الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٦ مساءً

( الجنبية ) وشكرا

سلمان السعيدي
الخميس ، ٠٩ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
اذكر انني سمعت يوما عن قصة يمني ( مجعجع ) قديم , لا يختلف حالة عن حال ( المجعجع ) اليمني الحاضر رغم تقادم الزمن , وتغير الصحراء الى ابراج عالية والبادية اصبحت حضرا لكن هذا الحال لم يولد حتى اللحظة في شبة الجزيرة العربية . المهم انة قال الراوي ان احدهم غادر اهلة واحبابة وبلدة بحثا عن لقمة عيش يسد بها رمقة ويطعم افواها جائعة ويكون حياة انسانية . ذهب صاحبنا الى احد بلدان الله وطالت غربتة لسنوات عدة ثم قرر بعدها ان يقوم بزيارة خاطفة يلقي فيها التحية والسلام ويرى من تركهم ومن تغرب لاجلهم , وما ان وضع قدمة في بلدة حتى اشترى بجميع ما يملك اللباس اليمني المسمى ( الجنبية ) وطرق ابواب بيتة فسألة الاولاد ومن ينتظرونة عن ما احضر فأجاب : الجنبية وشكرا .

حال الطالب اليمني ( المبتعث ) لا يختلف كثيرا عن حال صاحبنا والاجابة المذكورة سابقا لها رابط عجيب باجابة الطالب عندما يعود لأهلة سنعرفها في نهاية المقال . يقضي الطالب اليمني غربة مأساوية وايام صعبة لمدة خمس او ست سنوات ربما تكون متواصلة عند احدهم لأنة وبكل بساطة لا يتحمل الاف الدولارات نفقات سفر فيظطر للمكوث بين جدران اربعة يسمع ( حنين المفارق) , ويكتب الاشعار , ويقاطع من يهمة الامر عند هذة الكلمة بقولة : انظرو فان الحاجة تولد الابداع . وهنا أجيب : ( هذة هلة ) .
هذة السنوات ينقضي اليوم منها بين قاعات الدراسة , واربعة جدران لاستكمال اعمال الدراسة ايضا , الا قلة قليلة شاذة عن المعهود عن الطالب اليمني الذي يشهد لة بالاصرار والاجتهاد والتميز . كل المشاكل والمأسي لا تعد شيئا امام صلابة ورباطة جأش اخونا هذة الطالب . الكثير ايضا من المنغصات السنوية تحدث بشكل منتظم باتت تعد من الاختبارات التي لا بد ان يجتازها الطالب اليمني دون غيرة كي يثبت انة قادر على تحمل المشاكل والصعاب , تبدأ اولها منذ دخولة مطار البلد وتنتهي برحيلة منها . المشاكل لا تعد ولا تحصى لكن اهمها ما يحدث ظمن اطار الحرم الجامعي اهمها الحرمان من دخول الاختبارات واخرها الحرمان من الحصول على شهادة التخرج لأن رصيدة امتلأ ولا بد من سداد الرسوم الدراسية .

في الصناعة يوجد محطات عمل مختلفة لابد ان يمر خلالها المنتج حتى يصل الى الشكل النهائي المكتمل , وهكذا يمر محمد او عمر او علي بهذة المحطات لكن جلها لا يتحملة احد الا الطالب اليمني . اذا اخذنا اخر هذة هذة المحطات وهيمحطة الوداع فلابد من اخذ الجرعة المعتادة قبل عبورها لكنها اكثرهن مرارة وصعبة الاستساغ حينما يعود صاحبنا هذا المغلوب على امرة بخفي حنين دون شهادة او وثائق فقط لانة لابد من تصفية الحساب قبل الحصول عليها .. هنا تنتهي الخيارات عند صاحبنا ولا بد علية من حمل امتعتة والعودة لبلدة لانة لم يعد مقيما شرعيا وبالتالي تكون العودة بدون هوية , وحتى بدون جنبية كما عاد ذلك المغترب . يجهز المبتعث حالة وعدة وعتادة حاملا كتبة التي قظى جل وقته معها لسنوات عدة , وهناك عند مطار بلدة ينتظرة الكثيرين بالزغاريد والورود لكنهم لا يعلمون ان سعيدا عاد بكرفتة وملابس نظيفة لكنة ترك شيئا ما وراء ظهرة . لكن ابوبكر ليس واثقا ان هذة نهاية المأسي لانة ينتظرة الكثير فلا بد من سراب على الطريق ولا بد من ليل بدون نجوم وربما شمس الصبح تتأخر لكن الأمل يظل موجودا فعلي بالطبع يمني وان لم يعش بأمل سيموت . اخيرا : عبدالرحمن اجاب والدة بمطار صنعاء اين شهادتك فقال : الجنبية وشكرا . هنالك صفق الحاضرون وضحك الاطفال وتذكر التاريخ محمد عبدالولي و ( ليتة لم يعد ) .