الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٢٠ مساءً

قصة تدمير الاتصالات (2 )

عبد الرحمن البخيتي
الثلاثاء ، ١٧ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٥٤ مساءً
لم تفأجني ردة الفعل على الجزء الأول من هذه القصة ، وبالرغم من ذلك نواصل قصتنا عن الاتصالات.

لان الاتصالات قطاع غني ويستطيع الوقوف على قدميه في أي لحظة وتحت أي ظرف من الظروف ، المهم النية الصادقة والعمل الجاد ، ولكن في حالتنا هذه الآية معكوسة والبحث يتم عن الربح السهل والتخطيط الآني لحل المشاكل طبعا هنا بافتراض حسن النية وقلة الخبرة لدى قيادة الاتصالات وهو افتراض لا يعقل ولن يصدقه احد ، وعلى ضوء ذلك نحن إذن أمام تخطيط مسبق ونية مبيته لتدمير هذا المرفق بغرض الحصول عليه كاملا ونقل ملكيته من الشعب اليمني إلى ملكية خاصة ولا تهم الطريقة عندهم للوصول إلى ذلك ، وهكذا لا يتم الخروج من مأزق حتى تدخل الاتصالات في ورطة ولأجل الخروج من ورطة العجز المالي وسداد ديون المقرضين من الصناديق الائتمانية والبريد وغيرها وجدت الاتصالات الحل للخروج من ذلك أن لديها موافقة مسبقة من مجلس الوزراء من عهد القيادة السابقة للاتصالات لإنشاء شركة ثالثة للهاتف النقال تتبع مؤسسة الاتصالات وكان الجميع بانتظار انتهاء فترة الامتياز لسبأفون و ام تي ان حسب القانون وكان هناك قرض كوري بمبلغ 30 مليون دولار مخصص للهاتف النقال وهو أيضا من زمن التخطيط القديم ، وعند اقترب موعد دخول الاتصالات هذا المجال بدأت أعمال لوبيات الضغط لتحديد نوعية النظام الذي ستستخدمه الاتصالات وعقدت اللقاءات والمشاورات ووضعت الدراسات والمقارنات وكان من ضمن اللجان المختصين وذوي الخبرة والعلم وهناك الآخرين وحدد المختصين خيارهم وتوصيتهم باختيار النظام العالمي المعروف باسم GSM بدلا من النظام الامريكي المحتكر والمعروف باسم CDMA ورغم كل المميزات للنظام الأول تقنيا واقتصاديا ورغم معرفة الجميع أن بالإمكان الحصول على ما يقارب المليون مشترك في غضون أشهر معدودة إن لم يكن أسابيع
وفي خطوة غير مفهومة إلى اليوم تم اختيار نظام سي دي ام ايه ودخلت الخدمة شركة يمن موبايل في 22 – 9 - 2004 مما جعل الشركات الأخرى تتنفس الصعداء وتصبح هي صاحبة الكلمة العليا في هذا المجال والرابح الوحيد ، ولتتويه الناس عن سو الاختيار وفي تاريخ 29 -7 -2006 تم الإعلان عن شركة يمن موبايل شركة مساهمة محدودة بين الاتصالات والمواطنين من جهة والاتصالات والصناديق الائتمانية والبريد والشركات والبنوك حيث وصل عدد المساهمين إلى (30274) مساهماً كأفراد من جميع المحافظات وعدد (4568) مساهماً من موظفي الاتصالات وعدد (83) جهة اعتبارية ما بين شركات ومؤسسات وبنوك، إضافة إلى (المؤسسين(. وهكذا تم تسديد الديون من ناحية ومن الناحية الأخرى وضع الطامعون أول قدم حقيقية لهم في عالم الاتصالات وحجتهم في ذلك تشجيع الاستثمار وانه سيتم تدشين سوق الأوراق المالية في اليمن قريبا ( البورصة ) والذي لم يحدث حتى اليوم لان الهدف هو امتلاك يمن موبايل.

وعند ما نقول أنهم وضعوا أول قدم لهم في الاتصالات فإننا نعني أن الأمر تعدى مجرد توجيه الأوامر والطلبات عبر تحويلات دار الرئاسة والأمن القومي والقصر الجمهوري فالآن لهم رجالاتهم وموظفيهم يعملون فيها ويتلقون الأوامر منهم مباشرة ومن هولا الموظفين قياديين ومنهم الموظفين العاديين إلى جانب الآخرين الذين يقدمون خدماتهم مجانا طعما في نيل الرضاء وكسب المودة وكل ذلك على حساب الاتصالات فنيا وماليا.

وقد أصبحت يمن موبايل هي حصان طروادة للسيطرة على عالم الاتصالات في اليمن وخاصة في المجال الأمني والمعلوماتي، ناهيك عن استخدامها كغطاء لاستيراد أجهزة ومعدات ومحطات لهذه الجهة أو تلك وتدريب أفراد الجهات الأخرى في الخارج عن طريق الاتصالات وعلى نفقتها أحيانا ، يتم ذلك لان صلاحيات رئيس مجلس الإدارة تصل إلى صرف حوالي (5) مليون دولار دون أن تعُرض على مجلس الإدارة أو أي جهة أخرى وتخيلوا معي ماذا يمكن أن يفعل مبلغ كهذا ، ناهيك عن آلاف الأرقام المجانية والتي تفيد المعلومات أنها تتبع جهة أمنية من الجهات ذات النفوذ داخل يمن موبايل ،هذه إشارات وتلميحات فقط لتأكيد مدى السيطرة لأجهزة وقوى على الاتصالات ويمن موبايل نموذجا فقط حتى يحين الحديث عن يمن نت وتليمن ، ولان حديثنا اليوم عن يمن موبايل لا ننسى ذكر العبث الذي رافق افتتاحها وخاصة توزيع أجهزة الهاتف لجهات ومرافق حكومية وخاصة بواسطة أفراد وعمال ومدراء وغيرهم حتى أصبح هولا وهم كثر تجارا وأجهزة يمن موبايل تجارتهم، وكثير من هولا باع الأجهزة واستلم الثمن ولم يورد قيمة الأجهزة حتى اللحظة والبعض الآخر اخذ عمولته وترك بقية المبالغ لدى الجهات المستفيدة منها وهي مبالغ بمئات الملايين من الريالات تحملتها كلها مؤسسة الاتصالات ودفعت أثمانها للتجار كاملة عدا ونقدا ومازالت هذه المديونية مرحلة حتى اليوم وما زالت مخازن مؤسسة الاتصالات مكدسة فيها أجهزة التلفونات تلك تباع بين الحين والآخر للعاملين المضطرين بأسعار رمزية (3000 )ريال مع أنها حسبت على الاتصالات بخمسة أضعاف هذا السعر وأكثر، والى اليوم يظل السؤال لماذا لم يترك التجار يستوردون ويبيعون لأنفسهم أو تقوم الاتصالات بذلك من نفسها ، والجواب بسيط حينها نظام تشغيل يمن موبايل مجهول ولا توجد شركات في العالم تصنع أجهزته لعدم وجود أسواق لهذا النوع من الأنظمة أذن دع التجار يبحثون ويفاوضون ويستوردون وانأ أتعهد لهم بالتصريف والتسويق وأسدد لهم القيمة مباشرة من عندي أي بكل بساطة الربح لهم والخسارة عليا وأصبح الجميع وكلاء يمن موبايل .

وختاما لكلامنا اليوم لابد من التذكير باسهم يمن موبايل وكيف تحولت من ملكية الشعب إلى ملكية أفراد منه وعلى سبيل المثال لا الحصر مسئولي الاتصالات يملكون مئات الآلف من الأسهم بل أن احدهم يمللك وحده أكثر من مئة ألف سهم ، أما من خارج الاتصالات فحدث ولأحرج بضعة أسماء لها صلة بأصحاب السلطة السابقة والحالية يملكون مئات الآلف الأسهم ويجنون سنويا مئات المليارات من الريالات كان من الطبيعي أن تورد إلى خزينة الدولة ، وهم من يسيطرون على مجلس الإدارة ، وهذه هي نتيجة مشاريع الزمن الذهبي والذي ستكون مشاريعه هي موضوع حديثنا التالي ، ولا يسعنا إلا أن نقول فعلا انه بالنسبة لهم عهدا ذهبيا لا جدال فيه ..... يتبع