الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٧ صباحاً

مَحْكَمَةُ شَرْقِ إب تَنْتَصِرُ لِلعَدَالَة!!!

احمد محمد نعمان
الاثنين ، ٢٥ يونيو ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
سابقة تكاد تكون الاولى من نوعها في مجال القضاء اليمني .

ذلك هو القرار القضائي الشجاع الصادر من قاضي القضايا الجسيمة بمحكمة شرق اب العلامة (امين محمد عبدالرحمن المجيدي ) وذلك في القضية الجنائية المرفوعة من النيابة العامة برقم (197) لسنة 2010م والمقيدة بسجلات المحكمة برقم (17) لسنة 1432هـ.

ولان القضية جنائية على ذمتها محبوس (متهم) بقتل. فقد قررت المحكمة تكليف النيابة باحضار الشهود بواسطة الامن بتاريخ 3/1/2012م وكانت النيابة العامة قد تواصلت مع ادارة الامن بشأن ذلك بَيْدَ ان ادارة الامن لم تنفذ الاوامر القضائية مما ادى الى تعثر القضية.

الامر الذي جعل محكمة شرق اب تتجه نحوتطبيق القانون ضد الجهة المعرقلة لتنفيذ الاوامر القضائية فاصدرت قراراها المميز ضد مدير امن محافظة اب بتاريخ 11/6/2012م والذي قضى في منطوقه (بالتخاطب مع محكمة استئناف محافظة اب بخصوص رفع صفة الضبطية القضائية عن مدير امن المحافظة تمهيدا لاحالته الى النيابة العامة للتحقيق معه في واقعة عدم تنفيذ الاوامر القضائية مع ارسال صورة من القرار الى جهة الاختصاص ووزارة الداخلية والنائب العام ) وقد اصابت المحكمة في قرارها المذكور لان المسئولية تقع على المسئول المباشر مَنْ صدر ضده القرار حتى ولو كان الاهمال والتقصير والاخطاء مقترفة من قبل الضباط والمختصين تحت سقف ادارته الذين يستلمون الاوامر القضائية ويضعونها بالادراج دون تنفيذ او ابلاغ المسئول عليهم مَنْ صدر القرار ضده .كما ان القرار القضائي يستدعي من المسئول المباشر ونظرائه في المحافظات الاخرى تنبيه الضباط والمختصين الى تحمل مسئولياتهم في حالة عدم تنفيذ الاوامر القضائية ومحاسبة المتسببين في ذلك.

ناهيك ان المحكمة قد استخدمت حقها الشرعي والقانوني وأحيت نصوصا في قانون الاجراءات الجزائية كانت اشبه بالميته مع انها هامة وضرورية.

فمحاكم الجمهورية برمتها تشكو وبشكل دائم من تعثر وعرقلة الكثير والكثير من قضاياها المختلفة جزائية ومدنية وشخصية وتجارية واموال عامة بسبب عدم تنفيذ اوامرها القضائية من قبل اقسام الشرطة وادارات الامن المختلفة في احضار بعض الخصوم والشهود والمنفذ ضدهم المطلوبين قضائيا اليها.

الامر الذي ادى ويؤدي الى عرقلة سير العدالة والتأخير في انجاز القضايا واحياناً يصل الامر الى اضاعة بعض الحقوق وتبرئة بعض المتهمين المدانين واستبعاد بعض القضايا وشطب اخرى.

وكل ذلك بسبب عدم تنفيذ الاوامر القضائية في احضار مطلوبين ممن يكون لهم اثر على الدعوى سلباً او ايجاباً وبحضورهم تتحقق العدالة ويُسْتَبَانُ للقاضي كيف يحكم . وقد ذاع صيت هذا الحكم وانتشر وتناقلته بعض وسائل الاعلام المرئية والمقروءة لاهميته واثره البالغ في تحقيق العدالة ولشجاعة مصدره .

وحُقَّ له ان يُنْشَر ويعمم على كافة اجهزة الضبط القضائي كي يعوا ويفهموا ان مخالفة اوامر القضاء وعدم تنفيذها سيعرضهم الى رفع صفة الضبطية القضائية عنهم ومساءلتهم جنائياً وعزلهم عن مناصبهم وفقا لنصوص المواد (86ــ88ــ89ــ90) من قانون الاجراءات الجزائية رقم (13) لسنة 1994م كما ان الضرورة تقتضي تعميم الحكم ايضا على محاكم الجمهورية باعتباره سابقة قضائية يستفيد منها القضاة فتقوي عزائمهم وترفع هممهم فيتسابقون في تفعيل القانون وبالاخص النصوص القانونية الجامدة التي تشكو الظلم الواقع عليها من قبل بعض اعضاء السلطة القضائية في عدم تفعيلها والاخذ بها .

وبتطبيق القانون ستتحقق العدالة للضعيف والقوي على حد سواء لاسيما وان معظم القضايا المتعثرة في المحاكم هي قضايا الضعفاء الذين لهم خصوم اقوياء او نافذون فكل ما امر القضاء ووجه باحضارهم لايحرك رجال الامن ساكنا ولا يوصلون مطلوبا ولا يرحمون ضعيفا حتى ولو كانت الاوامر قهرية بل ربما وبسبب لجوء المظلوم الى المحكمة لانصافه ولعدم تنفيذ رجال الضبط القضائي لاوامر القضاء باحضار المطلوبين تزداد الجريمة وتتسع وهذا ما يحصل في كثير من الاحيان والاصل ان يستقر في علم الجميع ان علاقة رجال الضبط القضائي بهيئات السلطة القضائية هامة وضرورية سواء قبل المحاكمة او اثنائها او بعد صدور الاحكام واثناء تنفيذها.

وقد نُظّمَتْ هذه العلاقة عن طريق الدستور والقوانين المختلفة النافذة. فالشرطة هيئة مدنية نظامية تؤدي واجبها لخدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والامن وتعمل على حفظ النظام والامن العام والاداب العامة وتنفيذ ما تصدره اليها السلطة القضائية من اوامر كما تتولى تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات وذلك على الوجه المبين في القانون مادة (39) من الدستور اليمني وبسبب الجهل بالقانون نجد احيانا بعض جهات الضبط تستلم من الشخص مذكرة او طلباً ما من المحكمة فتتعامل مع ذلك باهمال وعدم شعور بالمسئولية لاسيما اذا كان صاحب الامر ضعيفا فقيراً وجيبه فارغ فيقوم المسئول بالتعامل معه وكأن امراً قضائياً لم يكن فَيُحَرر له طلابا لاحضار خصمه مع ان المحكمة قد اصدرت امراً قضائياً قهرياً نظرا لتمرده .

فبالله عليك اخي القارئ هل سيحضر الخصم المتعنت بطلاب من ادارة الامن وقد رفض الحضور باوامر القضاء القهرية. بل ربما عندما يقوم الخصم باعلان خصمه بالطلاب وكان المُعْلن متهوراً فسيقوم بالاعتداء على خصمه المظلوم بسبب هذا التصرف العشوائي المشين. لكنك تجد المفارقات العجيبة احياناً عندما ترى شخصا اخر يتوجه الى الشرطة بدون امر قهري فيُحَرِّك له القسم طقماً عسكريا دون امر قضائي ودون موجب لذلك غير انه مُريِّش وجيبه مليء بالنقود . ومع هذا كله ومن باب الانصاف فهناك الكثير من الضباط والافراد اصحاب اخلاق كريمة يحترمون الدستور ويطبقون القانون ويحمون الحقوق والحريات ويصونون الممتلكات ويتعاونون مع الضعفاء ويقفون الى جانبهم ومثل هؤلاء يحضون بالاحترام والتقدير من المجتمع ويرضى عنهم رب السماء ولا بد من نظرة خاصة لهم من وزارة الداخلية والحكومة وتكريمهم واعطائهم حقوقهم ومكافآتهم وترقياتهم حتى يكونوا أسوة لغيرهم فنأمل ان يحذو الاخرون حذوهم .