الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٨ مساءً

حتى لا نصنع من رئيس الوفاق دكتاتور بالشرعية الدولية

معاذ راجح
الاربعاء ، ١٨ يوليو ٢٠١٢ الساعة ١٢:٢٠ مساءً
يمضي الرئيس اليمني التوافقي المشير عبد ربه منصور هادي بخطأ ثابته في مسار نقل السلطة سلمياً من النظام السابق المعروف بنظام علي عبد صالح العائلي ، إلى نظام جديد مستنسخ من سلفه وإن كان ذلك الاستنساخ مٌشرعاً بحجج الوفاق السياسي ، و المبادرة الخليجية التي أعطت الرئيس اليمني صلاحيات تفوق سابقيه ومعاصريه من الحكام العرب.

قد أكون متحامل على الرئيس عبد ربه منصور، لكن تحاملي هذا مستند على حيثيات ودلائل واضحة وشهادات واقعية ،و ابدأ بالتعيينات العسكرية والأمنية والمدنية التي اتخذها الرئيس وهي لا ترقى إلا إلى كونها تنقلات وإعادة تموضع لأشخاص هم أنفسهم دون تغيير ، توحي في مجملها بان هادي لم يخرج من عباءة النظام السابق، بل و يعيد إنتاجه وصبغة بصبغة ثورية ، اللهم إلى ما يخص تعيين قائد جديد للدفاع الجوي .،
أما ما يتعلق بالخطوات المتبعة في الإعداد للحوار الوطني والتي يكتنفها الكثير من الغموض حيث يرى مراقبون أن الرئيس اليمني يهرب من الأمور المستعجلة (معيشة ، اقتصاد ، أمن)إلى الأمام ويسارع في عقد مؤتمر الحوار دون أن يعطيه حقه الطبيعي من التهيئة والإعداد الجيد والمناسب بما يكفل ارضى كل الأطراف السياسية وأشراكها في العملية التحضيرية.

وفي حين نصت المبادرة الخليجية على أشراك الشباب في مختلف الساحات و من مختلف الأطراف وإشراكهم في تقرير مستقبل الحياة السياسية" ، إلى ان هذا لم يحدث حيث اسقط الشباب من الحسابات الرئاسية واستبعدت محافظات وساحات منها ذمار وشبوة واستبدلوا بمن يوصفون ببلاطجة النظام السابق في عصر والتحرير.

لم يستجد شيء بخصوص هيكلة الجيش وإقالة بقايا اسرة العائلة والتي يصر الرئيس هادي على استمرار تواجدهم بجانبه متجاهل للنصوص الصريحة للمبادرة الخليجية وآليتها المزمنة حيث تنص الآلية التنفيذية على " قيام لجنة الشؤون العسكرية بتهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة مهنية ووطنية موحدة في إطار سيادة القانون"،وهذا ما يعني إقالة القيادات الغير المهنية والمتمثلة في أصحاب الولاءات الغير وطنية والمقصود بذلك أولاد الرئيس السابق واقاربه ،مضاف إلى ذلك "إنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابة".

لقد تركت أبواب الخلافات مفتوحاً على مصراعيه حيث جرى تنفيذ المبادرة الخليجية والتي اشترطت أن يشكل الرئيس(نائب الرئيس في ذلك الحين) ورئيس الحكومة في غضون 15 يوما من دخول المبادرة الخليجية حيز التنفيذ، لجنة التفسير لتكون مرجعية للطرفين لحل أي خلاف في تفسير المبادرة الخليجية وآليتها، وهذا ما لم يحدث مما يجعل تساؤلات كثيرة حول أسباب تجاهل هذا البند المهم في استمرار تنفيذ المبادرة ونجاحها ؟؟.
أصبحت السيادة الوطنية في متناول الدول الراعية للمبادرة ومضاجعه لسفراء الغرب ، ما يعني تناسي الرئيس هادي لدورهم المقتصر على الرقابة على تنفيذ المبادرة وفرض عقوبات على معيقي تنفيذها وليسوا شركاء في اتخاذ القرار وهذا ما أشار له الأمين العام للحراك الجنوبي في استنكاره لتدخل السفير الأمريكي في الشئون اليمنية الداخلية من خلال تدخله في تغيير الأسماء من شباب الثورة واستبدالهم بشباب من المؤتمر الشعبي العام المشاركين في لجنة الحوار".

ربما أن الرئيس عبد ربه يعتمد على الخارج في نقل السلطة أكثر من اعتماده على الأطراف السياسية الموقعة على المبادرة ، وهذا في حد ذاته استبداد سياسي وخيانة لسته ملايين يمني منحوه الشرعية وأعطوه ثقتهم دون شرط أو قيد.

أنني مؤمن بشركاء العمل السياسي وقدرتهم على إخراج البلاد من الوضع الراهن ، ومن ضمنهم الرئيس هادي إلا ان أيماني بشخص الرئيس أصبح مهزوز مع ثقتي في وطنية الرجل وحرصه على إنجاح عملية نقل السلطة ، لكن ذلك لا يبرر السكوت عن الهفوات التي يقع فيها المشير تحت طائل الضغوط الثقيلة الملقة على عاتقه ، و اليمن يحتاج لأكثر من حسن الظن بسيادة الرئيس.

وفي هذا الوضع تقع المسئولية على الأطراف السياسية المتوافقة من المؤتمر الشعبي والمشترك وشركاءه في تنوير الرئيس والضغط عليه وانتزاعهم لحقوق المشورة والإشراك في الرأي ، وأن يخرجوا من خندق الخصومة إلى ساحة الشراكة الحقيقية الشفافة ، ويوقفوا بحزم كل أشكال التدخلات الخارجية فيما يخص تنفيذ المبادرة الخليجية بما لا يتعارض مع دور الرعاية والرقابة الدولية ، ومهما كانت خصومات الماضي ومحاولة الاستحواذ على حصص أكثر وهي مبررة في الفقه السياسي الاعتيادي ولكنها غير مناسبة للوضع الاستثنائي الحاصل في اليمن ، وعلى قوى التسوية السياسية استدراك ذلك واستيعاب التحديات ، كي لا يترك الشأن اليمني مرهون بشخص واحد ،و حتى لا نصنع من رئيس الوفاق دكتاتور بالشرعية الدولية.