الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٠٠ مساءً

الحوار في جمهورية المبادرة السعودية

اسكندر شاهر
الاثنين ، ٢٣ يوليو ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ صباحاً
"الثورة" جامعة مانعة في تعريفها للتغيير .. هذه حقيقة آكدة ليس لأنها منزلة من السماء بل لأنها مرتفعة من الأرض إلى السماء ، ودون ذلك "خرط القتاد" ..

قبل أيام أصدر رئيس "جمهورية المبادرة السعودية / الخليجية" عبده ربه منصور هادي قراراً جمهورياً بتشكيل لجنة (فنية) للتحضير للحوار الوطني ، أنصح بعض أعضائها بأن يعتزلوا (الفن) باكراً ، ولا أنصح البعض الآخر لأنه " رُفع عنهم القلم " ..

بعد أن أتممتُ قراءة القرار والأسماء تساءلت سؤالاً بسيطاً معقداً : أين هي الثورة ؟ .

السؤال له ما يبرره .. فالرئيس والقرار ولن أقول اللجنة كلها يسبحون بحمد المبادرة الخليجية ويحوم القرار حولها كما لو كانت "كعبة مُشرّفة" .

وثمة ملحقات عدة لسؤالي من مثل : حوار المشترك والمؤتمر مالجديد في الأمر ؟ ألم يخوضوا ماراثونات من الحوار قبل الثورة ؟ ألم يوقعوا لتمديد البرلمان أكثر من مرة بعد حوار تلو الحوار ؟ أم ان الثورة جاءت لتضيف إلى الحوار اسمين من الحوثيين الذين يرفضون أساساً المبادرة السعودية فيما القرار يؤكد عليها (المبادرة) كما لو كانت قُدس الأقداس ، وأين هي القضية الجنوبية موضوعاً وأين هو الحراك الجنوبي تمثيلاً في اللجنة ؟ أم أن المبادرة تخرج هذه القضية المركزية من حساباتها وأن أي قرار لرئيس جنوبي جاءت به المبادرة لابد أن يُخرجها أيضاً ؟

بعضهم يتناسى أن تجاهل القضية الجنوبية في المبادرة الخليجية ليس تجاهلاً فحسب بل إرادة سعودية لتقسيم اليمن وليس رغبة إيرانية في ذلك حتى لو دعمت الأخيرة علي سالم البيض !! كما يُقال ، فالسياسة لها مقتضيات لا مرئية .

إيران ليست جارة كهنوتية لتتضرر من ثورتنا وهي المتهمة دوماً بتصدير الثورة ، كما لم تقدم مبادرة تجاهلت قضية الجنوب لنحملها أية مسؤولية ولا شك أن طهران في حرب 94م كانت بعيدة جداً بقدر ما كانت الرياض الأقرب بل وفي قلب الحدث / المأساة .

قرأتُ كثيراً من المقالات والتعليقات على قرار هادي تشكيل لجنة فنية للتحضير للحوار ، ووجدت أن اللغط الذي دار حولها كان هو الآخر خارج إطار الموضوع الأساسي الذي هو (الحوار) حسبما يدعون ؟

ولذلك لم أجد بُداً من أن أسجل تعليقي على هيئة تساؤلات أكثر منه إجابات أو تحليلات فلديّ قناعة بأن الإجابات الشافية تكمن في الثورة وليس في التسوية والمبادرة ، وقناعة أخرى بأن التحليلات تضل سبيلها مادام الأفق الثوري ملبداً بالغمام والمسار السياسي يحتضر ، والمشهد يمضي على غير هُدى ، فالتسوية السياسية مشلولة ويريدون مداواتها باستخدام (الحوار) ، فيما الثورة ترزح تحت وطأة مؤامرة دولية مسنودة محلياً بمنظومة النظام السابق الذي يريد أن يحاور نفسه في تمثيلية ثقيلة دم وباستخدام "كومبارس" من الوجوه الجديدة أو "ضيوف شرف" من تلك المحسوبة على قوى التغيير الفعلية .

سبق أن ذكرت بعض التساؤلات وأضيف إليها .. هل يحتاج توفير الماء والكهرباء إلى حوار وتأمين لقمة العيش إلى حوار وتنظيف القمامة وتوظيف عمال النظافة فضلا عن العاطلين عن العمل في بقية المجالات هل يحتاج الأمر لحوار ؟ أم أن هذه الأمور المطلبية الأساسية تحتاج إلى قرارات جمهورية ووزارية لمن قبلوا تحمل المسؤولية ؟! ليقولوا لنا في المحصلة بأنهم أسوأ من علي عبد الله صالح الأحمر الذي يحتفل مجدداً بعيد الجلوس على العرش محصناً مطمئناً أكثر من أي وقت مضى ؟ .

وهل رفض التدخل الأجنبي واستعادة السيادة الوطنية المنتهكة والمسلوبة يحتاج إلى حوار ؟ وهل الكشف عن شبكات التجسس الصهيونية الموجودة على الأرض إلى الإعلان (الخطير!) أقل أهمية وضرورة ومصداقية عن كشف شبكة تجسس إيرانية موجودة في رأس رعاة المبادرة الخليجية وليس في رأس عبده ربه هادي الأسير في معتقلهم ؟! .

إيماءة ..
صحيفة يمنية (محسوبة / تابعة) للواء علي محسن الأحمر تكذب في موضوع انشقاق القائم بأعمال سفارة دمشق بصنعاء في وقت كانت فيه قناة الجزيرة والعربية تكذبان بأن دمشق سقطت!! ، ووزيرة في حكومة المبادرة الخليجية تنافق أو تمارس قناعتها (الانبطاحية) مطالبةً بإغلاق السفارة السورية وهي تزور سفارة واشنطن بصنعاء -التي تقتل أبناء جلدتها - أكثر من "زيارة أقاربها الجنوبيين " ..
صحيح أنّ اغتيال وزير الدفاع السوري وقادة كبار في الجيش السوري يُعد اختراقاً بالغاً ولكن الأصح بأن الحوار الوطني في سورية أكثر جدوى من الحوار السعودي في اليمن ، ولا شك بأن إسرائيل سعيدة بأن (العُربان) يوفرون لها فرصاً ذهبية لم تتمكن منها من قبل ، والأكثر صحة من كل هذا أن سورية قبل حادثة الأمن القومي لن تكون سورية بعد هذه الحادثة وللتاريخ عبر وعظات لو كانوا يفقهون ... !! .