الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٢ صباحاً

فرق .. يستحق أن يُذكر !

أحمد مصطفى الغر
الجمعة ، ١٣ يوليو ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ مساءً
فى ظهر يوم السبت الموافق السادس من شهر سبتمبر عام 1999 ، و بينما يسير فى موكب مهيب ، يتقدمه الكثير من سيارات الحراسة و التشريفات ، إذا بمواطن يقترب من سيارته كى يوصل له شكواه بعد أن ضاقت أمامه السبل ، فقام حراسه بتصفية هذا المواطن فصار جثة هامدة ، و رددت الأبواق الاعلامية المنافقة المملوكة للدولة حينها أن المواطن كان يحاول إغتيال فخامة الرئيس وأنه كان يحمل فى يده مطواة ، و البعض زعم أنها زجاجة ماء نار ، وادعى غيرهم ان دوافع سياسية كانت هى التى تحركه ، لكن الحقائق كانت أنه مواطن بسيط و لم يكن إنساناً خطيراً أو له ملف سوابق سواء جنائية أو سياسية فى أرشيف المباحث ، قال بعض المطلعين على كواليس الواقعة حينها أن هناك دماء تناثرت على بذلة فخامة الرئيس ، فأسرعوا بإحضار بذلة أخرى ، وقد تطوع أحد رجاله بإعطاؤه "كرافتته" ، بالمناسبة : هل تعلمون ان بذلة هذا الرئيس كانت تحوى خطوطا بها حروف اسمه بشكل متكرر ؟! ، مما يعنى انها قد نسجت أقمشتها للرئيس بشكل مخصوص دون غيره ، وصحيح ان هذا يتبعه الكثيرون من أثرياء العالم ..لكن لا يفترض بالرئيس فعل ذلك إذ انه مجرد موظف حكومى برتبة رئيس جمهورية يتقاضى ما يقارب 12 ألف جنيه فقط شهريا .. مما يعنى ــ منطقيا ـ انه ليس من الاثرياء ! ، و للعلم ايضا فقد أحالت وزارة الداخلية 14 ضابطاً الى المحاكمة التأديبية بتهم الاهمال و التقصير ، لقد كان هذا الرئيس هو : محمد حسنى مبارك ــ الرئيس السابق لجمهورية مصر العربية والذى حكمها لأكثر من ثلاثين عاماً متواصلة ! ، وقد خلعه الشعب من منصبه رغم إصراره على البقاء فيه حتى توافيه المنية ، كما أنه كان يخطط لتوريث نجله "جمال" الحكم من بعده !

حينما يزور مبارك أى منطقة فإنها تنقلب إلى ثكنة عسكرية محظور السير فيها طوال فترة زيارة الرئيس لها ، لا مانع من غلق المدارس والمؤسسات والمصالح سواء خاصة او حكومية طالما تقع فى نطاق المنطقة التى يزورها الرئيس ، كل الشوارع التى سيمر منها الموكب تتحول الى شوارع فارغة من كافة أشكال السيارات والمارة ، وتغلق كل الطرق المتقاطعة معها وكذا المحلات المتواجدة فى المنطقة ، وتتولى إدارة الحى أو المنطقة تنظيف شوارعها وأرصفتها وتلميع الواجهات و تنصيب اللافتات التى تحمل أسمى أيات الترحيب بالرئيس الذى تكرم بزيارة المنطقة بزيارة مجيدة ، جيش من مراسلى الاعلام الحكومى سواء صحافة او اذاعة او تلفزيون يغزون المنطقة شأنهم شأن القوات التى تغزوها تماما فيما يشبه احتلال منظم وليس مجرد تأمين عادى لرئيس جمهورية .. حتى أسطح المنازل يسكنها القناصة للتأمين ، أحيانا لا يكون الرئيس أساسا بداخل أيا من سيارات موكبه ( ذاك الموكب الذى علمنا بعد الثورة انه يكلف الدولة ملايين الجنيهات) .. لكن من باب التمويه وحماية الرئيس لابد من الموكب على الأرض بينما الرئيس يتنقل بطائرة فى السماء.

تذكرت كل ذلك عندما رأيت الرئيس المنتخب بإرادة شعبية "محمد مرسى" وهو على المنصة فى ميدان التحرير ، عندما رأيت موكب متواضع يكاد يوازى موكب محافظ و ربما أقل منه ، وأقل من مواكب الوزراء ، رئيس امام جموع غفيرة بدون سترة واقية من الرصاص ، هذا فرق يستحق أن يُذكر .. بعد ثلاثين عاماً كان الرئيس فيها يتم معاملته معاملة من نوع خاص جداً وكأنه ليس بشراً ، كنا طوال تلك الفترة نتحصر عندما نرى مواكب رؤساء الدول الأخرى وإلتزامهم بأداب السير على الطرق ومعاملتهم معاملة عادية ، يبدو أن مصر تغيرت حقاً !