الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:١٥ صباحاً

مكرمة خليفة وكرامُ القوم

أحمد إبراهيم
الأحد ، ٢٤ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
(مكرمة خليفة) .. كلمتان مختصرتان بالصوت النابع من القلب واللسان، الا انهما بالصدى لم تعد سُباعية الأصداء ضمن الحدود الجغرافية للإمارات السبع .. الشجرة الثامرة وإن كانت سُباعية الأغصان، فان ثمارها لم تعد تتساقط على رؤوس المواطنين الإماراتيين الغرقى بالمعيشة الكريمة فحسب، بل إمتدت ينابيع نهر العطاء لمكرمة خليفة وشلاّلاتها، بصداها بين البحار إلى ما وراء البحار.

مكرمةُ خليفة لم تعد بإمتدادها الجغرافي الطبيعي من أبوظبي الى الفجيرة، ومن رأس الخيمة الى السلع فحسب، بل ومكرمته صوت وصدى من صنعاء وعدن، إلى مقديشو وبربرة، وجلال آباد وقندهار، كما كانت بالصوت والصدى يوما بين زلازل كشمير وألغام بيروت والمستشفيات المتنقلة ببصرة العراق ومخيمات بوسنة وهرسك.

شعبانُ هذا العام هلّ علينا بأخبار ليست غريبة من القيادة الإماراتية، ولا هى جديدة على شعب الإمارات، فأثلجت قلوب الإماراتيين بأخبار سارة من أراضي ومنح وتمويلات وقروض بلا فوائد وغيرها .. شعبان يا شهر العباد والبلاد ورب العباد، يامن سبقه رجب ويليه رمضان، ونحن في شهور الخير وبلاد الخير ومع أشبال زايد الخير وراشد الرشد، بوعي ومكارم وحكم ويقظات، نقف أمام الله عاجزين عن الشكر له على تلك القيادة الرشيدة التي يرأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حفظهما.

الإماراتيون أشتهر عنهم حكومة وشعبا، الطيب والتواضع والكرم والإخلاق الحسنة، والعيشة الكريمة أيضا سمة سماوية أكرم الله بها هذا الشعب الكريم، كما وان القيادة الرشيدة هى الأخرى من نعم السماء للإمارات الرحبة العامرة التي ما أن دخلها الزائر سالما بسلام آمنين، إلا وأحبّها وطنا، وأحب مواطنوه فأحبوه ضيفا كريما دائما.

سيدي مكرماتكم الدائمة يُلزم المواطن أن لا ينسى الوطن، ولن يفقد إنتمائه وولايته، أينما ذهب تعيده مكرمتك ليساهم في بناء الوطن، ليضع خبرات عمره رهن إشاراتك في مشاريع الوطن، لن يسأل كم تعطوني راتب، وإنما كم ساعة إضافية يحتاجها مني الوطن يا طول العمر، لا يهمه موديل سيارته، بل تهمه مواقع المشاريع التنموية أينما توجد يصلها ولو بالحافلة او مشيا بالأقدام، ولايهمه التخت والسرير بالحرير، إنه يقبل الخيمة الصحراوية موقعا للعمل، ليحول منها الصحراء الى واحة غنّاء.

المكرمة الجديدة كلها أرقام، منحة وقروض مساكن تشمل 2000 مستفيد بقيمة 4000000000 (أربعة مليارات درهم)، تتوزع على 1287 مستفيداً في أبوظبي والمنطقة الغربية، و713 مستفيداً في المنطقة الشرقية .. هذه الأرقام تنطق بنفسها عن الإمارات وشعبها وقيادتها في زمن باتت الدنيا كلها أرقام، لكنها اي نوع من الأرقام؟ هناك شعوب تحكمها السياط والكرباج، وحكّام يحوم حولهم المنافقين والدجالين والطبالين .. الدنيا كبيرة وبكبرها شعوب وشرائع وسلاطين، شعوب محكوم عليها برمتها بالمؤبد او الإعدام قبل ان يولد، هناك قضاة يحكُم عليها لصوص، وأحرارٌ يتحكّم بهم العبيد .. ففي هذه الدنيا الّلاهبة الملتهبة، يجب ان نركع لله ساجدين شاكرين كلما رأينا الإمارات تزدهر بجنان وإخضرار وشعبها بالخيار والأخيار.

أرقامٌ تُفرح القلوب، وهى تتزايد تفاقُم رذاذات أمطار الخير، هذه الأرقام من المفترض ان تجعل منا مواطنون يؤدون أعمالهم بذمة وأمانة وإخلاص، ونصمد بالعطاء للوطن مقابل عطاءات قادة الوطن، هذه الأرقام قد تتحول من اليمين الى الشمال إن لم نُقدّر قيمتها المادية والمعنوية، وأرقام إلى الشمال لايحسب لها حسابا، إذن ليست البطولة في أنك تبني بهذه الأرقام بيتا جميلا دون ان تفكر كيف تجعل بلاد غدك اجمل من بلاد يومك، صدقوني كما ان القائد العام للقوات المسلحة يؤذيه ما يؤذي جنوده ويشفيه ما يشفي جنوده، والطيار في الجو وقبطان السفينة في البحر يأنسا ويتأذا من طاقمهما ، كذلك قائد الوطن يؤنسه المواطن المعطاء البنّاء ويؤلمه الكسول الخمول.

إننا إستلمنا الإمارات عامرة بفضل سهر الليالي من الآباء والأجداد الذين صبّوا العرق على كل لبنة من لبنات بنائه أيام التعب والمشقة، واليوم من واجبنا ان نسهر عليها بأبنائنا وأحفادنا، المواطن الذي يريد ان يشكر رئيس دولته على مكرمته، عليه أن يساهم في أصفار بلاده من اليمين زمن الكساد الإقتصادي الذي عانينا فيه من عيون مستعارة لم تكن تبك علينا بحرارة، وإنما غادرتها شامتة ساخرة مستهزئة وفي جعبتهم الملايين من خيرات البلاد .. الأزمة الإقتصادية باتت عالمية، والإمارات لكونها عالمية الخُطط والخُطى، عانت هى الأخرى مع العالم جزءا من هذا الكساد، فزاد الكلام علينا من الأصدقاء قبل الأعداء، واكثر الناس ضجّة وضجيجا كانوا من الذين عاشوا على خيرات الامارات وغادروبها في حقائبهم، وهم يسمحون على شواربهم ساخرين شامتين.!

وفي النهاية مهما تكرّم علينا الوطن وقادة الوطن من الأرقام، فأنه من غير المعقول ان يبقى المواطن صفرا، بل يجب عليه ان يبقى في وطنه رقما كبير، يعمل ويكد، يبنى ويشيّد، ويحافظ على وحدة الصف والولاء الوطني ويتواجد دائما في خط الدفاع الأول، لايسمح للشيطان من الداخل ان يُنمّي فينا الكسل والخمول ولا يفسح الطريق للدخلاء من الخارج التسلّل بالدجل والذيول .. وهكذا يصدُق فينا القول غدا وبعد غد، ما صدق بالأمس القريب والبعيد (إن كانت الإمارات هكذا، فهكذا يبقى الإماراتيون.!)