراجع المرء مع نفسه انجازات حكومة الوفاق المتشكلة بموجب المبادرة الخليجية والياتها التنفيذية لا يجد ما يوحي بان هذه الحكومة تختلف عن سابقاتها من الحكومات في النظام الشمولي إلا بعض الاستثناءات على سبيل المثال وزير الدفاع والذي جاء يمثل حصة المؤتمر والذي لم يأتي من رحم ثورة الشباب كما يقال، فقد برهن انه الرجل الذي كان يبحث عن لحظة التغيير ليصول ويجول في الميدان ويقوم بمهامه على أكمل وجه ،ويمكن الإشارة كذلك إلى الوزير المُمثل لحصة المؤتمر الأستاذ نبيل شمسان الذي نراه قد تغير باتجاه ثورة الشباب وفَهم الرسالة غير هذين الوزيرين لم نلحظ كمراقبين سوى الخريط والنطيح دون تحقيق شيء على الواقع نَشعُر بِمُقتضاه أن الآتي هو الأجمل وان الثورة قد وصلت إلى رؤوس هؤلاء ويقومون بالسهر لخدمة الشعب بعد المعاناة التي تجرعها طيلة السنة والنصف الماضية!

فوزير المالية يُحجم عن دفع العلاوات المستحقة قانونا لموظفي الدولة بحجة انه لا توجد سيولة كافية ،بل يكابر في تحديه لمجلس النواب فيغيب عندما تناقش الموازنة بحجة السفر خارج البلاد ويخالف مجلس النواب وهو الذي كان يَتَحَسس من الحكومات السابقة المخالفة أو المتحايلة على أعضاء مجلس النواب عند استدعاء أي وزير منها ، ولم يَتَعرّف عليه الناس إلا من خلال تَمَيزه في المواقف في مجلس النواب ،فلماذا التحدي الآن وقد صار وزيراً ،وبماذا يتحدى الأخ الوزير؟ هل برفع أسعار المشتقات النفطيةــــــ دعنا نكون منصفين أبقاها كما هي من الحكومة السابقة ـــــــــ التي تؤذي المواطن والمزارع وكل الشرائح ومهما كانت الذرائع والمبررات التي يسوقها من محاربة التهريب وخلافه ،إلا أنه لم يستفيد من هذا العائد المواطن العادي حتى هذه اللحظة ،ولم يلمس على ارض الواقع بمشاريع ، ولم تتحسن الأمور في كافة المجالات، بل ازدادت سوءا ،وأخر تقليعته انه سيعمل موازنة استثنائية لمدة سنتين بمليارات من الدولارات وهات يا خريط!

أما وزير الكهرباء الذي جاء متحمسا من ثورة الشباب فعمل لقاءات تلفزيونية كثيرة وزمجر ورعد فجذب انتباه المشاهد وأيقظه من نومه وسباته ليراقب ماذا سيعمل الوزير؟ وكيف سيحقق ما وعد وهدد وبخاصة في قضية مثلها مثل قضية فلسطين فإذا حلت قضية فلسطين وأعيد الحق إلى أصحابه عندها ستتوفر للمواطن اليمني الكهرباء ،فأين ما وعدت به أيها الأخ الوزير ؟ ومتى ستقود الحيتان وأصحاب الخبطات إلى السجون؟ ؛ ثم لماذا لم تغير العادة التي اعتاد عليها الناس من كل عام عندما تحل الامتحانات تُقطع الكهرباء لنشعر أننا حقيقة في الثورة بل كنت "عز الدين أضرط من أخيه" فقد زاد القطع أضعاف مضاعفة؟!

أما وزير الداخلية فحدث ولا حرج فالأمن في مكانه بل ازداد تهديدا للمواطن اليمني حتى وصل إلى عمليات الاغتصاب لطفلة تناوب عليها سبعة كما جاء في الأخبار وغيرها من الحوادث المروعة التي تهز كيان البشرية كلها وتسقط دول وحكومتنا مازالت جامدة صماء ولم تهزها هذه الحادثة وتجلب الجناة وتقدمهم للمحاكمة السريعة وتنفذ فيهم حكم الله ،وهنا سأذكر الأخ الوزير بحادثة مماثلة ، عندما كان في السلطة الشهيد إبراهيم محمد الحمدي لم تتعدى فترة القبض والمحاكمة أكثر من أسبوع إلا والجناة في حبل المشنقة أمام مسمع ومرأى الجميع فهذه القضايا لا تحتمل التأخير لتكون رادعا لكل من تسول له نفسه المساس بالمواطن اليمني مهما علا شأنه !

كذلك على عاتق الوزير الذي نكن له كل الاحترام إخراج كافة معتقلي الثورة لإن هذا هو صلب عمله ومقياس حقيقي لتعامل الحكومة مع الثوّار ، وعليه فلا حوار ولا نجاح للحكومة في مهامها المكلفة بها بحسب المبادرة الخليجية والياتها التنفيذية إلا بتنفيذ ما يتعلق بحقوق الإنسان ومن ضمن حقوق الإنسان إطلاق المعتقلين من سجون النظام، والأمر متعلق أيضا بوزيرة حقوق الإنسان ووزير الشئون القانونية في مسألة حقوق الإنسان فكيف يتم منح القاتل الحصانة وبالسرعة الفائقة ، ومعالي الوزير مازال منشغل بالإعداد لقانون العدالة الانتقالية منذ فترة ولم يتم تحريكه وهو من قضايا المثارة في المبادرة الخليجية !

أما وزير الدفاع فله التحية كما اشرنا سابقا ،ولكن باعتباره هو و وزير الداخلية عضوين في اللجنة العسكرية فالمطلوب منهما إنهاء التوتر الأمني قبل الحوار الوطني وذلك بحسب المبادرة الخليجية ،وتسوية أوضاع الثوّار من أبطال قواتنا المسلحة والذين لازالوا مهملين والسؤال المهم المطروح على الحكومة هل من انضم إلى الثورة يعاقب بالإهمال والتهميش أم أنهم يستحقون الأوسمة والنياشين؟ ؛ كذلك أيها الأخ وزير الدفاع والإخوة الضباط الأحرار المنضمين للثورة أحب أن الفت انتباهكم من هناك ضباط أعرفهم في ساحة التغيير وهم من الكفاءة والقدرة يعجز المرء عن وصف قدراتهم ،وبخاصة من كان في المنطقة الشرقية وله مستحقات كما يطرح احدهم منذ 8 سنوات ولم يستلم رواتبه منذ ذلك الحين، ارجوا منك ومن اللواء محمد علي محسن والقائد الجديد البطل الجائفي حل مشكلته وحل أي مشاكل مماثلة. وأنا بدوري أضع قضيتهم تحت عنايتكم وكلي ثقة من أنكم ستنصفونهم!

أما وزير الخارجية فلن ادخل في تفاصيل ما ورد على لسان الصحفي المبدع منير الماوري من اتهامات لأنني لا املك المعلومات والوثائق التي تدينه ،وسأكتفي فقط بإشارة واحدة التي لها علاقة بالمواطن اليمني ،وأتساءل أيحق لدولة أن تَحرم شعب بأكمله من أداء مناسك العمرة وربما الحج لهذا العام ووزير خارجيته لا يحرك ساكنا ؟ أيوجد فشل أكبر من هذا؟! لا اعتقد ذلك !!

كذلك نخاطب الأخ وزير الأوقاف الذي من مهامه الإشراف على رعاية وتسفير الراغبين في زيارة بيت الله الحرام فما هو الفعل الذي مارسه الأخ الوزير في إنهاء هذه القضية الدينية و الأخلاقية و الإنسانية ؟!

سأكتفي بما ذكرته عن عينة من الوزراء للاستنتاج بان الحكومة قد فشلت فشلا ذريعا في تصريف أمور العباد ،وعدم الإيفاء بما يترتب عليها من التزامات بحسب مبادرة الخليج والياتها التنفيذية منذ اليوم الأول وحتى الآن ،اطرح هذا الكلام ليس لأني مؤمن بالمبادرة والياتها التنفيذية وإنما لأكد صدق رفضي لها من انه هو الصواب لإن من وَقّع والتزم بها لم يُطبقها حتى اللحظة كما جاءت مزمنة ،فلوا أخذنا من المبادرة فقط والياتها التنفيذية بعض القضايا على سبيل المثال قضية التوترات الأمنية وهيكلة الجيش فعندما يطالبون الثوار بها فإنهم لا يشترطون على الحكومة وإنما بما التزمت به الحكومة أمام الدول الراعية ، فأين الحكومة من هذا الالتزام ونحن جميعا تابعنا قرارات الرئيس بتغيير بعض القيادات وما جرى من تلكؤ واخذ ورد وتدخل الوسيط الدولي بالضغط لتحقيق ذلك !

إننا ببساطة نرى ونشاهد من يعيق المبادرة ولم نجد من الأطراف الأخرى حتى بيانات الشجب والاستنكار والمطالبة من الدول الراعية بالضغط على الطرف المعيق أو المطالبة باتخاذ العقوبات عليه ،بل لو دققنا في الأمر ربما بعض الأطراف الأخرى من المبادرة والمحسوبة على الثورة مازالت هي لم تُنفذ بعض بنود المبادرة لست ادري إلى أي مدى هذا الكلام صحيح ! الصحيح والمتأكد منه أن الشباب هم من رفض المبادرة جهارا نهارا وبمواقف واضحة لا لبس فيها ولكنهم هم الوحيدون الذين التزموا بالمبادرة بطريقة أو بأخرى فمارسوا ضبط النفس والتهدئة والاشتراك بالعملية الانتخابية ولم يطالبوا حتى الآن بإسقاط الحكومة لأنها لم تطلق المعتقلين ولم تعالج الجرحى ولم تقدم القتلة للمحاكمة !

وكان لرفض شباب الثورة المبادرة قبل وبعد التوقيع عليها أثره الطيب عند رعاة المبادرة من إلزام الحكومة بالحوار مع الشباب ،أي بمعنى لولا خروج الشباب إلى الساحات والميادين لما وُجدت المبادرة أصلا ! وهذه هي القضية الثانية فهل تحقق الحوار مع الشباب وأعني بهم من أعلنوا الثورة واسمحوا لي أن امزج قضية الحوار مع الشفافية فاللجنة المشكلة للحوار مع الشباب منذ تَشَكُلها لم تُعلن برنامج للحوار ولا مواضيع الحوار وإنما أهدرت الوقت بالتواصل مع أفراد في المكونات وربما دار معهم نقاشات واستكشافات لروائهم دون الخوض في تفاصيل قضية الحوار ، وعندما أقدم الأخ رئيس الجمهورية على تشكيل لجنة الاتصال وجدت نفسها اللجنة الوزارية أنها لم تستطع أن تقوم بما التزمت به فسارعت إلى التنسيق مع لجنة الاتصال وإنزال إعلانات مهينة للثورة والثوّار، كنا قد تحدثنا عن ذلك كثيرا ولا داعي للتكرار، وعندما تحركت هذه اللجنة إلى تعز تصدى لها شباب الثورة فرجعت إلى صنعاء ووضعت برنامج للتدشين من اجل التهيئة للحوار قي الفنادق الخمسة نجوم ، بدأت في المركز الثقافي تسببت هذه اللجنة في إحداث جروح لشباب الثورة من خلال استفزاز الشباب بالدعوة فقط لــــــ130 شابا من شباب ال
ثورة مقابل اكثر من 800 فرد من طرف ليس له علاقة بالحوار مع الشباب بحسب المبادرة الخليجية . كان نتيجة هذا اللقاء الذي أنجز في غير موعده المعلن في الصحف أن أُعتدي على شابة من شباب الثورة وأمام الحكومة والوزراء المعنيين ومندوبي الدول الراعية للحوار ولم تحرك الحكومة ساكنا في التحقيق في دوافع الاعتداء ، بل استمرت في غيها في تنفيذ برنامجها في اليوم التالي في فندق وفي الذي يليه في فندق آخر، وتتكرر المشاكل وبنفس الآلية. فهل هذا هو الحوار الذي تريده الحكومة أم أنها تريد أن تجر الثوار إلى مربع عنف تسحب الحكومة بموجبه عنهم شرف تسميتهم ثوار وتحولهم ربما إلى بلاطجة!

ماذا تصنعين يا حكومة ؟! أعيدي النظر بهذه التصرفات المهينة ! ثم هناك سؤال ترى من يُموّل هذا النشاط الذي تقوم به الحكومة ؟ وما مقداره؟ ولماذا لم يعلن عنه؟ أسئلة محيرة يجب على الحكومة الإجابة عليها قبل الشروع في الحوار؟!

القضية الثالثة وربما هي القضية الأولى من حيث الاستحقاق والموجودة في المبادرة والآلية التنفيذية وهو الحكم الرشيد فهل تم تشكيل الحكومة بمعيار الحكم الرشيد أم أن الحكومة تشكلت بالتقاسم دون مراعاة للحكم الرشيد والكفاءة وبعيدا عن خروقا لحقوق الإنسان للمُعَينين . فما خُدّر فيه الشباب وقتها من عدم اختيار فلان لارتباطه بالعنف يأتون الآن ويسوقونه ويطرحونه للتحاور مع الشباب .إن التقاسم هو الداء الذي استفاق عليه اليمانيون في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م ولا يزالون يعانون منه حتى في حكومة الوفاق المتشكلة وفق المبادرة الخليجية وعدم التزام الموقعين على المبادرة بما وقعوا عليه !

تعليقي الأخير هو لماذا تتعامل الحكومة مع مكونات الثورة بأسلوب بدائي استهتاري ، وفي عدم المبالاة والتعامل معهم كأنهم تابعين للحكومة التابعة للأحزاب المتقاسمة فلا يمكن إلا القيام بتأيد خطواتها بغض النظر عما تقدم عليه الحكومة أكان حقا أم باطلا ، فأقول لهم أن الزمن الماضي قد ولّى وان شباب الثورة لن يمرروا أية مشاريع تتقاطع مع أهداف ثورتهم مهما قرب من يدّعي الوصاية عليهم!

أختم بالحديث مع مكونات الثورة فأقول لهم انتم المعنيين بالحوار من غيركم ،غير أن حواركم هو لبناء المستقبل والمستقبل يتطلب تهيئة المناخ لبناء الدولة المدنية والدولة المدنية معاقة بمن انضم إليكم أو الطرف الآخر المعادي لكم ، فأنجزوا رؤيتكم للحوار بالقضايا التي تريدونها في المستقبل مثل نظام الحكم ! وهل الفدرالية ترون أنها هي المخرج من وجهة نظركم؟ ؛ ثم عليكم أن تحددوا الأطراف المُعيقة لمجمل ما هدفتم إليه ! وأن تحددوا برنامج واضح شفاف للحوار مُزَّمن ومُعلن ومن رفض الحوار سواء أحزاب المشترك أو حزب المؤتمر أو الحوثيين أو الحراك الجنوبي عليكم فضحه أمام الشعب مباشرةً ، وكل اتفاق تتفقون عليه يتم إعلانه في مؤتمر صحفي تبينونه للشعب والشعب هو الذي سيرفض من يُمانع الالتزام بنتائج الحوار . أرى أن يتم كل ذلك بالتنسيق مع رئيس الجمهورية. فكلي ثقة أنكم ستنجحون وهم بما هم سائرون عليه هم فاشلون!