الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٠٠ صباحاً

المعلومة .. التى أحالته للتقاعد !

أحمد مصطفى الغر
الخميس ، ٠٩ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٥٠ مساءً
فى مصر .. أفعال صغيرة تؤدى إلى حوادث خطيرة ، لا يدرك أصحاب تلك الأفعال مدى خطورة ما يقومون به أو ما يقولونه ، لتكون نهايتهم نتيجة حتمية ـ بل و ضرورية ـ لأفعالهم ، أطاحت وثيقة المبادئ الاساسية للدستور التى خرج بها على حين غفلة من الوطن ليعلنها "د/ على السلمى" النائب السابق لرئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطى ، تلك الوثيقة لم تطيح بالسلمى فحسب ، بل كانت مسمار فى نعش حكومة عصام شرف نفسه ، من قبله كان د/ يحيى الجمل الذى فرح كثيراً بمنصب نائب رئيس وزراء ، لكن المنصب لا يدوم .. خصوصا أن الرجل كان من محبى التصريحات المثيرة للجدل ، لعل أكثرها غرابة هو أمنيته برؤية صفوت الشريف وزكريا عزمى فى القفص مع عدم محاكمة أحمد فتحى سرور لأنه كان صديقه فى كلية الحقوق ، هذا بخلاف عدم تأدبه عند الحديث عن الذات الالهية ، لقد كان صداع فى رأس الحكومة خصوصا كلما صرح أو ظهر إعلاميا .. حيث كان من محبى الظهور فى الفضائيات.

اللواء مراد موافى رئيس جهاز المخابرات العامة سابقا ، هو أيضا أحد هؤلاء الذين أطاحت بهم أشياء صغيرة تحولت إلى حوادث كبيرة .. ربما نتيجة إهمال أو سوء تقدير أو كليهما ، هى "معلومة" صرح الرجل بأنه كانت لديه وانه رفعها لمن هم فوقه من متخذى القرار ، لكن يبدو أن تلك المعلومة المشؤمة كانت هى الحبر الذى كُتِبَ به قرار إحالته الى التقاعد ، طبقا لتصريحات موافى فإنه " كانت لديه معلومات مؤكدة عن وجود تهديدات بهجوم إرهابى يستهدف وحدات فى سيناء قبيل وقوع حادث رفح" ، غريب حقا أن يكون لديه معلومة خطيرة كهذه قد تؤدى ــ وقد أدت بالفعل ــ إلى إزهاق أرواح مصرية و إسالة دماء طاهرة و زعزعة للأمن والاستقرار و ربما تبعات خطيرة على السياحة والاقتصاد .. ومع كل هذا يغيب الرجل كل هذه الفترة منذ وقوع الحادث الى أن أدلى بالتصريح ! ، أليس من يملك المعلومة مسبقا كان لديه القدرة أن يدلى بتصريحه بعد دقائق من وقوعه ؟!

خطأ آخر وقع فيه اللواء عندما أشار إلى أن هذه المعلومات لم تشر إلى مكان أو توقيت الهجوم ، إذن ما فائدة جهاز المخابرات إن لم يعمل على تحديد هذه الأشياء الهامة جدا و المحيطة بمعلومة خطيرة حول وقوع هجمات و إعتداءات ؟! ، وفى نفس الوقت إتخذ الجانب الاسرائيلى احتياطاته ولم يأخذ المعلومة على محمل الهزر ، حتى عندما أدلى اللواء موافى بأنه أبلغ القيادات ومتخذى القرار بشأن المعلومة ، فإن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية والدستورية محمد جاد الله نفى علم الرئيس بما أعلنه موافي في هذا الشأن .. قائلا: «ما نشر بشأن أحداث رفح على لسان اللواء مراد موافي لا تعلم مؤسسة الرئاسة به ولم يعرضه موافي على رئيس الجمهورية خلال لقائه به» ، وهو ما يفتح أبواب اخرى للتساؤل عن الجهات التى أخبرها موافى بمعلومته ؟ ، وهل كان يتعمد إخفاء معلومات عن مؤسسة الرئاسة ــ أعلى جهة حاكمة ومتخذة للقرار فى مصر ــ لاحراج الرئيس ؟

فى الواقع لقد إنشغل كثيرون عن أداء مهام أصيلة من عملهم و بحثوا عن مكاسب سياسية و كانوا جزءا منها ، و ربما تم توظيف طاقات أجهزة معينة لتقوم بأعمال غير أعمالها لأهداف معينة على حساب المهام الاساسية لها ، ربما سيظل سيذكر اللواء موافى تلك المعلومة طوال حياته .. لكن لو فرضنا جدلا ان الزمن قد عاد الى الوراء ، فكيف كان سيتصرف حينها ؟