الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٩ مساءً

للإصلاحيين.. نحن بانتظار مؤتمركم

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
* نبيل الصوفي
رئيس تحرير نيوز يمن
[email protected]



كيف يمكن التعاطي مع مرور مقال عبده علي محمد السراجي، القيادي الإصلاحي –كما عرفته هذه الصحيفة- الأسبوع قبل الماضي عن الإصلاح وقيادته الحالية، دونما أي تعليقات؟
هل هو سأم إصلاحي من النقاش، أم هو تضامن مع الكاتب؟ أم هو أكبر من ذلك يتعلق بتراجع الاهتمام بالعمل الحزبي في بلادنا.
لن أخوض مع الكاتب فيما طرح، ولكن أريد، أولا الاتفاق معه في الهدف، وتحفظي –ثانيا- على قسوة التوجه الحاكم لمقاله، وتحميل الأشخاص أدوارا إيجابية أو سلبية أكثر مما يمكن أن يحتملوها.
وثالثا فباعتقادي أن أي تغيير وحديث عن الديمقراطية تلتغي قيمته حينما يتحول إلى مجرد "وسيلة للإدانة". المعنى وبوضح أننا حينما ننتقد الإصلاح أو أي حزب من الأحزاب سواء بشكل عام أو حتى حين نخصص تصريحا أو أداء أو موقفا أو أسلوب إدارة فإن الأمر لايكون مدخلا لنفي أي إنجاز لهذا الحزب أو ذلك الشخص.
قيادات الإصلاح –ومع كل الاختلاف والنقد الذي يمكن أن يوجه لها- أنجزت تحولات مهمة لها ولحزبها، ويكفي التنويه بشجاعتها الواضحة في الوصول بحزب "بدأ من أفراد قلائل" إلى اللحظة التي صرنا نحمل هذا الحزب مسئولية أن يقرر مصير توجه الديمقراطية والعمل الحزبي في اليمن. مع تأثير مهم ومراقب إقليميا ودوليا.
كما أنها وهي قيادة حزب أيدلوجي –إسلامي بالأخص-، قدمت تجربة إسلامية لا نظير لها في العالم العربي والإسلامي، أقصد العمل من داخل المشروعية الوطنية.
ولولا أننا جميعا في وطن مهضوم الحضور الخارجي لكانت تجربة الإصلاح منهجا يدرس داخل الحركات النظيرة، وهو ماكان سيثمر وعيا أفضل من تجارب العويل والبكاء والحزن والانكفاء والقطيعة التي تثقل كاهل العمل السياسي بالخطاب الإسلامي.
حتى لا أغرق في غير مرادي، أقول إننا ونحن ننتظر مؤتمر عام أكبر أحزاب المعارضة في هذه البلاد، من حيث أنه فعالية سياسية يتوجب عليها إنعاش العمل السياسي المرتبط بالأحزاب، فإن الذي يهمنا هو أن يعمل الإصلاحيون لاستعادة بريق الحزبية –ليس لهم- بل للعمل الحزبي برمته والذي تعرض وبخاصة خلال العام الأخير إلى انتقادات متواصلة يصيب المرء الخوف أن تكون أدت عكس ما أريد منها. فالحزبية في بلادنا لا تزال جدارا قصيرا يمكن للجميع القفز عليه لتحميل من وراءه مشكلات كل البلاد، مع أن الحزبية لم يتح لها حتى الآن التموضع بشكل صحيح.
مؤتمر عام الإصلاح ليس شأنا تنظيما خاصا بالإصلاحيين، كما أن قيمته الحقيقة ليس "السجال" حول تغيير الأشخاص من عدمه.
بل قيمته في أنه يمكن أن يجدد ديمقراطية يشتكي الإصلاحيون كثيرا من أخطائها. والمدخل هو أن نرى فعالية إصلاحية تعيد للرأي العام اعتباره، عبر إنعاش الحوار حول "الإصلاح" الحزب الذي يحتاجه اليمنيون، لا الذي يريد لا كاتب هذه السطور ولا الأخ السراجي ولا قيادة الإصلاح.
ننتظر من الإصلاحيين وقيادتهم أن تكون الأيام السابقة لمؤتمرهم -وقد صار موعده قريبا، مدخلا لتتعلم المؤسسة الرسمية قبل الحزبية كيف تحترم التوجهات العامة، وكيف تصنع السياسات شراكة بين التكنوقراط المتطوعين في الأحزاب –قيادة وقواعد- وبين الشارع الذي هو صاحب "السيادة" باعتباره الناخب الذي يقرر قوة هذا الحزب وضعف ذاك. وصواب هذا التوجه أو ذاك القرار من عدمه.
نريد أن نرى مقرات الإصلاح وهي خلايا نحل ليس لترتيب أوراق الانتخابات، فباعتقادي أن الأهم من تغيير الأشخاص هو تغيير المناهج والسياسات وإلا صار الجديد محكوما بقواعد عمل القديم أو بالأصح عاملا مهمته الوحيدة "المحافظة على وديعة المؤسسين".
ليس مطلوبا من الإصلاحيين تغيير برنامجهم السياسي، ولا صياغة أنيقة لبيانهم الختامي. المطلوب فقط أن يكون مؤتمرهم جسرا يعود من خلاله العمل الحزبي في اليمن إلى مكان الصدارة. والأمر يقتضي العمل بسماء مفتوحة وحرص على الحوار العام وليس المغلق.
إننا نخسر كل يوم جزءا من قوة حزب، وهو مايعني أن التحديات أمام هذه البلاد تزداد يوميا. وباعتقادي أنه لايكفي الحديث عن أثر المؤسسة الرسمية، فالإصلاحيين الذين يكثرون اليوم من العويل من تصرفات السلطة، كانوا بالأمس يعملون في ظروف من السوء لايمكن مقارنتها بما يحدث اليوم أبدا. ولكنهم كانوا أصحاب مشروع مكتمل الوضوح، وهو كان حاجة الأمس.
المطلوب منهم اليوم أن يستعيدوا ذواتهم أولا، -مشروع مكتمل حسب حاجة اليوم- كحزب انتخابي، وذات مثل هذا الحزب يقرره الشارع العام الذي ينتظر الإصلاحيين لا كمرشدين ومفتين –وليس هذا تقليل من هذه الوظائف، لكنها وظائف لم يعد بإمكان حزب أن يحتكرها كما أن أي حزب يستسلم لاحتكارها له يحفر قبره بيده.
الشارع ينتظر مشروعا سياسيا يمكن أن يعيد للفاعلية الإصلاحية علاقتها بالإنجاز.