السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٦ مساءً

جمهورية الجدعان

ياسر محمد الإرياني
الجمعة ، ١٣ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
لا اعني بالجدعان أولئك الشرذمة القليلين الذين يتناوبون على جدع أو قطع الكهرباء والبترول من أبناء قبيلة الجدعان,والشبوان وقبيلة الدشامقه اقصد الدماشقة (ما الفرق على كل حال), وبعض المهرولين إلى الشر في (نقيل بن غيلان) فالجمهورية الجديدة أكبرمن أولئك, وإن كنت لا أنكر الفضل لهولاء (الجدعان) في الإيحاء باسم الجمهورية الجديدة, التي حططنا في مرابضها مؤاخرا ولاجل غير مسمى. بالمثل,أيضاً لا أقصد المعنى المتداول لكلمة الجدعان: الشهم, الأصيل,الكريم,بن الاصول. والذي جاء نا من جمهورية مصر الحبيبة بفعل التأثير الإعلامي الهائل , وان كان بدأ يضمحل في العقد الأخير لصالح الخليجي. لكن هذا المعنى التداولي خالص المصرية , لأنه لوكان خليجي لكن( اليدعان). !! على اية حال المعنى الذي ينطبق على واقعنا هو ما جاء في معاجم اللغة العربية من معان لهذه الكلمة:- فجدع بمعنى قطع: قطع أنفه أو أذنه أو طرفا من أطرافه ويصح في حالة اليمن قطع الكهرباء أو البترول أو.. ومن معانيها ضيق عليه في العيش, أو أساء غذاء ولده. ويقال جدعا لك اي قطع الله عنك الخير (بعيدا عنك أيها القارئ الكريم). ويقال تجادع القوم أي تخاصموا وشتم بعضهم بعضا...إلى آخره من المعاني التي تدل على إنطباق هذه المعاني الفصيحة على واقعنا اليمني بحذافيرها.

لقد أشبعنا بعضا البعض جدعا وشتما وتضييق في العيش والإنجرار نحو الفقر المجدع أو المدقع. وكل حزب بما لديهم فرحون. إعترفنا جميعنا بأن هذ نتيجة لحياة الفساد التي عشناها برعاية أولي الأمر والوجاهات و قادة البلاد( من علي صالح إلى علي محسن ومن حميد لاحمد ) . لكننا إختلفنا في التحزب وتحمل النتيجة. وتمترس كل منا خلف مصالح الخوف وخلف القوى التي يظن أنها تحمية من دون الله, فصرنا إلى ما صرنا إليه كملاعين بني إسرائيل, بالضبط, تحسبنا جميعا وقلوبناشتى. وصل الجدع إلى مداه الأقصى. الفقراء في ازدياد مضطرد التسول صار حلا لكثير من الجائعين اللذين تزدحم بهم اروقة المساجد والوزارات والمدارس والمؤسسات واشارات الطرقات.الفساد صار تمام التمام وذاب في نسيج المجتمع بمجاديع دهاة جدعوه (جعلوه ) جزاء من النسيج العملي. ولا حاجة لإعادة المجدوعات التي جدعوها من حقوق الشعب وهي بملايين الدولارات) والغريب ان المليارات اليمنية والعربية التي جدعت من قوت الشعوب, وتسببت في ضعضعة الاقتصادات العربية هي نفسها التي انقذت الاقتصادات الامريكية والاوربية من الانهيار وكما قال المثل( رزق حارم لغارم).

لا تنافس كلمة الجدع إلا كلمة الغرم والغرامة والمغرم.القبيلية اليمنية بالمناسبة هي صاحبة الاختراع الحصري لكلمة "مَغْرم" – ما شاء الله لا قوة إلا بالله- وهذا المفهوم للمغرم والغرُم قد تبنته,في عصرنا الحديث, جهات وشخصيات فاعلة فعلاء, فجعلت الحياة ليست مغنما من اموال واراض وسيارات وحصيلة الاختلاسات والمؤامرات والتقطعات والابتزازات. نعم فلم تعترف ان الحياة مغنم بل مَغْرم( يا رحمتاه للمغرمين). و هي, لمن لا يعلم معناها من المدنيين المبنطلين المساكين, قد عمدت ذلك الاكتشاف الحصري باطلاق وصف "غرامة" على افراد القبيلة,يعني كل فرد من القبيلة عليه أن يسهم بغرم حين يطلب منه الشيخ لأي سبب من الأسباب.

دعونا نعود إلى عصور التاريخ اليمني القديم, لنرى صوره من صور إرث الجدع, مباشرةً بعد مصيبة إنهيار سد مأرب ( ويقال أن فساد القائمين على السد في ذلك الوقت وتواطؤ بلاطجة الفيران مع جدعان ذلك العصر هو السبب وراء ذلك الإنهيار العظيم). و من رحمة الله أن الأجداد حين ترحلوا ليؤسسوا أغلب التجمعات العربية منعٌمان إلى أبي ظبي وعسقلان حتى جبال الأطلس في المغرب الشقيق, من رحمته أنه جعل لهم استراحات وقرى في الطريق, ليرتاحوا من مراحل السفر, لكنهم , قالوا جدعاً لنا, فصدق عليهم أبليس الجديع ظنه في القصة المشهورة في القرآن*.

وبحمد الله وتوفيقه أقول: أن ما سبق هو بشارة لقرب الانفراج, وليس الإنفجار بإذن الله. لأن الشئ إذا زاد عن حده إنقلب إلى ضده. وقد جاوز الجدعان و(المغرمون) كل حد.وإن الفرصة الآن ذهبية لمن يريدأن يثبت أنه مع الدولة اليمنية الحديثة المتطورة العادلة. وبالخصوص لصوص البلاد, اقصد رؤؤس البلاد للتوبة والإصلاح, وإن كان علي محسن وحميد قد أعلنوا أنهم مع التغيير وثورة الغرامة ضد الجدعان المغرمين ( اللذين هم جزء أصيل منه, وقد يشفع لهم قليلا وقليلا فقط سبقهم بالجهر بمظالم المجدوعين الغرامة) إلا أنهم لا يبتعدون كثيرا عن علي صالح وابنه احمد ومن دار في فلكهما. فالميدان متاح للجميع أن يثبت لهذا الشعب أنه مستعد للتضحية من أجله بإقامة العدل على نفسه, وليس بالتضحية بالنفس كما زايد بعضهم. لأن الإستمرار في المنافسة والصراع حتى موعد الانتخابات القادمة, أسوة بالتجربة المصرية,حين يكون الخيار كما يصور الأغلبية بين الاختيار بين احمد وحميد هو مضيعة للوقت وللبلاد وللدنيا والآخرة في حزمة واحدة. فحميد ليس محمد مرسي و احمد عليليساحمد شفيق واليمن ليست مصر. الحل بالمصارحة الربانية والمصالحة الوطنية.أن يعترف كل واحد بما أجرم امام ربه, وكما أسلفنا يقيم العدل والقانون على نفسه. وأن يبادر الجميع للسلام والاحضان. فليحضن علي محسن علي صالح. واحمد علي, حميد,أو العكس. وليبحثوا عن مظاليمهم ليستسمحوهم( وخصوصا في الجنوب الحبيب ) . اما المغاريم المجاديع أمثالي وأغلب اليمنيين فعلينا بحساب المسامحة عل الله يغفر لنا اجمعين ويجعلنا آية للعالمين وإلا فالثورة الثورة: ثورة كليبيا أو سوريا لاتبقي رأساً لفاسد أو لص ٍ قاتل. نعم سيموت فيها الكثيرون, لكن صدقوني الموت في سبيل الله بعزة حير من الإيمان لهؤلاء اللصوص الطواغيت الين مازالوا حتى اليوم يعبثون في الأرض الفساد, وها هي اليمن لأول مرة في تاريخها تدخل في حملات التعاطف وجمع التبرعات, وتلقي الصدقات.. حتى أنني أخشى في القادم من الايام ان تشهر جمعيات الرفق باليمنيين !!!. فماذا نحن فاعلون..