الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤١ مساءً

و يسألونك عن الحمقى!

عبد الرحمن العسلي
الاثنين ، ١٣ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
إنّ قدر الحمقى أن يعيشوا حاملين فكرة على شكل "نقطة" ليس لها أبعاد و لا تقبل التمدد كما أنها منكمشةٌ حولَ نفسِها كعجوز "عرطوط" وســـط جبلٍ من الثلج...

الحمقى كالسُفهاء يُفكرون في إتجاهٍ واحد و بعقلية غيرهم لأن أول ما فهموه من الحياة هو جملةٌ واحـــدة إكتفوا بها : دع غيرك يُفكر لك كي لا تخسر مزيداً من الوقت و الجُهد...

الحمقى يؤمنون بعُمق بفكرة "الأُحادية" ، يؤمنون بالرجل الواحد ، الكتاب الواحد ، الفكرة الواحدة ، الطريق الواحد ، القناعة الواحدة ، الدين الواحد ، المرأة الواحدة ، الزي الواحد ، و الحق الواحد ...

الحمقى تسمعُ لتحفظ ، تتكلمُ لتنقل ، تحاور لتُدافع ، هي كالبقرة التي تأكلُ لا لتمضغ و تستفيد بل لتحتفظ به في جوفها ثم حتى إذا ما هجعت و تمددت على الأرض بدأت تجتر و تعيد أكل ما إحتفظت به كرات عديدة ، الإجترار لشيء محفوظ لا يُنتج شيئا جديدا بقدر ما يُشبع غريزة...

الحمقى كالنهر يجري و يُثابر و يُضيع وقته و يصرخ و يشاجر و يُجاهد و يلطش هذا و يسب هذا و يخون هذا و يُكفر هذا فقط ليصب في بحر من أرضعوه الفكرة ، يسرف في جهده و وقته ليُثبت لمولاه أنه مقتنع بالفكرة و أنه يضحي من أجلها لكنه في الحقيقة لا يدافع الا عن مولاه و سيده و أن عمله ذلك كان لإشباع لحظة إنهزام للفطرة و العقل البشري داخل مملكة البشر الخالدة...

الحمقى يتفننون في إختيار ألفاظهم حين يُصنفون الناس الى ناجح و فاشل ، الى مؤمن و كافر ، الى حُرٍ و عبد ، يختارون أعقد الجُمل العربية تركيباً ليوهموا أنفسهم بأنهم على حق فقط لأنهم قالوا جملة عربية لا لحنَ فيها و خطأ ، و يقتنعون أكثر إذا نطقوها بتجويدها : إظهاراً و إدغاماً و إخفاءً و غُنة...

الحمقى يشعرون بالفخر إذا ما سبوا او شتموا أحداً ظناً منهم أن ذلك هو إنتصارٌ للقضية و دفاعٌ عنها ، الحمقى يعشقون حتى الثمالة القواعد الميكافيلية التي تحلل لهم إتباع أقبح الوسائل للوصول الى الغايات ، يشردون خارج السرب فقط ليقولوا للناس أننا مختلفون تماما عنكم ، ليقولوا للناس أنتم على ضلالة و لا بد من أن تتبعونا او نهلك في إرغامكم على اتباعنا ، شذوذٌ فكريٌ يُهدد التوازن المستشري في المجتمع ليُستبدلَ بثقافة الحمقى الشاردة...

الحمقى يسعون للدمار بنية البناء ، يعشقون الموت تمهيداً للحياة ، الحمقى يحتاجون منا الى رعاية خاصة لكي لا ينشروا وباءهم ، لذلك علينا أن نتعامل معهم كالمرضى و ان نكون كملائكة الرحمة يُداوي مرضهم لكي لا نهك و يهلكوا و ينتشر العبث و الدمار و الفناء...