الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٣ مساءً

سيرك في البرلمان

أحمد عبدالله جحاف
الخميس ، ٠٥ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٥٥ صباحاً


يهذّب النائب ربطة عنقه، ولا يهذّب لسانه، تشغل بال الرأي العام هذه الايام بعرضٍ تلفزيوني مثير: يشتم نائباً آخراً، فيشتمه، يقفز قزمٌ من غلمان مرجعٍ كبير ليدافع عن زميله، فينبري له غلام آخر. المشهد جميل، يضحكون على الشعب كالعاده ، ثم يعطون الفقراء يومين ليضحكوا عليهم، ربطات العنق تتقافز والبذلات الفاخرة أيضاً، فيما خلى بعض الذين لا يحبون أن يخالفوا شرع الله على التلفاز في ذلك، ويخالفوه في أمور أخرى.

النائب موظف مهما علا شأنه، ومهما بالغ سائقه الخاص في الاستعرض على باب المجلس في “التشفيط” أو بالغ مرافقه في “دعس” كرامات المواطنين، النائب موظف، سوا كان صاحب الكتلة في إجازة من إجازته من باريس في الرياض، أو كان صاحب كتلته دولة لص كبير، أو تاجر مواقف، أو كان صاحب كتلته جنرالاً مهزوماً، النائب نائبة على الشعب، والشعب يعجبه الاستعراض التلفزيوني.

في خلفية الشاشة، نائب حاول أن يقوم بعرض تلفزيوني لمشاكل منطقته وفقرائها وبعض أمراض متفشية، يسكته رئيس المجلس، سئمت الدولة من هذا الملل الرخيص، من هذا النجس الشعبي، من هذا التعب اليومي، المجلس للشتائم فقط، ولعروض مسرحيات مبتذلة، لم تعد تضحكنا، صارت تقهرنا كلما انبهرنا بها، ثم اكتشفنا أنهم يتصالحون على سعر دمنا ومالنا وأرضنا.

ينتهي عرض اليوم، تشاجر الجميع مع الجميع، اشتبك اليمين باليسار والوسط بالوسط، وحين أطفأ الصحفيون كاميراتهم، عاد النواب إلى تبادل القبلات والنكات، وانتهت المسرحية بتصفيق الجمهور لأبطاله، أعاد النائب تهذيب ربطة عنقه، وعاد إلى منزله ينتظر النتيجة: من سيكون بطل الشاشة الليلة بين زملائه المهرجين؟

طابة الليل تمحو لعب النهار يا سعادة اللص الصغير! الرأي العام مشغول ، مرسي رئيسأ لجمهورية مصر ، مرسي حالياً نجم الشاشة.

فحلت عليك لعنتي يا مجلس البرلمان..!!