الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٤ مساءً

الواقع اليمني .. وضمانات الثورة المدنيه

بشير المصباحي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
تواجهنا اليوم عوامل إجهاض للثورة ومحاولات إلتفاف على مطالبها وأهدافها المشروعه وتلك العوامل بالرغم من تعدد إتجاهاتها الداخلية والخارجيه وكذلك إختلاف أطرافها في الساحة الداخليه وتعارضها إلا أنها وكما يبدو فإنها تلتقي حول تحقيق الأجندة السياسيه لطرفي المعادله بعيدا عن الثورة والأهداف التي قامت من أجل تحقيقها ، حيث أننا قد أصبحنا ندرك أن المؤثر الخارجي على الإتجاهين قد بدا واضحا بنفس المقدار من خلال ضبابية المواقف إتجاه الثوره.
وفي هذه الحاله ومن أجل أن لا تكون ثورتنا جامدة في تعاملها مع المصالح العامه وخاصة إذا ما تحققت أهداف الثورة بأقل ثمن على الثوار والوطن بشكل عام فإننا لا بد أن نقوم بدراسة الضمانات التي يجب علينا أن نقوم بصياغتها كميثاق شرف ملزما لجميع أطراف الصراع السياسي في الساحة الوطنيه والذي في حال الإلتزام بهذه الضمانات من قبل الجميع فإن الثورة لا يمكن أن يتم تجيير مسارها لصالح هذا التوجه أو ذاك.
كما أنها سوف تكون كفيلة بكشف نوايا قادة التيارات والأحزاب السياسيه على حقيقتها إتجاه الثوره في حال قبول الإلتزام بهذه المبادئ من عدمها ، وسوف يتضح حينها من يقف إلى جانب مصالح اليمن وتقدمه ومن يعارض خيارات الشعب الإستراتيجيه ويقف في وجهها حجر عثرة .
وقد حاولت الإجتهاد في كتابة جزء من هذه الضمانات لمناقشتها والتعديل أو الحذف أو الإضافة عليها في إطار حلقة نقاشيه ينظمها الثوار من أجل بلورة رؤية موحده في إتجاه فرض قرارات الثوره وإلزام السياسيين بعدم السير خطوة نحو الأمام في إبرام أي إتفاق سياسي إلا في إطار الإرادة الثوريه وعدم تجاوزها.
ومن وجهة نظري فإن هذه الضمانات العشر ستحد من قدرة النافذين في مختلف التكوينات السياسيه القائمة من سلطة ومعارضة ومن يقف إلى وراءهم من أطراف داخلية وخارجيه ، وستمنعهم بشكل مباشر أوغير مباشر من التدخل في مرحلة ما بعد نجاح الثوره وهذه الضمانات كالتالي:-
أولا:- يتعين عدم إعتماد أي نتائج لأي مفاوضات تتم بين السلطة والمعارضة تحت أي سقف مالم تكن نابعة من إرادة الثوره ومعبرة عن أهدافها وتطلعاتها التي قامت من أجلها.
ثانيا:-
لا يحق للأشخاص التالية ذكرهم أو أقرباءهم حتى الدرجة الرابعه أن يتقلدوا منصب رئيس الجمهورية أو نائب الرئيس أو المناصب العليا في الدولة سواء كانت هيئة رئاسة البرلمان أو الحكومة أو أجهزة السلطة القضائيه وهؤلاء الأشخاص بصفاتهم الوظيفية التي تقلدوها من بعد حرب 1994م وهم كالتالي:
1- من تولى منصب رئيس الجمهورية أو نائبه.
2- من تولى منصب رئيس مجلس النواب .
3- من تولى منصب رئيس الحكومة أو أحد نوابه.
4- من تولى منصب رئيس مجلس الشورى.
5- من تولى أحد المناصب القيادية في الجيش إبتداء من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وحتى قادة المناطق والألويه.
6- من تولى قيادة الأجهزة الإستخبارية في الدوله.
7- من تولى منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى.
8- من تولى رئاسة الدولة للفترة الإنتقاليه.
9- قوى النفوذ والمصالح المرتبطة بالسلطة ورموز الحكم إرتباطا وثيقا من وزراء ومحافظين ومشائخ وغيرهم.
وتكون هذه الشخصيات أو أحد أقرباءها حتى الدرجة الرابعه ممنوعة من الترشيح أو العمل في أحد المناصب القيادية العليا للدولة لمدة دورتين إنتخابيتين كاملة من تأريخ نجاح الثوره وذلك حتى تستقيم الأمور بشكلها الصحيح ويعم مبدأ الثواب والعقاب وتطبيق معايير شغل الوظيفة العامه وفقا لمبادئ عامة ومجرده بكل إلتزام و نزاهة وشرف وأمانه .
ثالثا:-
في حال تم الإتفاق على ألية لإنتقال السلطة من النظام السابق برئاسة النائب أو أحد الشخصيات التي يتم التوافق حولها فيجب أن تحدد بمدة إنتقالية يتم خلالها الإعداد لإنتخابات رئاسيه ونيابيه في وقت واحد ويتم إجراءها خلال مدة زمنية محدوده وفقا لإجراءت وضوابط قانونية تضمن النزاهة والشفافية للجميع وسواء كان ذلك في إطار الدستور الحالي أو بعد التعديل للمواد والقوانين المتعلقة بالإنتخابات والطرق والأليات المتبعة في سبيل تنفيذها وذلك وفقا لما سيتم التوصل إليه ضمن إتفاق نقل السلطه.
رابعا:-
إذاتم الإتفاق على تشكيل حكومة كفاءات إنتقاليه تمثل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضه فيجب أن يكون النائب الأول لرئيس الوزراء من الشخصيات المستقلة المساندة للثوره يختار هذه الشخصيه شباب الساحات وفق أليات محدده من ضمن الأشخاص أصحاب الكفاءت القيادية العاليه.
خامسا:-
السماح للشباب الغير منتمي للأحزاب الموجوده في الساحه الوطنيه القيام بتشكيل حزب سياسي جديد وفقا للضوابط والإجراءات القانونية والدستورية المتبعه .
سادسا:-
على كل طرف من قيادات الأحزاب القائمة القيام بتأكيد رسائل الوحدة والحب والإطمئنان والسلام لمؤيدي ومناصري الطرف الأخر ، بحيث يكون الهم الوحيد الذي نجتمع حوله يتمحور حول مصلحة الوطن دونا عن ما سواه، وأن الهدف الرئيسي من التغيير هو لإجتثاث الفساد والمحسوبيه وتعزيز روح الوحدة الوطنيه وتعميق عرى المحبة والتلاحم بين كل الفرقاء في سبيل القضاء على كل الأوضاع السيئة التي تعاني منها البلد.

سابعا:-
يتم الأخذ في الإعتبار عند إجراء التعديلات الدستوريه وإنطلاقا من تعزيز الوحدة الوطنية بأن تتكون مؤسسة الرئاسة من رئيس ونائب ويشترط على كل حزب أو مرشح للرئاسه أن يتم إختيار النائب مسبقا وإعلانه للشعب قبل خوض المنافسة الإنتخابيه ، على أن يراعى في إختيار المرشح لمنصب نائب الرئيس بأن يكون من أبناء المحافظات الشماليه في حال كان المرشح لمنصب الرئيس من المحافظات الجنوبيه والعكس صحيح ، وينطبق الحال إذا تم إعتماد النظام البرلماني للحكم على رئيس الحكومة ونائبه ، ولا يستطيع الرئيس في هذه الحالة عزل النائب أو تعيين بديلا له إلا من خلال الإجراءات الدستوريه التي يجب أن تضمن للنائب صلاحيات أوسع من تلك الصلاحيات الشكلية القائمة حاليا وبحيث يكون شريكا في إتخاذ القرار إلى جانب الرئيس.
ثامنا :-
يتم تشكيل هيئة إستشاريه من القيادات البارزرة للأحزاب القائمة على الساحه ومن الشباب المستقلين ومن كل مكونات المجتمع اليمني والقوى الفاعلة المشهود لها بالخبرة والكفاءه والنزاهه بما فيها قيادات معارضة الخارج ، تمثل بمجملها جمعية وطنية إنتقاليه تقوم برعاية تعديل بعض مواد الدستور الضرورية لإدارة المرحلة الإنتقاليه إذا ماتم التوافق على ذلك وكذلك رعاية إجراء العملية الإنتخابيه ، ويتم تشكيل هيئة من ذوي الخبرة والنزاهة من بين صفوفها على أن يكون الشباب المستقلين ممثلين فيها بشكل رئيسي وتكون مهمة هذه الهيئة القيام بالإشراف والرقابة على الإنتخابات بشكل دقيق وصارم ووفقا لأعلى معايير النزاهه والشفافية المتبعة في كل دول العالم بحيث تكون نتائج الإنتخابات معبرة عن الإرادة الحرة لأبناء الشعب اليمني ، ويتم إختيار هيئة أخرى للبت في الطعون الإنتخابيه من قبل كبار القضاة المستقلين والمشهود لهم بالخبرة والكفاءه.
تاسعا:-
يمنع الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو عضوية البرلمان أو رئاسة الحكومة من قبل رئيس أو أعضاء الحكومة الإنتقالية مالم يكون قد قام بتقديم إستقالته خلال المدة القانونية المتاحة لذلك كما يحظر نفس الأمر على أعضاء الهيئة التي تقوم بالإشراف على الإنتخابات وللدورة البرلمانية التي تقوم بالإشراف عليها كما يحظر أن يكون من بين أعضاء الهيئة من لهم صلة قرابة بالمرشحين أو بالقيادات العليا للدوله من سابق والمحددين في البند الثاني من الضوابط المقترحة للنقاش ، وتكون خلال عملية الإنتخابات كل مؤسسات الدولة من الرئاسة وحكومة الوحدة الوطنية وحتى الجمعية الوطنية ملزمة جميعها إلزاما كاملا بتوفير الأجواء المناسبة ورعاية العملية الإنتخابيه بكل حياديه وبمجرد الإنتهاء من إجراء الإنتخابات تكون حكومة الوحدة الوطنية ملزمة بتسليم قيادة الحكومة للطرف الذي حاز على أغلبية المقاعد في البرلمان وفقا للضوابط الدستوريه ويكون الرئيس الإنتقالي ملزما بتسليم السلطة مباشرة لمن يختاره الشعب رئيسا له.
عاشرا:-
يقوم مجلس النواب الجديد بإدارة عملية الحوار بين كافة أطياف المجتمع اليمني للخروج برؤية موحده لنظام الحكم الذي يجب أن تقوم عليه إدارة البلاد وحل المشاكل التي يعاني منها البلد وأبرزها قضية الجنوب وصعده والقيام بإعداد دستور جديد وفقا لما ينتج عن عملية الحوار في الساحة الوطنيه ، ويكون من المهام الأولية والرئيسية للسلطة المنتخبه من قبل الشعب إعادة هيكلة الجيش والمؤسسة الأمنية والقضاء والنظام التعليمي بموجب ما ينص عليه الدستور الجديد بعد تعديله وإستفتاء الشعب عليه وبما يضمن تعميق الولاء لله والوطن والثوره والوحدة الوطنيه وتعزيز التلاحم بين أبناء الشعب الواحد وتطبيق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن وإعادة بناء القيم الأخلاقية والوطنية في المجتمع والإرتقاء بالعمل المؤسسي المدني بعيدا عن أي تأثيرات أو نفوذ وان يعلوا مبدأ العدالة وتطبيق القانون على كل ما سواهما...
وهكذا فإننا نكون قد وضعنا اللبنات الأولى للعمل الثوري في مساره الصحيح بحيث يكون الإنطلاق من خلال ذلك نحو الفعل وبإرادة وطنية حره ، بدلا من محاولة البعض للإنحراف بمسار الثوره وتحويل إرادتها إلى مفعول بها مبنية بأفعالها نحو المجهول لا سمح الله.
* (المحور الثالث من الورقة التي قدمتها في الحلقة النقاشيه التي أنعقدت في منتدى الحمدي في ساحة التغيير في صنعاء يوم الخميس 23/ 6/ 2011م بعنوان ضمانات نجاح الثورة اليمنية وتحقيق أهدافها المشروعه).